غزة ـ صفا
يرسم الاقتصاديون صورة سوداوية للوضع الاقتصادي في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة في حال استمرت أزمة إغلاق البنوك في القطاع الذي يعاني من حصار مستمر وخانق منذ أكثر من 7 سنوات متواصلة.
ويؤكد هؤلاء لـ"صفا" أن القطاع مقبل على كارثة اقتصادية قد تصل إلى الأمن الغذائي نتيجة توقف رجال الاعمال والتجار عن تحويل أموالهم إلى الشركات الموردة للبضائع، خاصة أن قطاع غزة ليس لديه مخزون كبير في المواد الغذائية.
ويعتمد القطاع على معبر كرم أبو سالم الذي يفتح نحو خمسة أيام في الأسبوع على كل ما يحتاجه من بضائع ومواد غذائية وبترول.
ويقول المحلل الاقتصادي رامي عبده إن الأمر تعدى تلبية احتياجات الموظفين إلى تلبية احتياجات السكان، وسنكون خلال الأيام القادمة أمام حالة من الشلل الاقتصادي في كافة القطاعات الاقتصادية، خاصة أننا نعتمد على الواردات من الخارج والمرتبطة بالاعتمادات التجارية.
وأضاف عبده " الأمن الغذائي سيكون مهدد خلال الايام في حال نفد المخزون، ولن يتمكن التجار من جلب مواد غذائية للقطاع المقبل، خصوصاً ونحن مقبلين على شهر رمضان المبارك".
ورأى أن الأطراف التي بيدها الحل غير معنية بحل سريع للأزمة وتراهن على خضوع أحد الأطراف، مؤكداً أن من يدفع الثمن هو سكان قطاع غزة
وتابع " واضح أن السلطة غير معنية ولا تلقي بالا كثيرا لحل اشكالية غزة، وهذا ما أثبت خلال السنوات السابقة، كما أن حركة حماس واضح أنها تعتبر أن هذه ورقة ضغط بيدها دون أن تأبه أن الامر يكون فيه انتهاك لحقوق الاخرين".
وشدد على أن الحصول على الحقوق لا يأتي بانتهاك حقوق الأخرين.
وتتواصل لليوم السادس على التوالي أزمة الرواتب وإغلاق البنوك العاملة في قطاع غزة إثر المناوشات التي حدثت حينها بين موظفي حكومتي غزة ورام الله السابقتين، احتجاجًا على صرف رواتب البعض دون الآخر.
لكن وزير العمل الفلسطيني مأمون أبو شهلا توقع أن تحل أزمة الرواتب وإغلاق البنوك خلال عشرة أيام، مشيرا إلى أنها كانت على رأس أعمال جلسة الحكومة المنعقدة اليوم الثلاثاء.
وقال أبو شهلا في تصريح مقتضب لـ"صفا" بعد انتهاء الاجتماع الذي شارك فيه الوزراء بغزة عبر الفيديو كونفرانس: "هناك وعود بحل المشكلة خلال أيام.. الأمر يحتاج إلى وقت ما بين أسبوع وعشرة أيام".
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تعهد خلال اتصال مع نائب رئيس المكتب السياسي للحركة ورئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية الخميس الماضي بدعم حكومة التوافق الوطني لتمكينها من صرف رواتب موظفيها، خصوصا موظفي الحكومة السابقة في قطاع غزة.
ضرر فادح
بدوره، أكد المحلل الاقتصادي حامد جاد على أن إغلاق البنوك يزيد من حالة التأزم المستشرية في قطاع غزة وتلحق ضرراً في جميع مناحي الحياة.
وقال :" الأمر لم يقتصر فقط على الموظفين، بل طال كافة شرائح المجتمع وعطل معظم معاملات رجال الأعمال والتجار اللذين لم يتمكنوا من تسديد التزاماتهم المالية تجاه موردي البضائع".
وشدد على أن هذا الأمر يفقد قدرة التجار على استيراد البضائع والسلع الاستهلاكية مما يؤثر بشكل مباشر على كافة القطاعات.
وأضاف " الأمر أثر بشكل مباشر على الأسرة وقدرتها الشرائية، فالغالبية العظمى يعتمد على رواتب الموظفين لتسيير امورهم اليومية، فهناك تجار صغار مبيعاتهم لا تزدهر إلى خلال بضعة أيام وهي موعد صرف الرواتب".
وأكد أن القطاع أمام كارثة كبيرة إن لم يتم حل الأمر من قبل الجهتين وتدخل أطراف وسيطة.
ويعاني قطاع غزة من حصار مشدد منذ أكثر من 7 سنوات تسبب في ارتفاع كبير في نسب البطالة واثر على الوضع الاقتصادي فيه، لكن مع توقيع اتفاق المصالحة بدت أمال المواطنين بتحسن الوضع الاقتصادي من خلال رفع الحصار.
ومر نحو أسبوع على تشكيل حكومة التوافق الوطني دون أن أي حراك على الوضع الاقتصادي في غزة، لكن أزمة أغلاق البنوك حطمت كافة الأمال بانتعاش اقتصادي قريب.
البنوك
وفي سياق أخر، أكد المحلل الاقتصادي رامي عبده أن البنوك تعلم أن الازمة لن تكون على المدى الطويل وتمثل فرصة لها لتقول إن لها دور مهم في غزة، مشيراً إلى أن الأزمة جاءت بعد دخول الأموال إلى خزينتها وتنفيذ عمليات خصومات أقساط التسهيلات الائتمانية وما تبقى من سيولة تستطيع استخدامه.
وأكد أن هذه الأزمة في حال انتهت لن يكون لها تأثيرات سلبية لأن القطاع تعود على الازمات، فعملية بناء علاقات بين التجار والموردين من الخارج عملية طويلة الامد وبنيت علاقات تجارية، لكن سيكون هناك أثر كبير في حال استمرت الازمة لفترة أطول.
حلول
ورأى عبده في الحلول أن تقدم مبادرة يلتقي عندها أطراف الأزمة، بحيث تقوم الحكومة بإعلان عن خلية أزمة تجد حلول جادة تحفظ حقوق الجميع ضمن اطار زمني معين، بالمقابل يوقف موظفو غزة احتجاجاتهم
فيما رأى جاد أن تخرج الجهات المسئولة في الحلول، لا سيما أن تتواصل الحكومة الجديدة والقديمة في غزة معا من اجل معالجة الازمة بشكل عاجل جدا.
ويتهدد قطاع غزة أزمة في توفير البترول لمحطات الوقود بسبب إغلاق البنوك أبوابها، وبالتالي توقف عملية تحويل الأموال إلى هيئة البترول في رام الله، التي بدورها توصلها إلى الشركات الإسرائيلية الموردة لوقود القطاع.
بدوره، ناشد رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة وليد الحصري وأعضاء مجلس الإدارة كافة العقلاء بالحل السريع لأزمة البنوك لما لها من أثار سلبية على القطاع الخاص الفلسطيني.
وقال الحصري في تصريح صحفي :" في ظل ما يعانيه قطاع غزة من تشديد الحصار وتدهور الاوضاع الاقتصادية تأتي أزمة البنوك لتضيف معاناة جديدة للقطاع الخاص الفلسطيني ".
وشدد على أن استمرار إغلاق البنوك سيضر بالتجار والمستوردين و رجال الاعمال لأن علاقتهم مباشرة بالبنوك من خلال الحوالات والشيكات المالية و الاعتمادات المستندية و خطابات الضمان مما يعمل على تعطيل عمل التجار ورجال الأعمال.
وأضاف " سوف يكبدهم ذلك خسائر مالية فادحة وسوف يتأثر المستوردون من الخارج بعدم استلامهم لبضائعهم وسوف يفقدون ثقة الشركات العالمية التي يتعاملون معها".
وطالب الحصري بتحييد القطاع الخاص عن اي أزمات أو تجاذبات سياسية , وضرورة العمل الفوري على فتح كافة فروع البنوك بقطاع غزة فورًا.