بنوم بنه - أ.ف.ب
يعمل عمال قطاع النسيج الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمعارضتهم رئيس الوزراء هون سين، في ظروف مثيرة للجدل في مقابل أقل من 100 دولار في الشهر الواحد لصنع الثياب التي تبيعها في الغرب مجموعات كبيرة مثل "نايكي" و"غاب".ويتظاهر أنصار المعارضة منذ الصيف للمطالبة بانتخابات جديدة بعد تلك التي أجريت في تموز/يوليو والتي شابتها في نظرهم بعمليات غش واسعة النطاق، وذلك من دون أن تؤثر تظاهراتهم كثيرا على الرجل القوي في البلاد. لكن، عندما انضم عمال قطاع النسيج المضربين إلى المحتجين، كانت ردة فعل السلطات جذرية. فقد قتل أربعة أشخاص على الاقل بالرصاص وجرح عشرات الآخرين، بحسب منظمات غير حكومية.وتعكس هذه الاستراتيجية القوة السياسية المحتملة لهذه الطبقة التي تشمل مئات آلاف العمال يشغلون قطاعا أساسيا في اقتصاد أحد أفقر البلدان في العالم.ولفت كارل ثاير من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية إلى أنه "لو سمح بدمج التيارين المحتجين أي المعارضين السياسيين والعمال المضربين، لكانا شكلا تهديدا كبيرا على نظام هون سين".ويعمل في قطاع النسيج نحو 650 ألف شخص، من بينهم 400 ألف شخص يعملون في المجموعات المتعاقدة من الباطن مع الماركات الكبيرة. ويطالب هؤلاء العمال بمضاعفة الحد الأدنى للاجور ليبلغ 160 دولارا في الشهر الواحد بدلا من 100 دولار التي اقترحتها الحكومة.وغالبا ما تكون ظروف العمل في قطاع النسيج محط جدل. وتندد النقابات بحالات اغماء جماعية تطال الكثير من العمال في الوقت عينه بسبب قلة التغذية أو الإرهاق.تعمل ربة المنزل أورن داني البالغة من العمر30 عاما عشر ساعات في اليوم الواحد طوال ستة أيام في الأسبوع. وهي أخبرت وكالة فرانس برس "يصعب علينا الصمود مع رواتب مماثلة . كما أن عمالا كثيرين يصابون بأمراض ... خصوصا بسبب المنتجات الكيميائية المستخدمة في الأنسجة".وهي لا تدعو إلى مقاطعة الماركات الكبيرة، بل تدعو المستهلكين في الغرب إلى شراء البضائع المصنوعة في كمبوديا وتطالب بالضغط على سلطات الغرب لإلزام الماركات لكبيرة بدفع مبالغ أكبر ليقدم المصنعون رواتب لائقة لعمالهم. أما زعيم المعارضة سام رانسي الذي يتكلم عن "ملابس الدماء"، فهو دعا من جهته المستهلكين إلى "التأكد من أن قطرات الدم لا تلطخ الملابس التي يشترونها".وقام هون سين الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ العام 1985 بتحويل كمبوديا من بلد خارج من عقود من الحرب الاهلية إلى أحد الاقتصادات الأكثر دينامية في جنوب شرق آسيا.لكن غالبا ما تتهم حكومته بغض الطرف عن حقوق الإنسان وكم أفواه المنتقدين. ومن المفترض أن يمثل سام رانسي ومعاونه كيم سوكها أمام القضاء الأسبوع المقبل بتهمة إثارة الشغب.ويعتبر المدافعون عن حقوق الإنسان أن القمع الدموي للعمال المسلحين بالحجارة والزجاجات الحارقة كان حجة لإفشال تجمع سلمي للمعارضة في اليوم التالي وتفادي أي تجمع آخر.لكن العمال تعهدوا بمواصلة الاحتجاجات.وقال كهيم فات (42 عاما) الذي يعمل في مصنع يتعاقد خصوصا مع مجموعة "نايكي" "سنستمر في المطالبة برواتب أفضل حتى تتحقق مطالبنا". أما الماركات العالمية، فهي دعت من جانبها إلى تجنب أي تجاوزات جديدة.وقالت لورا ويلكينسن الناطقة باسم مجموعة "غاب"، "نعارض العنف بجميع أشكاله"، مطالبة بإجراء مفاوضات حول الرواتب، تماما مثل مجموعتي "إتش اند ام" و"نايكي".وتسلط هذه الأزمة الضوء على المعضلة التي تواجه المصنعين، بين تحقيق مطالب عمالهم وتلبية رغبات المستهلكين في الحصول على ملابس بعد أرخص.وقد كلفت الإضرابات قطاع النسيج 200 مليون دولار. وإذا لم تحل هذه الأزمة، ستفقد البلاد ميزتها التنافسية وتستبدل بغيرها في السوق.