حرية التعبير تقود شباط إلى الحمق السياسي

حرية التعبير تقود شباط إلى الحمق السياسي

المغرب اليوم -

حرية التعبير تقود شباط إلى الحمق السياسي

بقلم - المصطفى المريزق

إنني مدين بالشكر والامتنان لكثير من الأساتذة الذين تتلمذت على يدهم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ولم يبدلوا في أخلاقهم تبديلًا.

يصعب على اليوم ذكر أسمائهم، لكن اسمحولي أن أستحضر من بينهم المرحوم الأستاذ فاضل الفوال، الذي فارقنا يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2008، وهو المناضل الاتحادي والنقابي الكونفدرالي الذي كان أول أستاذ تعلمت على يده في السنة الأولى إعدادي بـ"الإمام الشطيبي" بغفساي سنة 1976.

كان مناضلًا ملتزًما، وأستاذًا ذو كفاءة عالية وصلابة إنسانية. وأعطى فاضل الفوال أولى دروس المواطنة والنضال لجيل كامل من تلامذة جبالة بغفساي، قبل أن يزج به رفقة العديد من رفاقه وقدماء المقاومين في سجن عين قادوس في فاس. وكان له تأثير كبير على حياتي النضالية، وكان يشجع كل تلامذته برفق وإصرار على الفن والقصة والشعر والرواية والمسرح، ويساعده في هذا التوجه بعض زملائه، أذكر من بينهم: الأساتذة سريع وقرميش.

إن مثل هذا المسار المواطن، هو الذي يجب أن نعلمه ونشرحه بحنان لجيل الغد حتى يعلم أن حرية التعبير إذا لم تنطلق من الحقيقة ومن قيم الإنسانية، سيصبح الناس مثل العميان. وأن جيل فاضل الفوال وتلامذته لقنونا دروسًا في تعلم حرية الكلام بشوق ملح وبإصرار. وها نحن اليوم نعيش هذه الحرية كظاهرة عالمية تؤدي إلى المعرفة والتنوير ضد الخزي والعار، وضد الكلام المثير للغيظ والذي قد يصل إلى حد الدعوة للخيانة من أجل المصلحة.

والوقت اليوم مناسب لنتأمل في بعض الأحداث التي  نعيشها، والتي يتم التعبير عنها خلف أبواب مغلقة، أو أمام جمهور يصفق للزعيم غير مبالي بالآداب العامة، ومن دون أي اعتبار للضمير الإنساني وللعقيدة الفلسفية التي يجب أن تخلب لب الإنسان وتداعب خياله السياسي أو غيره.

وتبدأ قضية حرية التعبير من حماية القيم الاجتماعية من أفكار الشعوذة، ومن الكلام المبتذل، ومن الدعوة للكراهية والعنصرية والتعصب والتحيز والعنف، وتنتهي بإعطائها أفضل الفرص لكي تناصر قضايا الديمقراطية والحرية. وإذا كانت النداءات والخطابات الطائشة التي يطلقها مزاجيا زعيم الحزب الذي لازال يحتفظ باسم المهمة الوظيفية (استقلال المغرب) التي كان يؤديها في المرحلة الكلونيالية إلى جانب حركات سياسية ومسلحة ومدنية أخرى، لا يمكن أن يسكت عليها كل عاقل و لم تجد من يوقفها، فإن شكوكنا حول مدى نقاء “السوق السياسي” ببلادنا أصبحت حقيقة ناصعة، تؤكدها المخاطر التي بات يتعرض لها نبل السياسة وكرامة من يمارسها.

أما بالنسبة للشخص نفسه، فقد لا يحتاج المرء إلى أي نوع من الاجتهادات المتخصصة في تحليل الخطاب السياسي، ليقر أن ما يرويه السيد حميد شباط من أساطير وترهات، لا تحقق له سوى اللذة في إلحاق الضرر بالآخر، وتحوله من شخصيته السياسية إلى وسيلة لانتهاك حقوق الآخرين الذين يختلفون معه.

إن المدرسة التي تلقينا فيها دروسنا الأولية على يد فاضل الفوال وغيره، نستحضرها لكي نقارن بينها وبين مدرسة لذة الإحباط ومتعة الإشباع السياسي المثير للغثيان.

وقد نقول إن الأفكار التي تصنعها مدرسة السيد حميد شباط، إنما هي حالة من اليأس السياسي الذي لا ينفع معه دواء. ومن سخرية الأقدار أن القيم الديمقراطية، وقيم الانفتاح والتسامح، تتعارض مع ثقافة الترهيب والتخويف التي يدعو إليها، كما تتعارض مع الهستيريا، ومع الذكاء الفردي الغارق في البغضاء والكراهية والإثارة الغرائزية حتى العظم.

لقد ناضلت أجيال كثيرة من أجل حرية التعبير، لكي لا تفرض السلطة قيوداً على أنواع الخطب المسموح بها، ولكي لا يخضع مجتمعنا للرقابة، ولكي تعترف الدولة المغربية بـ"الحرية الأكاديمية" بوصفها حق من حقوق الإنسان، نصت عليه دساتير العديد من دول العالم. لكن ربما للسيد حميد شباط رأي آخر، يعتبر السياسي كمالك للأرض يطرد غير المرغوبين منهم من التواجد فوق أرضه، وهذه قمة الحمق السياسي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرية التعبير تقود شباط إلى الحمق السياسي حرية التعبير تقود شباط إلى الحمق السياسي



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya