الرئيسية » مراجعة كتب

الرباط - وكالات

إحتضنت مدينة المحمدية، الجمعة 21 يونيو2013، حفل توقيع كتاب «أناشيد الذاكرة» للصحافي والكاتب عبد الصمد بن شريف لمحمدية.في كلمته، أبرز الكاتب والإعلامي محمد الأشهب أنّ ذاكرة عبد الصمد بن شريف تبيّن أننا «لسنا أمام أصوات متعددة فالنشيد واحد، من صرخة الميلاد إلى عنفوان الوجود، ومن التوغل في أعماق ظلم الليل و جدران النفي إلى الإبحار في العيون التي توزع الأمل .هو درب واحد لا أكثر يتشعب في بدايته ومنتهاه. من قرية صغيرة في بني بوفراح إلى عتمة العزلة في معتقل كريه الرائحة في وجدة، ومن شوارع الرباط وطنجة إلى ملاذات بيروت والقاهرة وأهرامات الحجر الذي صنع الانتفاضة في فلسطين، يصر بن شريف على أن يكون قاسيا على نفسه ورحيما مع الآخرين، لكن متى كانت الكتابة خالية من الرأفة والقسوة وتداعيات البوح الذي يهز المشاعر.». فأنْ يعبّر الكاتب، في نظره، عن واقع سلبي و سوادوي، فهو لا يفعل أكثر من انتقاء المشاهد التي يخفيها الغير. أن تكون كلماته صادمة وهو يقارب بين المصائر، حيث الأقدام و الأيادي تنوب عن العقول، فإنه لا يزيد من تشخيص هموم الكتابة والحياة، غير أنه لم يسع إلى الانتماء لهذا العالم، بل إن فيض الذاكرة أرغمه على الانتماء لذاته، لقريته ومدينته ووطنه وأحلام جيل تبعثرت في الهواء». وعن سؤال الكتابة، يقول الأشهب أن بن شريف يجيب عنه على امتداد المائة وخمسين صفحة، حيث يتردد صدى القلق عندما ينتشله الأرق من حميميته، و يدفع به إلى التجوال أو الارتماء بين أحضان كرسي في المقهى أو يستأجر من نفسه شققا يسكن بها، وهي التي سكنته ولم تفارقه أناء اليقظة و النوم . و مع أنه يقر بأن الكاتب يخسر جسده و ذاكرته الحافلة بتلوينات القلق فانه يستدرك في أنشودة المكان بأن الكتابة عن الأشياء المنفلتة من بين الأنامل والأبصار « لابد أن تكون مسكونة بشبق المغايرة ومجهزة بأرقى الأدوات الضرورية لاختراق اللامكتوب.» بهذا المعنى فالكتابة لديه أكثر مشقة وجدوى، إنها تأمل في الذاكرة والوجدان حتى إذا ضاقت المسافة بينها وبين الواقع، تمتد إلى توسيع رقعة الهامش الذاتي الذي يمنحه صلابة الوقوف و الاستمرار. إنها كتابة خارجية بصوت داخلي تغلب عليها سردية شعرية أقرب إلى قصائد النثر أو المونولوغ الداخلي الموزون. الباحث والكاتب حسن طارق، من جهته، ركّز على أنّ الحياة الصغيرة التي تركها بن شريف وراءه-و يعود إليها هنا والآن في «أناشيد الذاكرة»-مليئة بالكتب والأقلام،برائحة الأم والتراب،بالفشل اللذيذ في الحب الأول وقصائد البدايات، بالأوهام البيضاء في السياسة و الحياة .حياة صغيرة كان لابد لها -ربما-من عبور تجربة اعتقال متعسف ،لتمهر انتمائها لما تسميه البلاد اليوم ببرودة أعصاب مثيرة: سنوات للرصاص. ففي الرباط سيبدو صاحبنا مسكوناً،بقرءات جيل ثمانيني فتح أعينه على كتابات و أدبيات اليسار العربي،لحظة عبوره الفائرللقرن الماضي،و على أعمال أدبية للكبار الذي طبعوا عصرنا،في الرواية ،الشعر،والمقالة. وأضاف أنّ «الشاب العشريني اليافع،سيلج بلا مقدمات ،بسلاسة و بلا ترتيب مسبق ،عالم الصحافة المكتوبة،مشتغلاً في ملحق ثقافي لجريدة يومية.مزاوجاً بين العمل و الدراسات العليا في الإعلام و الصحافة.سيغادر صفوف البروليتاريا الرثة التي انضم إليها مزهواً بأوهام الأيديولوجيا في «وجدة»،ليصبح برجوازياً صغيراً رباطياً او بتعبير أدق طارئاًعلى الرباط،يقرأ و يكتب في النهار،و يعالج أعطاب الروح في المساءات الدافئة رفقة الأصدقاء والزملاء :طلبة ،صحافيون ،كتاب،و شعراء.» لقد كان بن شريف، يواصل حسن طارق، أحد صناع حالة المفاجئة السعيدة ،و المغاربة يشاهدون روبرتاجات عن الفقيد عبد الرحيم بوعبيد،و عن بلحسن الوزاني وعبد الخالق الطريس إلخ..،و هم يشاهدون رموز اليسار والمعارضة والثقافةالتقدمية،يحلون تباعاً على بلاتوهاتها. بآياد بيضاء ،بقلب أنصع بياضاً،بذاكرة طفل لا تحتفظ بمكان للأحقاد،يجيد صاحبنا ،لعبة الأخ الأكبر -حتى عندما يتعلق الأمر بمن هم أكبر سناًً-الأخ الذي يفتح الأبواب و النوافد و المسالك أمام المسارات الملتبسة للمبتدئين و الصحافيين الشباب ،و قبل أن يفتح قلبه للآخرين ،بلا منة و لا انتظار اعتراف،يفتح أولاً بيته ؛ألم تكن شقة أبي عنان المريني،(زَاوِْيَة)،يبدو فيها المحتفى به -من فرط التواضع و كرم الطبع-كمجرد ضيف خفيف ،أو كظل عابرٍ في زحمة الأسماء و الأصحاب. اليوم عندما تعود الذاكرة عقدين إلى الوراء،إلى ذلك الصالون الممتد ،حيث تتزاحم الكتب و الجرائد و الأدوية و الوجوه و الأفكار ،و عندما نعيد تركيب لوحة تلك الذاكرة،سنعثر على عدد مهم من كبار الصحافيين و مدراء التحرير والوزراء و المدراء الكتاب و كبار المراسلين ،كلهم مروا من هناك! كم من الأسماء التي تؤثث اليوم ،فضائنا السمعي و البصري،دشنت دهشة بداياتها،في ضيافته ،و هو المنقب الدؤوب،الذي لا يعيد نسخ ريبيرتوارات زملائه ،باحثاً عن الجديد ،فاتحاً المجال للشباب الجامعي ،للباحثين الذي يتلمسون بالكاد موطأ قدم داخل الساحة العمومية». أما الكاتب عبد الغني عارف، فقد قدّم قراءة في الذّاكرة بين واقعية التوثيق وشعرية البوح». وقال:» لقد واكبتُ فصول هذا الكتاب بكل تقلباتها وتحولاتها وبكل لحظات الفرح والحزن فيها...كنت قريبا من التربة التي ظهرت فيها براعمه الأولى. عشتُ بطريقة ما عوالمَه، سواء في السياق الذي اختمرت فيه ولادة تلك العوالم أو في مختلف الامتدادات التي شكلت مسارات تطورها إن على المستوي الذاتي أو علي المستوي الجماعي. يعرف الصديق عبد الصمد ، قبل أي أحد آخر، أن هناك من لحظات الألم والصمت اليقظ ما يجعل هذا الكتاب حلمنا المشترك خصوصا بعد أن أصبح بين أيدي القراء ، ولذلك فحديثي عن هذه النصوص هو في العمق حديث عن حرائقَ عشتها مع كاتبها وما تزال مشتعلة في مناطق ما من القلب والوجدان، حرائق كنا نداري لهيبها بمزيد من الجنون والإصرار على التحدي». وأضاف أن هذه النصوص تعني بالنسبة له خليطا من الأزمنة المتداخلة ومن المشاعر المتدفقة،لذلك فإنها بالنسبة له «نصوص كتبت بدم المرحلة وبأحلامها المجهضة، وبالتالي فالأنا المهيمنة فيها ليست أنا فردية، بل هي أنا جماعية في أبعادها وتجلياتها الإنسانية ، هي سيرة لتجربة الوجع والقلق والانتظار والخيبات الجارحة، تجربة الإنسان الذي يجد نفسه « مشطبا عليه من جدول الفرح « فلا يملك إلا أن يستحضر، وهو واقف على عتبة الحمق والعشق، وجوه « اللواتي أضرمن في دوحة القلب نارا للهيام العسير « . إن كاتب هذه النصوص حينما يُسند أناشيده إلي جدار الذاكرة فليس من باب الرغبة في التخلص منها ودفنها في عتمات أزمنة يحلو للبعض أن يبشر بنهايتها، بل إن الذاكرة هنا مهماز مستفز للكشف عن تفاصيل حاضر ما يزال يحاصر الأحلام بطقوس التغييب والتدمير الموجع.. الذاكرة في هذه النصوص ليست رجعا لصدى ما حدث بل هي جرس يرن باستمرار ليعيد تشكيل تفاصيل ما حدث منبها لضرورة ألا يحدث مرة أخرى. إنها ليست مجرد ذاكرة للتوثيق، ليست ذاكرة محايدة في عملية الاسترجاع، بل إنها ذاكرة خصبة تقوم بوظيفة النبش في الوقائع وفي الأقوال والأفعال بمنطق الهدم والبناء.. إنها بوصلة احتجاج ومصالحة في الآن نفسه.. و بكلمة واحدة إنها: ذاكرة للبوح والمقاومة. الكاتب في هذه النصوص ? كما الكتابة - متعدد الملامح فهو رافض ، ثوري، متصوف، متأمل، متمرد ، رومانسي، يائس، حالم، عاشق. وفي كل ذلك يلتقط غبار المعارك التي يخوضها الإنسان من أجل أن يتحرر من لعنة الكينونة والبدن والمدينة والانتماء. وفي انعكاس مرآوي يلتقط فعل الكتابة هذا التعدد، فتغدو الكتابة ذات أبعاد وروافد جمالية مختلفة، فهي: هي طقس مقدس، وهي بتر لشراسة الواقع، وهي احتفاء بالجمال وبالإنسان وبالحرية، وهي تدوين لتاريخ الهزائم والتقاط لبشائر الانتصارات، وهي بوح حميمي في لحظات الوصل كما في لحظات الهجر، هي التوازن الضروري بين بهاء الحضور ومحنة الغياب ولأنها ? في النهاية ? لذة وافق للكشف والمكاشفة، فهي مرتبطة دوما بالسؤال. تتموج الكتابة في هذه النصوص لتحاور أكثر من قضية وتثير أكثر من سؤال: الوطن، الأم، العطالة، المرأة، الحرية، الأرض، الحب، فلسطين ، لبنان، الأغنية الملتزمة. وهي في كل ذلك تحتمي ببلاغة الاستعارة وبشاعرية اللغة لتكشف عن مسكوتها.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

مناقشة وتوقيع كتاب " انا اسمي ماما" للكاتبة "دينا…
الأحلام الشرقية للكاتب اللبناني عيسى مخلوف في طبعته الثانية
حكايات الرحالة البرتغالي "إيسا دي كيروش" عن افتتاح قناة…
صدور رواية "نساء البساتين" في نسختها الإيطالية
"سنوات التيه الأربعون" على مائدة مكتبة القاهرة الكبرى

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة