بغداد - وكالات
يسبر كتاب «برهان الدين باش أعيان حياته وعصره 1915 - 1975»، أغوار حقبة كاملة من التاريخ السياسي العراقي، تشمل مرحلة الانتداب والاستعمار والثورة وقيام الدولة القطرية ونشوء التيارات القومية، كما يطل الكتاب على مرحلة ثرية في التحولات السياسية العراقية، والتطورات التي شهدها العالم العربي. وهو يتناول سيرة الشيخ «برهان الدين باش أعيان العبّاسي»، أحد رجال النضال السياسي في «العراق» والعالم العربي، ومن أعلام السلك الدبلوماسي والنيابي والحزبي والوزاري في «العراق» خلال العهد الملكي. شغل برهان الدين باش أعيان الكثير من المناصب الحكومية والحزبية، وتزامنت فترة عمله الدبلوماسي والنيابي والحزبي والوزاري مع مرحلة من أكثر الأحداث السياسيّة المحلية والإقليميّة والدوليّة خطورة وحساسيّة ومصيريّة في العراق وسائر العالم العربي، ابتداء بالاحتلال البريطاني لجنوب العراق، وانقلاب «بكر صدقي» - «حكمت سليمان» عام 1936 - 1937، ومرورا بالحرب العالمية الثانية «1939 - 1945»، وظهور حركة «رشيد عالي الكيلاني» والعقداء الأربع عام 1941، واحتلال فلسطين. ويمتلك برهان الدين باش أعيان سجلا حافلا في العمل الدبلوماسي، وفي النضال السياسي والوطني في العراق، والقومي العربي، منذ مطلع شبابه وتخرّجه في كليّة الحقوق في بغداد عام 1937، حتى مغادرته العراق عام 1962. وقد اشتهر طيلة حياته بنشاطاته المتواصلة في مجالات العمل الخيري والإصلاحي الاجتماعي والعلمي، في العراق وسائر البلاد العربيّة والإسلاميّة. ويعرّف الكاتب بالظروف البيئيّة التي رافقت ولادة برهان باش أعيان ونشأته، متناولا جوانب واسعة منها تاريخ أسرته وتاريخ المنطقة خلال الفترة المحيطة بولادته وحياته. كما يؤرخ للأحداث السياسيّة والاجتماعيّة التي شهدها وتعامل معها صاحب السيرة وأسرته خلال الفترة التي عاصرها في حياته، ومنها معلومات جديدة ذات دلالة، تنشر للمرّة الأولى عن التاريخ المعاصر للعراق والمنطقة. مؤلف الكتاب هو أحمد برهان الدين باش أعيان، نجل صاحب السيرة، وهو باحث سعودي، ولد في (البصرة) عام 1950، وكان قد انتقل مع والده وعائلته إلى السعودية أواخر عام 1963، حين عمل والده (صاحب السيرة)، كمستشار قانوني لدى حكومتها حتى وفاته في أواخر عام 1975، وقد اكتسب المؤلف الجنسية السعودية، وعمل في شركة «أرامكو السعودية» في الظهران، في مركز الحاسب الآلي، والجيولوجيا وهندسة النفط، منذ عام 1984 حتى تقاعده عام 2010. ويحمل المؤلف شهادة الدكتوراه في الرياضيّات البحتة والتطبيقيّة، والماجستير في علوم الحاسب الآلي، وبالإضافة لاهتمامه بدراسة علوم النفط والرياضيات، فهو أيضا مهتم بالتاريخ والأديان والأدب العربي والإنجليزي، ويتحدث اللغة الإنجليزيّة، والفرنسية والألمانيّة. صدر الكتاب عن «دار الساقي» في بيروت، ويقع في 842 صفحة من القطع الكبير، ويتكون الكتاب من اثني عشر فصلا، يحمل الفصل الأول، عنوان: الخلفية الأسرية والأحداث السابقة للولادة (1258 - 1915)، وفيه يتناول المؤلف نسب آل «باش أعيان» وآل «شاوي» جناحي أسرته من ناحية الأب والأم، والموقف السياسي لأسرة «باش أعيان» في أواخر الدولة العثمانيّة، وموقفها من الاحتلال البريطاني لجنوب العراق. يحمل الفصل الثاني، عنوان: الطفولة (1915-1927)، وفيه يتناول ولادة «المترجم له» ونشأته، ونشاط وأوضاع أسرة «باش أعيان» الماليّة والتجاريّة، وكذلك مواقفها الاجتماعيّة والسياسيّة. ويحمل الفصل الثالث، عنوان: الصبا والشباب (1927-1937)، ويتعرض لدراسة برهان الدين باش أعيان، كما يتناول نشاطات الأسرة الماليّة والتجاريّة، ومواقفها السياسية. أما الفصل الرابع، الذي يحمل عنوان: المحاماة والسلك الدبلوماسي (1937-1948)، فيتعرض للفترة التي عمل فيها برهان الدين في مجال المحاماة، ثم عمله في السلك الدبلوماسي، في المرحلة الأولى من عمله. كما يتعرض لأدائه الخدمة العسكرية، في دورة الاحتياط، ثم عودته للعمل في السلك الدبلوماسي، في مرحلته الثانية، وكذلك عودته مجددا للعمل في المحاماة، ويعرج على الدور الذي لعبته أسرة «باش أعيان» في الحياة العامة. وينتقل الفصل الخامس، لتناول مرحلة النيابة والعمل الحزبي (1948-1954)، حيث يتعرض لعمل صاحب السيرة كنائب مستقل، وكذلك يتحدث عن الجبهة الشعبية البرلمانية، ويقف للحديث عن دور التجارة في المرحلة ذاتها، وقيام حزب «الجبهة الشعبية المتحدة»، وعودة «صاحب السيرة» للعمل النيابي. الفصل السادس، يتحدث عن مرحلة العمل الوزاري لبرهان باش أعيان: خلال المرحلة الأولى من (1954-1957)، وفيه يتحدث عن أول منصب وزاري تقله كوزير بلا وزارة، وتسلمه وزير الخارجية بالوكالة في حكومة نوري السعيد الثانية عشرة. ثم تعيينه وزيرا للخارجية بالأصالة في حكومة نوري السعيد الثانية عشرة، وتعيينه مجددا وزيرا للخارجية في حكومة نوري السعيد الثالثة عشرة، ومرحلة إحالته على التقاعد (مؤقتا). الفصل السابع، يتناول الوزارات التي شغلها برهان الدين، في المرحلة الثانية من عهد نوري السعيد، خلال الفترة (1957-1958)، حيث عين وزيرا للخارجية في حكومة «عبد الوهاب مرجان»، والفترة التي أصبح فيها وزيرا بلا وزارة، في حكومة نوري السعيد الرابعة عشرة، ثم تعيينه وزير الأنباء والتوجيه بالوكالة - في الحكومة ذاتها، ووزيرا بالأصالة. الفصل الثامن، يتناول انقلاب 14 تموز واعتقال برهان الدين، حيث يتعرض لحدث الانقلاب، ثم الاعتقال، والصعوبات التي لاقتها أسرة «باش أعيان» في البصرة، وجلسات التحقيق، فالمحاكمات. يفرد المؤلف الفصل التاسع لمرحلة المحاكمة والسجن وإطلاق السراح، وهو يبحث الفترة (4-10-1958 حتى 14-7-1961)، حيث يتعرض لمحاكمة برهان الدين والإجراءات التي اتخذت بحقه، وقرار التجريم وإصدار الحكم وفترة السجن قبل تخفيض الحكم، وما تبقى من سنوات السجن بعد تخفيض عقوبة الإعدام، ثم إطلاق السراح ومرحلة ما قبل مغادرة العراق. الفصل العاشر، يتناول المؤلف مرحلة الاغتراب، حيث أقام لفترات في كل من لبنان، والمملكة العربية السعودية. قبل أن يستقر فيها. الفصل الحادي عشر، يتناول مرض ووفاة برهان الدين. أما الفصل الثاني عشر، فتم تخصيصه لتقديم خلاصة تشمل سيرة المترجم له، والوضع السياسي العاصف في العراق خلال الحقبة التي عاشها هناك، وكان شاهدا على التطورات التي شهدها. * بين النيابة والوزارة عمل الشيخ «برهان» دبلوماسيا في عدّة مفوّضيّات وبعثات دبلوماسية وقنصليّات وسفارات عراقيّة في الخارج خلال الفترة بين عامي 1938 و1946، بما فيها المفوّضيّات والبعثات الدبلوماسيّة والقنصليات والسفارات العراقيّة في كل من «مصر» و«بريطانيا» و«إيران» و«تركيا» و«فلسطين»، ثمّ ترشح نائبا مستقلا عن لواء (أي محافظة) «البصرة»، ونائبا عن حزب الجبهة الشعبيّة المتّحدة، في البرلمان العراقي، وهو الحزب الّذي كان الشيخ «برهان» من كبار مؤسّسيه، والّذي كان فرع «البصرة» بالذات من الحزب المذكور من تأسيس الشيخ «برهان» نفسه، أيضا، وذلك خلال الفترة بين عامي 19447 و1954. وخلال الفترة بين عامي 1954 و1958، عيّن وزيرا للخارجيّة والأنباء (الإعلام)، في عدة حكومات خلال العهد الملكي في العراق، من بينها الحكومات التي ترأسها نوري السعيد، وعبد الوهاب مرجان وأحمد مختار بابان. * أحداث ساخنة يتعرض الكتاب للأحداث الهامة التي شهدها العراق والعالم العربي في الفترة التي عمل فيها برهان الدين باش في السياسة، إذ يقدم دراسة لانقلاب «بكر صدقي» - «حكمت سليمان» عام 1936 - 1937، وظروف الحرب العالميّة الثانية، وظهور حركة «رشيد عالي الكيلاني». وقد تزامنت هذه الفترة أيضا مع أحداث مفصليّة أخرى بالنسبة للعراق والعالم العربي، كان من أبرزها معاهدة «بورتسموث» العراقيّة - البريطانيّة أوائل عام 1948، وما تبعها من ردود فعل شعبيّة ونقابيّة وحزبيّة غاضبة، وثورة 23 يوليو في مصر على يد الفريق محمد نجيب عام 1952، وظهور جمال عبد الناصر، ودخول التنظيمات السياسية داخل الجيش العراقي حيث تشكلت بين صفوف الجيش العراقي أواخر عام 1952، خلايا سرية أسوة بتنظيم «الضباط الأحرار» المصري، حتى انقلاب 14 تموز 1958. في الفترة ذاتها كان الجوار العراقي ملتهبا وساخنا، فقد قامت معاهدة ميثاق بغداد، بين العراق وتركيا، ثم شملت دولا أخرى مثل باكستان، وإيران، وبريطانيا، وذلك بين عامي 1954 - 1958، وفي عام 1956 وقع العدوان الثلاثي على مصر، وقيام الوحدة العربيّة بين مصر وسوريا، مطلع عام 1958، والذي تبعه قيام الاتحاد العربي، كنواة بدأت بين العراق والأردن في فبراير (شباط) 1958. * انقلاب تموز في 14 تموز 1958 قامت مجموعة من الضبّاط وبعض الحزبيّين المدنيّين، ذوي الميول الشيوعيّة والقوميّة العربيّة والناصريّة والبعثيّة، وفي مقدّمتهم عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام عارف، بانقلاب أطاح بالعهد الملكي، وأدى إلى مقتل الأسرة المالكة العراقيّة ونوري السعيد وولده العقيد صباح السعيد، وعدد من المسؤولين العراقيّين. وتم تصفية رجال العهد الملكي بالقتل أو المحاكمة أو النفي، إذ حوكم ما يزيد على الثلاثين من رجال العهد الملكي، المدنيّين والعسكريّين، وبينهم برهان الدين باش أعيان أمام المحكمة العسكريّة العليا الخاصّة، وكانت المحاكمات علنيّة. وقد حكم على عدد من المتّهمين بأحكام متفاوتة، بين السجن القصير الأمد والسجن الطويل الأمد، بما في ذلك السجن المؤبّد، والإعدام وكان برهان الدين من بين الذين حكم عليهم بالإعدام، قبل أن يخفف العقوبة عنه، وبعد أن قضى فترة 3 أعوام في السجن، أطلق سراحه بعدها، وانتقل مع أسرته للسكن في بيروت مطلع عام 1962، ومن ثم، في أواخر عام 1963، انتقل إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل مستشارا قانونيا لدى حكومتها حتى وفاته في أواخر عام 1975.