الكويت - كونا
اكد خبيران نفطيان عدم تأثر الموازنة العامة لدولة الكويت بانخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية حاليا طالما لم تهبط الاسعار عن السعر الافتراضي لبرميل النفط في الموازنة العامة والمقدر ب 75 دولار للبرميل.
واستبعد الخبيران الكويتيان في لقاءين منفصلين مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم هبوط اسعار النفط تحت مستوى السعر الافتراضي لبرميل النفط في الموازنة العامة لدولة الكويت خلال العام الحالي متوقعين ان تعاود الاسعار الصعود مع بداية العام الجديد 2015.
ولفتا الى انه وبالرغم من عدم تأثر الموازنة بانخفاض الاسعار فانه من الضروري ان تضع الكويت خططا مدروسة لخلق مصادر أخرى للدخل القومي غير النفط مشددان على ان اعتماد الدولة على النفط في ميزانيتها العامة كمصدر شبه وحيد للدخل بنسبة تفوق ال 90 في المئة يعرضها للمخاطر نظرا لتقلبات الاسواق النفطية وبحكم النفط ثروة طبيعية ناضبة وإن طال أمدها لسنوات.
واوضحا ان الاضطرابات المتعاقبة في السوق النفطية حتى وإن كانت متباعدة ستضر بالميزانية العامة للدولة مستقبلا مشيرين الى ضرورة الاسراع في وضع الحلول للتخلي عن النفط كمصدر رئيسي للدخل حتى وإن عادت السوق النفطية للازدهار من جديد.
ولفت الخبيران الى ان الكويت تخسر يوميا مبالغ كبيرة بعد أن انخفضت اسعار النفط من حوالي 110 الى 82 دولارا للبرميل.
ومن جهته اكد الخبير النفطي ومدير الابحاث السابق في منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) الدكتور حسن قبازرد انه لا خوف على الميزانية في الكويت "لأن اسعار النفط لو انخفضت اكثر ستضر كثيرا بإنتاج النفط الصخري وبدائل النفط".
وبين ان النفط الصخري لن يصمد امام النفط التقليدي طويلا وان الكويت تستطيع الصمود حيث ان سعر برميل النفط في ميزانيتها بحدود 75 دولار في حين هو في ميزانية دولة كإيران وفنزويلا يصل الى 130 دولار للبرميل كما ان الكويت لديها مدخرات مالية كبيرة خلال السنوات الماضية ما يجعلها تستطيع الصمود لفترة طويلة حتى وان هبطت الاسعار الى القاع.
وحول الخطوة المنتظرة من منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) للحد من انهيار الاسعار افاد قبازرد بان (اوبك) لا تستطيع عمل شيء الآن وحتى وقت الاجتماع المرتقب في الشهر المقبل لافتا الى ضرورة ان تترك اوبك السوق ليوازن نفسه بنفسه بعد ان دخله الكثير من غير المتخصصين واصحاب الشأن وتسببوا في تذبذب الاسعار واضطرابها "وموازنه السوق ستطهره من الدخيلين عليه". وشدد على ان الكويت بحاجة لدراسة عاجلة وخطة مدروسة لتنويع الدخل القومي لها وعدم الاعتماد على النفط بهذه النسبة الكبيرة من الدخل القومي كما انها بحاجة عاجلة لترشيد الانفاق على ان ينفذ ذلك بسرعة.
وافاد بانه آن الآون أن نبحث عن المصادر الاخرى للدخل حتى وإن عاد النفط لمستوياته السابقة حيث لابد من تنويع مصادر الدخل.
واضاف ان كل ما يحدث في الاسواق النفطية يؤكد ضرورة عدم الاعتماد عليه كمصدر رئيسي للدخل مشيرا الى ضرورة اجراء دراسات لرفع الدعم عن الطاقة لا تمس بصاحب الدخل المحدود وانما ترشد الاستهلاك وتتعامل بعدل مع المسرفين وبشرط عدم الاضرار بالصناعة الوطنية.
واوضح أن اسواق النفط ورغم انخفاض الاسعار ليس بها مشكلة وانما الامر يعود للتجاذبات السياسية وهو انعكاس للاقتصاد العالمي الضعيف الذي حذر منه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
واشار الى ان الدولة الوحيدة التي تسجل نموا واضحا هي الولايات المتحدة في حين الاقتصاد الاوروبي يعاني خصوصا في ايطاليا واليونان واسبانيا وحتى الدولة الوحيدة التي كان اقتصادها مبشرا وهي المانيا الآن تخرج بيانات ضعيفة بشأن اقتصادها.
ولفت قبازرد الى ان نسبة انتاج النفط خلال السنوات العشر الماضية زادت بنسبة 10 في المئة من دول خارج منظمة (اوبك) مشيرا الى ان انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري اصبح اكثر من 5ر3 مليون برميل يوميا وهناك زيادة متوقعة.
وافاد بانه من المتوقع ان يصل اجمالي انتاج الولايات المتحدة الى 5ر12 مليون برميل وفي السنة القادمة سيكون 5ر13 مليون برميل اما روسيا فقد اصبحت تنتج 5ر10 مليون برميل وهو رقم قياسي لها علما بان استهلاك النفط في العالم يرتفع بنسبة اقل من نسبة الزيادة في الانتاج.
واشار الى ان المشاكل الجيوسياسية والتي كانت تؤثر على الاسعار بشكل كبير قبل فترة لم يعد لها ذلك التأثير حاليا لافتا الى ان دولة مثل ليبيا والتي وصل انتاجها قبل اشهر الى 150 الف برميل عاد ليرتفع الى 900 الف برميل حاليا كما ان العراق والذي يعاني من مشكلات كبيرة اصبح حاليا ينتج 5ر3 مليون برميل في حين كان انتاجه العام الماضي 5ر2 برميل فقط.
واوضح ان ايران وبعد ان اقتربت من اتفاق مع دول (5+1) دخلت السوق بكميات كبيرة مشيرا الى ان المضاربات قلت في السوق النفطية بعد ان اساسيات السوق "وكل هذه العوامل ادت الى انخفاض الاسعار".
واشار الى انه من العوامل التي ادت للانخفاض حلول موسم ما قبل فصل الشتاء ودخول عدد كبير من المصافي في الصيانة وهو ما ادى لقلة الطلب متوقعا ان لا تنخفض الاسعار لما دون ال 75 دولار.
وعلل قبازرد توقعه بان المخزونات الاستراتيجية للدول المستهلكة وعلى رأسها الولايات المتحدة ليست مرتفعة لأرقام قياسية اضافة الى ان الطلب الموسمي سيرتفع بسبب عودة المصافي لكنه في الوقت ذاته توقع ان لا تعود الاسعار لمستوياتها السابقة عند 110 و 120 دولارا للبرميل وانما ستنهي العام عند مستوى بين 85 الى 90 دولارا للبرميل ومن ثم تعاود الصعود تدريجيا.
وبخصوص النفط الصخري (حديث التأثير في الاسواق النفطية العالمية) اكد قبازرد ان كلفة انتاج البرميل من هذا النوع تتراوح بين 45 الى 100 دولار بحسب التقنية المستخدمة وموقع تواجده وتوفر المياه والمشاكل البيئية وغيرها.
واعتبر هبوط الاسعار لأقل من 80 دولار هو خسارة لبعض منتجي النفط الصخري "وبالتالي تؤدي تلك الاسعار لتراجع في نمو ابار الحفر للنفط الصخري والحديث يدور حاليا عن خسائر الصخري".
واشار الى ان النفط الصخري موجود في دول عده ولكن به مشاكل عديدة لذلك لا تنتجه تلك الدول في حين ان الولايات المتحدة لديها اراضي شاسعة المساحة وبعيدة عن المناطق السكنية لذلك لا تواجه ازمة بيئية كبيرة كما تلك الدول التي لا تستطيع انتاجه حتى لا تعرض صحة سكانها للخطر.
وبين قبازرد ان التوقعات تشير الى ان الولايات المتحدة ستنتج من النفط الصخري بين 5 الى 6 ملايين برميل يوميا في 2018 او 2019 لكن انتاجه بعد الوصول لمرحلة الذروة في تلك السنوات سيتناقص مؤكدا ان التناقص في النفط الصخري تبلغ نسبته 10 اضعاف النفط التقليدي.
وتابع قائلا ان ما يحدث هو مجرد تجاوب مع الاساسيات الفنية للسوق وخلال الاشهر القادمة سيتعافى هذا السوق ويعوض بعض خسائره حيث انه وعلى المدى البعيد ووفقا للدراسات التي خرجت من هيئات معتبرة سيزيد احتياج العالم من النفط ليصل الى نحو 99 مليون برميل يوميا في 2020 ونحو 110 مليون برميل في 2030.
وقال انه من المتوقع من الان وحتى 2018 ان يصل الاحتياج لنفط اوبك الى 28 مليون برميل يوميا علما بان الانتاج الحالي نحو 31 مليون برميل وهذا بسبب الزيادة في انتاج الدول من خارج اوبك لكن نفط اوبك سيزيد الطلب عليه من 28 مليون برميل الى 37 مليون برميل باليوم بشكل تصاعدي من 2018 حتى 2035.
من جهته قال الخبير في استراتيجيات النفط الدكتور جاسم بشارة ان ما ينطبق على الكويت ينطبق على معظم الدول الخليجية فهي دول تعتمد في موازناتها العامة على النفط كمصدر رئيسي للدخل وفي الكويت يعد ذلك التدهور في الاسعار ناقوس خطر يحذر من الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للدخل القومي.
واكد بشارة ان خسائر النفط ستؤثر حتما على ميزانية الكويت مع مرور الوقت وهو ما قد يجبر الدولة على وضع اولويات للصرف على المشروعات مشيرا في الوقت ذاته الى ان الدولة لديها وفرة مالية تجعلها تتحمل الاختلال في السوق ولكن ليس لمدى بعيد وهو ما يفرض وضع خطط تحفظية على منهجية الاقتصاد الكويتي القائم على النفط كمصدر وحيد للدخل.
وذكر ان الكويت تستطيع ان تتعايش مع انخفاض الاسعار حتى 50 دولارا للبرميل لكن هذا يعتمد على سعر الاساس الافتراضي الموضوع لبيع النفط والذي اسست عليه الموازنة العامة للدولة مؤكدا "لم نصل لعنق الزجاجة حتى الان ونتمنى عدم الوصول اليه لكن النقصان من العائد متوقع".
ولفت الى ان الكويت لم تخسر في الواقع من انخفاض اسعار النفط وانما ما حدث هو قلة الربح المتوقع مشيرا الى ان الدولة تعايشت سابقا مع سعر 60 دولارا وحتى 30 دولارا للبرميل "وعلينا كدولة ترتيب ميزانياتنا ومصروفاتنا بحسب المتوفر".
ولفت الى ان الحديث عن تنويع مصادر الدخل القومي ليس وليد اللحظة وانما هو امر له عشرات السنين يتم الحديث عنه وكانت الخطورة واضحة في فترات كثيرة سابقة ولكن عودة ارتفاع الاسعار تؤخر العمل على ايجاد مصادر اخرى للدخل دائما.
واكد بشارة ضرورة تعظيم الفائدة من برميل النفط بما يعرف بالقيمة المضافة للبرميل الخام مشيرا الى ضرورة العمل على الصناعات اللاحقة والصناعات اللاحقة للصناعات اللاحقة (دون دون ستريم) حيث ان الثروة الهيدروكربونية بها مركبات كيميائية تصل الى 5 آلاف مركب كيميائي سواء الاساسية او المتوسطة او غيرها.
واقترح الدخول في صناعات بتروكيماوية لاحقة بمشروعات عملاقة حيث ان العائد من المنتجات النفطية والبتروكيماويات يصل الى خمسة وعشرة اضعاف من العائد من البرميل الخام.
وقال "كنا في الكويت اول من بدأ في صناعة البتروكيماويات في المنطقة ولكننا لم نستمر بنفس الوتيرة في التوسع على الرغم اننا نمتلك الاساس وهو النفط حيث ان صناعة البتروكيماويات لا تعتمد على الغاز فقط كمادة خام لهذه الصناعة بل هناك ما يعتمد على (النافثا) التي تنتجها مصافي تكرير النفط".
ورأى ان الامر يستلزم انشاء بنى تحتية ومصانع للبتروكيماويات للخروج بمنتجات متخصصة ويجب علينا مراجعة الدورة المستندية لان سوق البتروكيماويات سوق متحرك مع التمتع بنظرة مستقبلية ثاقبة للسوق والتطورات الحاصلة فيه وان نوفر المنتجات الجديدة اولا بأول ومواكبة تلك التطورات حيث ان هذه الصناعة استراتيجية ولا تتحمل التباطؤ او الانتظار.
وشدد على انه من الضروري العمل على جانب آخر وهو رعاية الصناعات الصغيرة والمتوسطة ضاربا المثل بدول تعيش على هذه الصناعات بما يعادل 60 في المئة من دخلها القومي رغم انه لا تتوفر لديها المواد الخام.
وبين ان من اهم وافضل الاساليب للحصول على عوائد كبيرة هو استثمار عوائد النفط في مشاريع منتجة في مجالات اخرى داخل وخارج البلاد حتى يتحقق هذا التنوع في مصادر الدخل بشكل حقيقي ووفقا لأكثر من مجال واكثر من منطقة حتى اذا ما حدث خلل في مجال ما لا ينسحب ذلك على المجالات الاخرى.
وافاد بان خسارة السوق النفطية خلال الاشهر الاخيرة كبيرة جدا من نحو 115 دولارا للبرميل الى نحو 80 او 82 دولارا مزيج برنت موضحا ان الفائض في السوق والفرق بين العرض والطلب على المستوى العالمي لا يتجاوز 350 الف برميل يوميا لكن سيكولوجيا اسواق النفط خلقت ذلك الهلع.
واشار الى ان معدل الانتاج العالمي يبلغ نحو 8ر91 مليون برميل في حين الاستهلاك او الطلب يبلغ نحو 5ر91 مليون برميل وهو ما يعني ان الفرق بسيط لكن واقع سوق النفط ان ال500 الف برميل الاخيرة هي التي تحدد الاسعار.
وتوقع بشارة وصول الانتاج العالمي في 2015 الى 6ر92 مليون برميل والاستهلاك 7ر92 مليون برميل يوميا وهو ما يعني ان الاسعار سترتفع مشددا على انه لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بالنسبة لمستقبل النفط لعدة اسباب ابرزها الاشكاليات الجيوسياسية.
واعطى لمحة تاريخية على اسواق النفط مذكرا بما حدث في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وهبوط الاسعار لما دون ال 10 دولارات للبرميل وما تكرر في اواخر التسعينيات وهبوطها لذات المستوى مرة أخرى متوقعا ان لا تتخذ (اوبك) اجراء في الوقت الحالي نظرا لان التباطؤ في الاسواق ليس بحدة ما كان في منتصف الثمانينيات واواخر التسعينيات.
وتوقع ايضا ان تستقر الاسعار عند 80 دولارا لبرميل مزيج برنت اذا لم تشتعل حرب اسعار بين المنتجين لافتا الى ان نشوب حرب الاسعار سيأخذ بها الى ما دون ال80 دولارا بكثير والامر لا يتوقف عند النفط الخام وانما ينعكس ايضا على المنتجات البترولية والغاز.
وحول تطور انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وهو ما اثر على السوق النفطية العالمية اكد بشارة ان النفط الصخري يعد احد اهم المحددات التي زادت من مستويات العرض في السوق مشيرا الى انه لم يكن يتعدى 500 الف برميل يوميا في العام 2010 ثم زاد الى 900 الف في 2011 ثم 4ر1 مليون برميل في 2012 ثم 8ر1 مليون في 2013 واخيرا وحتى الان في 2014 وصل الى 4ر2 مليون برميل.
وافاد بانه من المتوقع ان يصل انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري الى 7ر2 مليون برميل يوميا في 2015 ثم 1ر3 مليونا في 2016 ثم 4ر3 مليونا في 2017 مشيرا الى ان هذه الكميات ضخمة جدا وتؤثر على الاسعار بشكل كبير ومن المنتظر ان يصل انتاج الصخري الى الذروة في 2020 ومن ثم يتراجع الى مستوياته في التسعينيات.