الكويت ـ بنا
تستثمر دولة الكويت مبلغ يتجاوز 17 مليار دولار امريكي اي ما يعادل 6ر4 مليار دينار كويتي في تطوير مصافيها النفطية تحت مظلة مشروع طموح يسمى (الوقود البيئي) والمتوقع افتتاحه عام 2018.
ويهدف هذا المشروع العملاق الذي بدأ تنفيذه في شهر ابريل من هذا العام2014 الى تحديث وتطوير اكبر مصافي النفط في الكويت وهما مصفاتي (ميناء الأحمدي) و(ميناء عبدالله) من خلال اضافة وحدات تصنيعية جديدة ترفع القدرة التكريرية لهما وتتيح انتاج منتجات بترولية عالية الجودة متوافقة مع المواصفات العالمية الاكثر تشددا من ناحية الحفاظ على البيئة.
وبحسب شركة البترول الوطنية في تقرير لها خصت به وكالة الانباء الكويتية (كونا) فان اهمية مشروع الوقود البيئي تأتي من كونه سيحقق مجموعة من الأهداف المهمة للقطاع النفطي وللاقتصاد الوطني بشكل عام أبرزها رفع طاقة المصافي الكويتية من نحو 936 الف برميل يوميا من النفط الخام الى نحو 4ر1 مليون برميل اي بزيادة قدرها 47 بالمئة وذلك بالتزامن مع مشروع المصفاة الجديدة المزمع انشائها.
واهم ما يميز المشروع هو تطوير المصافي لتصبح مجمعا تكريريا متكاملا قادرا على توفير احتياجات السوق المحلي والاسواق العالمية من المنتجات البترولية وفقا لمتطلبات اكثر الشروط البيئية تشددا.
وقالت شركة البترول الوطنية ان المشروع سيعمل على تحويل المشتقات الثقيلة ذات القيمة الاقتصادية المنخفضة (كمادة زيت الوقود الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت) الى منتجات بترولية ذات قيمة اقتصادية عالية الجودة كوقود الطائرات والديزل.
واضافت الشركة ان المشروع علاوة على ارتقائه بأداء المصافي على صعيد البيئة والاستخدام الامثل للطاقة وزيادة القدرة التكريرية ومستويات الأمان فيها فانه سوف يقوم بخلق فرص عمل جديدة وبخاصة للعمالة الوطنية.
وذكرت أن مشروع (الوقود البيئي) سوف يؤدي الى ارتفاع عدد الموظفين في شركة البترول الوطنية الكويتية من 6000 إلى 7500 موظف تقريبا مع وضع برامج تدريبية متنوعة داخلية وخارجية لمشغلي الوحدات والمهندسين والفنيين في مختلف التخصصات.
ولفتت شركة البترول الوطنية الكويتية ان الدراسات الأولية تؤكد بأن المشروع سيؤدي الى تحقيق عوائد اقتصادية ايجابية بشكل مباشر وغير مباشر على معظم قطاعات الاقتصاد الوطني لاسيما تعزيز حصة المنتجات البترولية الكويتية في الاسواق العالمية وزيادة موارد الدولة.
وأكدت ان المشروع له آثارا إيجابية على القطاعات المستفيدة بشكل مباشر منها عقود التشغيل والمساندة وخدمات التشغيل وقطع الغيار إضافة إلى قطاعات غير مباشرة كالإسكان والنقل والشحن والاتصالات والتغذية.
وأوضحت إلى أن للمشروع عائدا مجزيا على الاستثمار من المتوقع أن يبلغ نحو 5ر11 في المئة وهو ما سيعزز من قدرات مؤسسة البترول الكويتية على تنفيذ المزيد من المشروعات المجدية.
وقالت إن المشروع سيعمل على جذب الشركات الدولية العاملة في قطاع المشاريع الكبرى إلى الكويت وتحسن نظرتها إليها كسوق ناجح لممارسة أنشطة الأعمال.
وتتضمن خطط المشروع - بحسب قرار المجلس الاعلى للبترول - ان يتم انشاء مصفاة جديدة بالكامل تكون بديلا لمصفاة (الشعيبة) وذلك لإنتاج منتجات عالية الجودة علما بأنه تم إجراء أكثر من دراسة فنية واقتصادية محلية ومع مستشارين عالميين لإمكانية تطوير مصفاة الشعيبة مع الأخذ في الاعتبار المتطلبات البيئية للمنتجات والمواصفات المطلوبة حسب معطيات الأسواق العالمية.
وقد أظهرت الدراسات – بحسب تقرير شركة البترول الوطنية الكويتية - صعوبة تطوير مصفاة (الشعيبة) وعدم جدواها الاقتصادية لقدم وحدات الإنتاج وزيادة كلفة التطوير إضافة إلى محدودية المساحة المتوفرة للتطوير
ومن المقرر استخدام مرافق التخزين والتصدير البحرية الخاصة بمصفاة الشعيبة من قبل مشروع الوقود البيئي وسيتم إجراء دراسة فنية واقتصادية متكاملة لبحث إمكانية استخدام الوحدات والمعدات فيها من قبل مصفاتي ميناء عبد الله وميناء الأحمدي علما أنه سيتم استيعاب موظفي مصفاة الشعيبة في مشروع المصفاة الجديدة و مشروع الوقود البيئي.
من المتوقع أن يستوعب المشروع خلال مرحلة التنفيذ نحو 39 ألف شخص من القوى العاملة والآلاف من المعدات والشاحنات والمركبات الخفيفة في منطقة المشروع.
وبحسب شركة البترول الوطنية الكويتية فان الميزانية المعتمدة لمشروع الوقود البيئي تبلغ 680ر4 مليار دينار كويتي (ما يعادل نحو 17 مليار دولار) ونظرا لضخامته فقد تم تقسيم تنفيذ المشروع إلى ثلاث مجموعات تعاقدية وذلك وفق برنامج زمني بحيث يتم الانتهاء من المشروع في العام 2018.
ويتضمن البرنامج الزمني فترة طرح المناقصات الرئيسية الخاصة بأعمال الهندسة والتوريد والإنشاء مع دراسة وتقييم العروض وترسية العطاءات ومدتها 15 شهرا وفترة تنفيذ مدتها 45 شهرا وفترة تشغيل مدتها 12 شهرا منها 9 أشهر متداخلة مع فترة التنفيذ.
وفيما يتعلق بتمويل المشروع فإنه سيتم عن طريق مؤسسة البترول الكويتية (كيه.بي.سي) التي تقوم بوضع خطط لمتابعة تنفيذ المشاريع وتوفير المبالغ المطلوبة للصرف عليها.
ووفقا لما هو متبع بالنسبة للمشاريع الكبرى التي تنفذها الشركات التابعة للمؤسسة تتم دراسة خيارات التمويل اما عن طريق الاقتراض من البنوك ومقارنة ذلك بتمويل المشروع ذاتيا وما هو الأفضل بالنسبة لجدوى واقتصادات المشروع.
أما بالنسبة للشركات العالمية التي رست عليها عقود انشاء مشروع الوقود البيئي فهي (جيه جي سي) اليابانية والتي عملت في السابق مع الكويت عندما بنت مصفاة ميناء الأحمدي مطلع ثمانينيات القرن الماضيوشركة بتروفاك البريطانية وشركة فلور الامريكية Flour.
وقد تم تأهيل الشركات المذكورة حسب الأنظمة المتبعة بشركة البترول الوطنية الكويتية وأخذ كافة الموافقات التابعة للجنة المناقصات المركزية - وبحسب الشركة - فإن الشركات الاجنبية التي تم اختيارها لانجاز المشروع هي شركات مؤهلة فنيا وماليا ولوجستيا وتتم دعوتها عادة للمناقصات في المشاريع النفطية الكبرى على مستوى العالم.
ونظرا لحجم العمل ولما لهذا المشروع أثناء تنفيذه وبعد استكماله وتشغيله من تأثير كبير على شبكات الطرق المحيطة في مصافي الشركة فقد أجرت شركة البترول الوطنية الكويتية دراسة تقييم الأثر المروري للمشروع مع الخطة التصورية لإدارة الحركة المرورية والمنطقة المحيطة بها.
وتم اعتماد هذه الدراسة والموافقة عليها من قبل بلدية الكويت الجهة المختصة بذلك كما تمت مخاطبة وزارة الأشغال العامة والتنسيق معها لتنفيذ توصيات الدراسة وتطوير طريقي الملك عبد العزيز والملك فهد قبل البدء بالمشروع لضمان سلامة مستخدمي الطرق أثناء تنفيذ المشروع وتشغيله.
ومن المتوقع أن يكون لتلك الدراسة وما نتج عنها من توصيات أثر كبير في التخطيط لعملية نقل المفاعلات والمعدات والعمالة إلى موقع المشروع بطريقة آمنة دون أي عوائق آخذين بالاعتبار الالتزام بمعايير السلامة.
وحول المردود البيئي للمشروع اكد الخبير النفطي والباحث في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور مشعل السمحان لوكالة الانباء الكويتية "كونا" ان الكويت ادركت الحاجة الماسة الى التطور في خواص المنتجات النفطية لتصبح مطابقة للمواصفات العالمية المفروضة من السوق العالمي بتوصيات من المنظمات العالمية.
وذكر أن التحرك لإنجاز هذا المشروع ليس تحركا اقتصاديا فحسب بل هو تحرك استراتيجي لتسويق المنتجات النفطية الكويتية الى العالم حسب الاشتراطات والمواصفات القياسية الدولية مبينا أن تطبيق هذه المواصفات عالميا بدأ فرضه في العام الحالي والكويت تدرك مدى اهمية اللحاق بالركب العالمي في مجال الطاقة.
ولفت إلى أن هذه الشروط الواجبة في خواص ومواصفات المنتجات ستطبق بشكل تدريجي إلى أن تصبح كل المنتجات التي يتم تداولها في العالم مطابقة للشروط الدولية مضيفا أن الدولة التي لن تلتزم بذلك لن تستطيع تصدير منتجاتها.
وأضاف أن الالتزام البيئي هو الأساس في فرض تلك الخواص على المنتجات المتداولة عالميا ويرجع الفضل في ذلك الى مجموعات الضغط الدولية المهتمة بالبيئة والتي استطاعت فرض هذه المواصفات على السوق.
وأوضح السمحان أن المنتجات النفطية التي لا تتطابق والمواصفات القياسية العالمية الجديدة التي فرضت على السوق ثبت ضررها بالبيئة لذلك أصبح من الضروري فرض تلك المواصفات التي تعتمد في الأساس على ازالة مادة الكبريت المنتجات النفطية.
وشدد ان مادة الكبريت "عدوة للبيئة" مبينا أن من المفترض أن تحتوي المنتجات النفطية طبقا للمواصفات العالمية الجديدة على أقل من نصف في المئة من تلك المادة.
وافاد بأن الأصل في مشروع الوقود البيئي هو أن تتطابق المنتجات النفطية مع المواصفات العالمية بغرض التصدير إلى الأسواق العالمية في البداية لافتا إلى أن الهيئات المختصة بالبيئة في الكويت لا تفرض مثل تلك المواصفات حاليا "ولكن مع إنجاز المشروع ستصبح المنتجات المستهلكة في الكويت أقل ضررا بالبيئة من الموجودة حاليا وهو ما يصب في صالح البيئة الكويتية".
يذكر ان مشروع الوقود البيئي يأتي في إطار خطة حكومية شاملة ترتكز على عدة مشاريع حيوية واستراتيجية تستهدف النهوض بصناعة النفط كمشروع المصفاة الرابعة وتطوير حقول الشمال ضمن رؤية واضحة لتعزيز مكانة الكويت على الصعيد العالمي باعتبارها لاعبا رئيسيا في سوق الطاقة ومن اهم المصدرين للبترول في العالم.