القاهرة – المغرب اليوم
أوضحت الروائية سلوى بكر، أنّ رواية "شوق الدرويش" للكاتب السوداني المقيم في القاهرة حمور زيادة، عمل كبير ومهم وستكون علامة بارزة في تاريخ الأدب السوداني.
وأكدت بكر، خلال الندوة التي نظمتها "دار العين" مساء الثلاثاء، "لا أزعم أنني قد قرأت من قبل روايات تستلهم "الثورة المهدية"، لكنني أعتقد أن قراءة هذه الرواية قد تحيلنا إلى أسئلة جديدة ومهمة تتعلق بتلك الثورة".
وتدور أحداث رواية "شوق الدرويش" الصادرة عن "دار العين للنشر" في القاهرة، في خضم الثورة "المهدية" (1885-1899) التي قامت في السودان بزعامة محمد أحمد المهدي، ردًا على مظالم الحكم التركي المصري وقتها، وترصد الرواية أحداث تلك الثورة من خلال رحلة العبد بخيت منديل.
ونوهت صاحبة "كوكو سودان كباشي"، أن الرواية قد اعتمدت على مساحات واسعة من الوثائق، بالإضافة إلى مرجعيات دينية (إسلامية ومسيحية وأحيانا يهودية)، وكذلك عمدت إلى تضفير الأشعار شعبية والعربية كلاسيكية بالنص، لكن المبهر فيها هو الطرائق التعبيرية وطرائق السرد التي استخدمها الكاتب حمور زيادة، حيث بدى كأنه كاتب مكرس، ممسك بتقنياته السردية بامتياز.
وتحل رواية "شوق الدرويش"، كرابع الأعمال الأدبية لمؤلفها حمور زيادة، حيث صدر له مجموعتان قصصيتان، هما "النوم عند قدمي جبل"، و"سيرة أم درمانية"، بالإضافة إلى رواية "الكونغ".
ورأت مؤلفة "البشموري"، أن "شوق الدرويش" قد تحقق فيها عناصر الرواية التاريخية، فالرواية بحسب قولها، تكون تاريخية عندما تضع التاريخ في موضع المساءلة وهو ما فعلته شوق الدرويش، إذ إن أحداثها التي ترصد سيرة ذاتية لعبد تم استعباده بعد خطفه وهو طفل، تتشابك مع وقائع الثورة المهدية، فتجعل القارئ يتنقل مع هذا العبد ليرى مشاهد كثيرة مغايرة لتلك الثورة وعلاقتها بمصر، فمن قرأ عن الثورة يعرف –فقط- أنها صفحة من صفحات النضال السوداني ضد الاحتلال الانجليزي المصري التركي، لكن هذه الرواية تجعلنا نقرأها على نحو مغاير.
وربطت بكر بين ما ترصده الرواية من وقائع قام بها جيش المهدي، وما تقوم به "داعش" الآن في العراق، مبينة، "أحالتني العديد من مشاهد الرواية وما قام به جيش المهدي، إلى ما نراه الآن من تدمير تقوم به "داعش" في العراق.
ورد حمور زيادة، بأن "قدم الثورة ثقيلة مثل قدم الطغيان، وهذا الشكل المغاير الذي بدت عليه روايتي عن الثورة جاء لاقترابها من الإنسان الذي شهدها، فكل الروايات السودانية التي عالجت"المهدية" إنما تناولتها من جانب احتفائي، على نحو إننا "قمنا بثورة عظيمة ونحن دحرنا المستعمر ونحن بهرنا العالم"، متناسية ذلك البعد الإنساني وهؤلاء البشر الذين تأثروا سلبًا بهذه الثورة ومن دهستهم هذه الثورة حتى لو كانوا مؤمنين بها.
وعابت سلوى بكر على الروائي، استغراقه أحيانًا وبدون داع سردي في الرومانسية، فالرواية رغم أنها تتساءل عن التاريخ وتجيب على بعض الأسئلة، إلا أنها في لحظة ما تكاد تتحول إلى رواية رومانسية عاطفية في المقام الأول، حيث كان هناك إفراط في قصة الحب مابين البطل ووافدة أجنبية، يفتقد أحيانًا إلى المنطق الداخلي في السرد، بحسب بكر، وهو ما برره زيادة "تعاملت مع حب البطل للأجنبية كقدر، لأني صراحة لا أعرف كيف يأتي الحب".
وعن الدافع الرئيسي لكتابته رواية تاريخية، تتناول الثورة المهدية بالأساس، قال: كان لي احتياج شخصي للكتابة عن هذه الفترة، فنحن في السودان نتوارث الحكايات جيل بعد أخر، وقد سمعت من أمي وجداتي حكايات كثيرة عنها، ولي جدة سميت بـ "المهدية" على اسم الثورة، وقد قضيت فترة ليست بالقصيرة مشغول بالبحث العلمي والتاريخي عن تلك الثورة بالذات وهو ما استفدت به أثناء كتابتي للرواية.
من جانب أخر انتقدت سلوى بكر، الموقف الثقافي المصري من الأدب السوداني، من حيث قلة الاطلاع عليه، قائلة: نحن في مصر علاقتنا -للأسف الشديد- مخجلة بالرواية السودانية، فنحن قلما نقرأ رواية سودانية ورغم أن الطيب صالح قد لفت النظر إليها إلا أننا لا نتشوق شوقًا حقيقيًا للتعرف إليها