دبي ـ المغرب اليوم
الأداء المخيب للآمال لمؤشرات المدى الطويل في السوق المتمثلة في أسعار السلع، يشير إلى توقع ابتكارات أعظم من قبل «وول ستريت» في مقبل الأيام. ويقول غريغوري ماير، المحلل في «فاينانشيال تايمز»: إنه وفي العام 2012 وعندما كانت السعادة تنتاب المديرين التنفيذيين في قطاع الطاقة والمختصين في مجال السياسة من تكساس إلى بنسلفانيا بسبب وعود طفرة الغاز الصخري المضطرمة، كانت أرقام إنتاج الغاز القياسية في الولايات المتحدة تسبب مشكلة في مكاتب مؤشرات «داو جونز» و«إس آند بي» في وسط مانهاتن، حيث كانت طاقة المخزونات الفائضة تملأ كهوف التخزين ويقود تراجع عوائد عقود الخام المستقبلية لتعطيل أحد أهم المعايير التي يستخدمها المستثمرون.
كان العائد الإجمالي لمؤشر «إس آند بي جي إس سي آي» لإمدادات الغاز قد انهار ليبلغ 0.58 من مستوى 100 عندما تم إطلاقه. وكما يتذكر مايكل مكجلون، كبير مديري فهرسة السلع لدى «إس آند بي» سابقاً: «انخفضت قيمة المؤشر إلى مثل هذا المستوى المتدني للحد الذي أصبح معه عائقاً يحول دون تمكن الناس من تسعير المنتجات عنده، وإنه لمن الصعب أن تتبع مؤشراً يجري تسعيره عند مستويات تقل عن ذلك».
وكان حل خبراء مؤشر «إس آند بي» لهذه المعضلة يتمثل في ضرب رقم مؤشر الغاز في مئة، بما يشبه إحداث الانقسام العكسي للسهم، وبالنسبة للمستثمرين فقد كان ذلك تجسيداً للنقص الماثل في المؤشرات المصممة لتتبع أسعار السلع، وزادت المخاطر مع تبني المستثمرين للرأي القائل: إن السلع تعمل بمثابة مقياس للنمو الاقتصادي وتحوطاً في مواجهة التضخم، وهو ما يجعلها في فئة الأصول الحسنة النية. وقد ظلت المؤشرات التي تعرض أسعار السلع الأساسية موجودة على مدى عقود، ولكن مؤشر السلع القابلة للاستثمار، «أين يمكن للمستثمر المالي أن يكون قادراً على تكرار العوائد التي يقيسها المؤشر»، كما كتب بوب غرير، ونيك جونسون، ومهر وورا، المديرون في «بيمكو» في كتاب لهم حول الموضوع، أصبح تجارياً فقط عندما تم إطلاق «مؤشر غولدمان ساكس لأسعار السلع» في العام 1991، ثم باعه «غولدمان» وأصبح يعرف باسم «مؤشرإس آند بي جي إس سي آي».
وفي عام 1997 أطلقت شركة التأمين «إيه آي جي» مؤشراً آخر للسلع هو الذي عرف فيما بعد باسم «داو جونز يو بي إس»، والذي يشار إليه الآن على أنه مؤشر بلومبيرغ للسلع أو «بي كوم». ويقدر غرير وزملاؤه الأصول التي تتبعها مؤشرات السلع في العام 2000 بـ 10 مليارات دولار، وتضخم ذلك الرقم إلى 156 مليار دولار، وفقاً لـ «باركليز»، مع تتبع غالبية الصناديق لمؤشرات «جي إس سي آي» و«بي كوم». ويقول «باركليز»: إن المستثمرين في مؤشرات السلع يشكلون قسطاً وافراً من بعض الأسواق، وهم يحوزون أكثر من 30 في المئة من العقود المستقبلية (الآجلة) للقمح الأمريكي والذرة والقطن، وربع سوق البنزين. وجذبت الوطأة الثقيلة لمؤشرات «جي إس سي آي» و«داو جونز يوبي إس» مجتمعين للأعمال التجارية في أسواق السلع، تساؤلات من وزارة العدل الأمريكية عندما استعرضت تشكيل مؤشرات «إس آند بي داو جونز» في العام 2012، والتي هي مشروع مشترك بين مجموعة «ماكغرو هيل» المالية ومجموعة «سي إم إي».
ومع ذلك فقد كان العائد على المؤشرات سيئاً للغاية من حيث الأداء، مع وجود مؤشر «بي كوم» عند أدنى مستوى له منذ العام 2002، واستجابت «وول ستريت» لذلك عن طريق اختراع مؤشرات جديدة للسلع ترمي لتجنب نقاط الضعف السابقة. ويدفع بعض المديرين حدود المؤشرات ويعيدون هيكلتها بوصفها بدائل لصناديق التحوط السلعية التي صد أداؤها المعتدل وتكاليفها المرتفعة المستثمرين. وتقول كاتي كريسكي، رئيسة مبيعات السلع للمستثمرين لدى «آر بي سي كابيتال ماركيتس»: إن بعض منتجات المؤشرات المخصصة في المصرف الذي تعمل به «تبدو شبيهة للغاية بـ (مستشار لتجارة السلع) أو صندوق تحوط». رهان مباشر على اتجاه الأسعار
يمتلك بنك «كريدي سويس» مؤشرات تمضي لما هو أبعد من أن تكون قابضة لتتدحرج إلى أن تكون مراكز طويلة (عمليات الشراء) في عقود السلع، ومع أسماء مثل «كستوم 88» و«درايفرز آند موفرز»، فإننا نجدها تبحث عن توليد عوائد عن طريق القيام بعمليات شراء أو بيع للسلع الفردية.
ومع ذلك فإننا نجد أن هذا الفضاء المتسع لمؤشرات السلع يجعل من الصعب بالنسبة للمنظمين والاقتصاديين دراسة الآثار المترتبة عليه، حيث لا يزال بعض الاقتصاديين ينظرون للاستثمار في مؤشر السلع باعتباره رهاناً مباشراً على اتجاه الأسعار للأعلى. وخلصت دراسة حديثة قام بها كل من غاري غورتون و كيه خيرت راونهيرست، من جامعة ييل، وهما أكاديميان ساعدت أبحاثهما في إطلاق شرارة استثمارات السلع قبل 10 أعوام، إلى أن مؤشرهم المخصص لأسعار السلع يقدم نفس العائدات التي للأسهم من دون أن يتحرك في نفس الاتجاه مع الأسهم أو السندات، وهو موقف جريء في ظل الانخفاض الحادث في أسعار النفط والحبوب والمعادن. ويطعن كيفن نوريش، رئيس أبحاث السلع في بنك «باركليز»، في ذلك ويجادل بأن الأكاديميين استخدما مؤشراً غير قابل للاستثمار يتتبع الحليب والخشب وغيرها من الأسواق الصغيرة جداً لاستيعاب مقادير أكبر من أموال المستثمرين، وكما يقول: إن اعتقادهما في أن يقوم منتجو السلع الأساسية بدفع «أقساط تأمين» للمستثمرين لأجل التحوط لإنتاجهم يعتبر تبسيطاً مخلاً للسوق. وكتب نوريش قائلاً: «لا تزال هناك الكثير من الفرص للمستثمرين في أسواق العقود الآجلة للسلع، ولكن لا يعتبر تتبع أحد المؤشرات طريقة مثالية لاقتناص تلك الفرص».