الجزائر - وكالات
صدر حديثا كتاب «رجل أمريكا الواحد: متع واستفزازات أمتنا المتفردة» تأليف جورج ويل، ويقع في 400 صفحة. يحاول الكتاب التأكيد علي أن التيار المحافظ يتسم بالانقسام بين تيارين رئيسيين: التيار الأول هو التيار المحافظ التقليدي الذي ينتمي إليه المؤلف، أما الثاني فهو التيار المحافظ الجديد والتيار الليبرالي داخل الولايات المتحدة. ووفقا ل»تقرير واشنطن» يري ويل في كتابه أن الخلافات الفكرية بينهما ليست في سبيلها للتقلص، ومن ثم حاول أن يرسم الخريطة الفكرية لأنصار التيار الأول (المحافظ التقليدي)، بالإضافة إلى انتقاد الركائز الفكرية والسياسية لأنصار التيار الثاني (المحافظ الجديد)، ربما سعياً من جانبه لإعادة المنظور المحافظ التقليدي للساحة السياسية من جديد. يفرق «ويل» بين معسكرين في إطار التيار المحافظ أحدهما يضم المحافظين التقليديين «الأعضاء المؤسسين» للتيار المحافظ الذين ينظرون شذراً لسياسات الرئيس جورج دبليو بوش انطلاقاً من إيمانهم بالنهج الواقعي في السياسات أكثر من المعتقدات ذات الطابع الديني حول الإلهام والوحي الإلهي، وعلي النقيض يري أنصار التيار المحافظ الجديد والمدونون أن الرئيس بوش هو بمثابة وينستون تشرشل جديد قاد الولايات المتحدة خلال الحرب إلي أن أصبح جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة أواخر هذا العام. ويضع المؤلف نفسه في صدارة أنصار التيار المحافظ التقليدي وهو الأمر الذي دأب علي تأكيده منذ بداية سبعينيات القرن الماضي خلال دراسته في جامعتي أكسفورد وبرينستون، ثم من خلال كتابات صحفية متتالية عبر من خلالها عن رؤيته حول مستقبل الولايات المتحدة والسياسات الواجب إتباعها من منظور التيار المحافظ (التقليدي). يستهل المؤلف كتابه بتجميع تحليلي للآراء المنتقدة لسياسة إدارتي الرئيس جورج بوش علي المستوي الخارجي، والتي تعود جذورها إلي أعمدة صحفية نُشرت عام 2004 انتقدت الحرب الأمريكية على العراق باعتبارها أسوأ كارثة علي مستوي السياسة الخارجية في تاريخ الأمة الأمريكية، وعلى الجانب الأخر تكالب الكتاب والصحفيون علي دعم الحرب الأمريكية علي العراق، ومؤكدون على النجاح الذي تحققه الحرب الأمريكية في العراق. ويعبر ويل عن السبب الذي دفعه لانتقاد نهج الرئيس بوش في ذلك الوقت بقوله «إن المحافظين الجدد قد اتجهوا لتحطيم مبادئ راسخة في الذاكرة الجماعية لأنصار التيار المحافظ «التقليدي» وهي الابتعاد عن الانخراط في قضايا السياسة الخارجية بصورة كبيرة لاسيما خارج نطاق المجال الحيوي الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تحولت الحرب التي كان يُفترض أن تقود للسلام في الشرق الأوسط عبر هندسة اجتماعية وسياسية تقوم علي إعادة البناء إلي سلسلة من الإخفاقات الخارجية التي أضرت بالمكانة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية، واصفاً الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني بمن يلهثون خلف تحقيق انجازاً علي الصعيد الخارجي، ولا يدركون تركيزهم علي البعد الآني في سياساتهم. ويؤكد الكاتب أن الإعلاء من دور الوسائل العسكرية قد أضحي ركيزة أساسية للسياسات التي يطرحها الحزب الجمهوري الذي يُعد الوعاء المؤسسي الرئيسي لأنصار التيار المحافظ علي اختلاف توجهاتهم وذلك باعتبارها وصفة سياسية فعالة لإخراج الولايات المتحدة من المحن التي تنتابها من آن لآخر، وهو المبدأ الذي تعود جذوره الأولي للرئيس تيودور روزفلت الذي انتقد افتقاد الأمريكيين آنذاك للرغبة في تكوين إمبراطورية مؤكداً أنه لا يعتقد بوجود ضرر ما من تركز القوة بين يدي رجل واحد. ويُحاول الكاتب التوفيق بين النهج المحافظ في تقديس التقاليد والتراث الحياتي بشكل عام وبين سياسات السوق الحر التي أكد بعض المحللين أمثال دانييل بيل أنها تنطوي علي تناقضات ثقافية تقوض من التقاليد المحافظة وتدفع باتجاه الانجراف نحو التجديد الثقافي. ويُدافع الكاتب بقوة عن الرأسمالية منتقداً أنصار الحفاظ علي البيئة الداعين لتقييد الأنشطة الإنتاجية واستهلاك مصادر الطاقة الغير متجددة انطلاقاً من إغفالهم الاعتبارات الواقعية والمصالح الكامنة خلف نمو الإنتاج الصناعي، نافيا أي تعارض بين التمسك الصارم بالتقاليد الأمريكية ورفض الدعوات الراديكالية للتغير الثقافي من جانب ودعم الرأسمالية وسياسات السوق الحر من جانب آخر وذلك للعلاقات البينية التي تسمح بالتكامل بينهما ليسهمان معا في استمرار الأمة الأمريكية المتفردة كياناً واحداً لا ينفصم.