دمشق - سانا
يرى الناقد محمد رضوان في كتابه "التجريب وتحولات السرد في الرواية السورية" أن مصطلح التجريب قرين الإبداع لأنه ينهض على ابتكار طرائق وأساليب جديدة في أنماط التعبير الفني المختلفة إذ هو جوهر الإبداع وحقيقته حين يتجاوز المألوف ويغامر في قلب المستقبل متوغلاً في المجهول مبينا أن التجريب فن قائم بذاته دائم التحول والتجاوز يخترق مساره ضد التيارات السائدة ونادراً ما يظفر بقبول المتلقين دفعة واحدة فهو يثير توجسهم ويحرك خيالهم ورغبتهم بالتجديد. أما الرواية بحسب رضوان فهو فن تجريبي كامن في طبيعة الخلق ذاتها ينهض على مغامرة التداخل بين أنواع السرد مغادراً أطلال السرد الكلاسيكي فالرواية التجريبية ليست أسيرة مذهب أدبي أو تيار أو مصطلح لأنها مناخ مقيم وهاجس يحضر بكل ألقه في ذات الكاتب الإبداعية. يقول الباحث في كتابه.. إن الرواية فن لا ينقطع عن التجريب فهي توءسس قوانينها الذاتية وتنظر لسلطة الخيال وتتبنى قانون التجاوز المستمر الذي ينهض على مجموعة من الخيارات الواعية المتعمدة والتي تقلل طمأنينة القارئ المعتاد على الحبكة التقليدية والشخصيات الواقعية وترفض أي سلطة خارج النص لأنها تقوم على التجريب. ويوضح رضوان أن الرواية الجديدة تسعى لأن توءسس قوانين اشتغالها في الوقت الذي تتيح فيه هدمها لأن بعض التجارب سرعان ما تندثر وبعضها سوف ينتشر في نسيج التحولات المستمرة في واقع مأزوم ومتغير على الدوام يصعب الإمساك به وتحديده. ويبين الباحث أن الرواية العربية باعتبارها رواية تجريبية استطاعت أن تحقق ثراء فنياً متميزاً ولاسيما خلال الربع الأخير من القرن العشرين ومطلع هذا القرن حيث تمكنت على يد جيل طموح تواق إلى التجديد والتجاوز من ملامح تجربة إبداعية وسردية متكاملة منشغلة بتكريس خطاب روائي يبحث عن أشكال فنية وفضاءات تعبيرية جديدة غير مألوفة وغير تقليدية. ويخلص رضوان إلى أن الخطاب الروائي العربي المعاصر بشكل عام والسوري بشكل خاص أصبح بنية مفتوحة على جملة من التحولات في المنجز الفني السردي بشقيه اللغوي والجمالي والتخييلي بمختلف تجلياته الاجتماعية والسياسية والثقافية التي استندت إلى النزعة التجريبية في الممارسة الروائية. وفي الدراسة النقدية أفرزت الرواية أكثر من اتجاه إلى درجة أصبح فيها الإبداع موسوماً بنزعة مستمرة إلى التجاوز وهدم الحدود وهذا النزوع ينهض على عدد من المرتكزات الفكرية والخصائص الجمالية المتصلة بأسلوب المتن والشكل والخطاب ومستويات اللغة والأسلوب وصولاً إلى تكثير النمطية والسكون. كما بين الناقد رضوان أن الرواية أنتجت سرداً تتبلور فيه طرائق مستحدثة تضم خواص اللغة وشعريتها فضلاً عن صياغات فنية فيها بنيات تعكس علاقات التجريب بمختلف أنساقها بحيث يمكن للتجريب الروائي ان يتناول الموضوع والحبكة والأسلوب واللغة والتقنيات السردية الأخرى. ويشير الباحث إلى أن الرواية العربية المعاصرة انفتح السرد لديها على عوالم متعددة في التجريب مثل العجائب والأسطوري والجنسي والتاريخي والسياسي والديني واللغوي الرمزي فاتسمت بالجرأة. اعتمد رضوان في بحثه ودراسته النقدية على منهج تطبيقي اهتم بالمنطلقات التجريبية للرواية العربية إلا أنه اتسم بتكرار كثير من الكلمات والمصطلحات في معنى واحد إضافة إلى استخدام مصطلحات أجنبية إلى جانب المصطلحات العربية ظناً منه أنها مختلفة المعنى علماً أنها تحمل المعنى ذاته مثل كلمة فانتازيا التي تعني بالفرنسية الإبداع إلى جانب استخدام هذه الكلمة كثيراً بمعناها العربي كما في قوله في المستوى الرمزي والعجائبي الفنتازي. يذكر أن الكتاب من منشورات اتحاد الكتاب العرب ويحمل الرقم 3 من سلسلة الدراسات ويقع في 255 صفحة من القطع الكبير.