دمشق - سانا
يتضمن كتاب ثرثرة تشبه الشعر للدكتور عيسى درويش مجموعة من الخواطر التي تقترب من الحالات الشعرية من حيث البينة الفكرية فهي رجع انفعالات جاء أغلبها معبراً عن مشاعر قد يكون أغلبها ذاتياً ومنها ما يشبه القصص القصيرة جداً من حيث أسلوبها السردي وطريقة بنيتها. يرى درويش أن الإنسان يمكن أن يحقق كثيراً من طموحاته ويفرض حضوره في أي بيئة يعيش فيها عندما يقدر قيمة الآخر ويتعامل مع الإنسان على أنه مرآته ونصفه الثاني وغير ذلك قد يفقد الإنسان كثيراً من احترامه ووجوده عندما يبادر باحتقار الآخرين وعدم احترام مشاعرهم كما جاء في نص الجمهور يتحول إلى حمير. ويحاول الكاتب أن يخلص إلى ما يشبه الحكمة في خواطره الشعرية فيعتبر الألم هو الطريق نحو السعادة والوصول إلى ما يرغب به الإنسان وما يتمنى أن يحققه وذلك من خلال تجارب عديدة يمكن أن تكون مرت بحياته أو استطاع أن يأتي بها من حياة الآخرين يقول في نص الألم.. الألم يفتح الطريق نحو السعادة إذا أردت أن تتذوق السعادة تعرف إلى الألم الألم يجعل النفس أكثر تفتحاً على المعرفة. ويعتبر درويش أن هناك تشابها في التكوين الخلقي بين الشجرة والإنسان فكلاهما ينتمي إلى الأرض وكلاهما يملك صفات جمالية حباه الله إياها محاولاً أن يجعل أهم صفات هذين المخلوقين العزة والكرامة إلا أن الموت والزوال هو مصير لكل منهما حيث تشابها به أيضاً يقول في نص الشجرة والإنسان.. الشجرة تموت من الأعلى إذا جفت عروقها وانقطع ماؤها وقطعت أوراقها ويبست أغصانها والإنسان يموت إذا غاب الحب وتحجر الفكر. ويبين درويش في مجموعته أن الإنسانية تراجعت كثيراً وجفت العاطفة في قلوب الكثيرين وأصبح الإنسان بعيداً عن أخيه الإنسان وعن القيم والأخلاق والحضارة فلا يحزن على الإنسان إذا مات إلا أمه ولا على غصن السنديانة إلا السنديانة التي اجتثت منها يقول في نص همسات.. لم تبك عليك سوى أمك ولم يحن على العصى إلى السنديانة التي خرجت منها. ويوضح الكاتب أن الثقافة على مر التاريخ ما قدمت نفعاً في مجتمعات يسودها الظلم والفساد ويقرر مصيرها الجهال الذين لا يرغبون إلا بكيل المديح ولا يهمهم شيئاً إلا مصالحهم مهما كانت النتيجة دون أن يقدموا إلى المداحين ولو جزءا بسيطاً مما أقدموا عليه يقول في نص نصيحة المتنبي.. قال المتنبي ينصحني.. لا تتعب نفسك فالحكمة تقتل صاحبها.. يكاد الذل ينطق من تحت الجلباب. ويخلص درويش إلى وجوب حياة كريمة يعيشها الإنسان دون أن يلوث نفسه بالذل لأن مكارم الأخلاق والمناقب الحسنة لا يمكن أن توجد في إنسان ارتكب الموبقات وامتهن المعاصي والانحراف وهذا يبرز في نص انبثاق النور الذي يقول فيه.. في لحظة انبثاق النور تعرفت على دنياك.. لا تكن ظالماً فيتسخ رداؤك.. النور لا يقترب من رداء وسخ. حاول الشاعر أن يجمع في مجموعته كثيراً من الرؤى التي استخلصها خلال تعرفه إلى المجتمعات العربية وغير العربية فتشكلت أفكار متنوعة نتيجة تحولات الحياة وارتباط الإنسان بالطبيعة والكون وما نتج عن هذا الارتباط من أشياء تؤدي في النتيجة إلى الحكمة من وجود الخلق. يذكر أن الكتاب من منشورات دار شرق وغرب للطباعة والنشر يقع في 87 صفحة من القطع الكبير.