القاهرة - وكالات
صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة النسخة العربية من كتاب "مصر تحت حكم بونابرت..غزو الشرق الأوسط"، من تأليف خوان كول،وترجمة مصطفى رياض،ومراجعة وتقديم أحمد زكريا الشلق. يروى الكتاب، في 577 صفحة، المواجهة السياسية والعسكرية والثقافية التي وقعت بين الفرنسيين والمصريين في السنوات الاخيرة من القرن الثامن عشر،وتعتمد في المقام الأول على قراءة موسعة لمذكرات وخطابات خلفها وراءهم شهود عيان على ذلك العصر. ومن الواضح أن الدراسات التي تتناول فترة الاحتلال الفرنسي لمصر ما زالت تثير اهتمام المؤرخين والكتاب، كما أن نابليون بونابرت لا يزال يحظى بالاهتمام نفسه، وربما أكثر،سواء في نطاق التاريخ الأوربي أو في مغامراته العسكرية خارج أوربا، فلا يكاد يمر عام أو بضعة اعوام الا وينشر كتاب جديد يتناول تاريخه،حيث أن تاريخه لا يتعلق بتاريخ وطنه فرنسا وثورتها الكبرى فحسب،وانما يتقاطع ويتداخل مع بقية بلدان أوربا بدرجة أو باخرى،ولعل هذا ما دفع المؤلف إلى أن يقدم لنا هذا الكتاب. ومن الجوانب المهمة التي أبرزها الكتاب، أنه سجل جوانب كبيرة من العمليات العسكرية الفرنسية التي أبرزت وحشية جيش الشرق الاستعماري الذي حاول الفرنسيون اخفاءها تحت قناع الحداثة والتحديث،حيث كان الضباط الفرنسيون يكتبون ويسجلون في مذكراتهم وخطاباتهم لذويهم،ما أحدثوه من تدمير وإحراق لقرى بكاملها،فضلا عن عمليات السلب والنهب التي مارسها دعاة الحرية من الفرنسيين. صور المؤلف خوان كول في هذا الكتاب كيف قاوم العثمانيون مع المصريين والماليك،هذا الغزو عندما دارات معركة اشتهرت بمعركة الاهرام، فذكر أن العثمانيين قاوموا ولم يهربوا أو يستسلموا الا بعد قتال عنيف، فقد صور شهادات فرنسية مهمة عن إحراق الفرنسيين للرحمانية انتقاما من الأهالي الذين فروا منها،وكيف اشعلوا الحرائق في كثير من القرى في طريق زحفهم إلى القاهرة. وعلى امتداد الكتاب، تميز المؤلف بنظرة نقدية،لا تستسلم لما ورد بالتقارير والمنشورات الرسمية،فهو يرى أن الفرنسيين الذين جاءوا إلى مصر لتخليصها من ظلم المماليك واستبدادهم،لم يختلفوا عنهم كثيرا في السطوة والجشع، وأنه ربما كان وجه الاختلاف يتمثل في انهم كانوا أكثر حرصا على ما يلزمهم من موارد،وانهم افضل تسليحا ايضًا. وحظيت سياسة بونابرت الإسلامية باهتمام خاص من جانب المؤلف فخصص لها الجزء السابع،حيث أوضح باسهاب كيف أنه استخدم الدين لاغراض سياسية،حيث حاول مثلا اقناع ائمة المساجد بالدعاء له في صلاة الجمعة كما كانوا يدعون للسلطان العثماني.