الرئيسية » مراجعة كتب

دمشق ـ سانا

يرى الدكتور مروان المحاسني في كتابه كلمات في التراث واللغة والعلوم أن اللغة العربية قادرة على مواكبة التطور العلمي والثقافي والحضاري لما تمتلكه من غنى حضاري ومعرفي إضافة لقدرتها على البقاء برغم ما تتعرض له من محاولات لتمزيق هويتها عبر وسائل متعددة. يتساءل المحاسني هل أن الفيض الحضاري الغربي الذي غمر القارات وعبر المحيطات في العقود القليلة الماضية قادر على النفوذ إلى لب اللغات لمسخها وخلخلة تراكيبها أم أن الأمر محصور في تلك اللغات المقهورة التي تدفع الثمن غالياً لعدم مشاركتها في بناء الحداثة تلك اللغات التي عزلت نفسها أو عزلها الزمان عن تفتح فكري متسارع انتهى في سنوات قليلة إلى تشييد صرح غربي تقني حضاري قلب مقاييس الزمان والمكان وجدد قواعد التواصل في حياة المجموعات البشرية شرقاً وغرباً. ويطرح المحاسني في الكتاب إن كانت الحداثة قد أعادت تكوين الفكر البشري وحورت مقوماته إلى الحد الذي يجعل احتواء مرتكزاتها المتطورة عصياً على اللغات التي تخلفت عن الركب ولو أن ماضيها كان حافلاً بمشاركات ثقافية بليغة الأثر هي أساس ما وصلت إليه حضارات الغرب. ويوضح المحاسني أن لغتنا العربية ليست من تلك اللغات المقهورة فقد انبلجت أنواعها ساطعةً من بداوة مفترضة حافلة بتراكيبها الناضجة المتكاملة وألفاظها الجزلة المتعددة الأنغام وقد ظهرت محصنةً بشعرها تتقلب حروفها لإبداع جذور لغوية جديدة ينثرها الاشتقاق درراً حاملة الوف المعاني. ويتابع المحاسني إن هذه اللغة العربية التي كان ظهورها في عالم له استقراره الحضاري والثقافي فأنه لم يكن ذلك العالم ليعبئ بأصحابها لولا بروزها في كتاب سماوي مبين حمل تنويراً إيمانياً وأخلاقيا للمجتمعات الإنسانية الكافة ما سبب بانتشار هذه اللغة ومساهمتها في أعمق تراث فكري ومكونات معرفية تمكن من الارتقاء بها إلى تلك الإبداعات العلمية التي كانت أسسا بنيت عليها الثقافات العالمية اللاحقة. ويكشف المحاسني أن هناك من يرى أن اللغة العربية عدت عليها العوادي فبدأت الإنطواء على ماضيها في شيخوخة لا سبيل إلى إيقاف انحدارها ولذا يرون أنها ستبقى محصورة في مجالات الأدب من شعر وقصة ورواية غير قادرة على تحمل أعباء اللحاق بالعلوم المتطورة والتقانات المتسارعة محكومة باستيراد الحداثة بلغاتها دون أن يكون لها نصيب في بنائها جازمين أن لا سبيل إلى المشاركة في الحداثة إلا عن طريق اللغات العالمية. ويوضح الباحث إن هذه الإشكالات والتساؤلات التي سببتها الهجمة الثقافية الغربية الجارفة التي نشهدها اليوم قد سادت مشاغل وتوجهات مجمع اللغة العربية بدمشق منذ تأسيسه وهذا ما جعل أعضائه المؤسسين يسارعون الخطى إلى تعريب الدواوين لإخراجها مما أصابها من تتريك وينخرطون في جهد مستمر ليجعلوا التدريس في كلية الطب المحدثة حين ذاك قائماً على اللغة العربية بما يتضمنه من علوم أساسية كالكيمياء والفيزياء والتشريح. ويبين المحاسني أن ما يواجه اللغة العربية ومجمعها في دمشق اليوم هو سيل جارف من علوم ذات مجالات واسعة آخذة بالانشطار على علوم فرعية بفعل مناهج مبتكرة تسبر أغوارها وتطلع علينا بمصطلحات ترتبط بأدق مسارات هذه العلوم الجديدة. ويرى المحاسني أننا نجد أنفسنا في موقع يشابه ما واجهه أجدادنا الفاتحون من صعوبات في سعيهم إلى استيعاب تلك العلوم الدخيلة على بيئتهم الثقافية وقد يكون ذلك صحيحاً لو لم يكن تراثنا العلمي ماثلاً عبر القرون وما ورثناه من مفاهيم وقواعد ومقاييس مصطلحية تزخر بها كتبنا العلمية التراثية ما يسر لنا ابتكار المقابلات للمصطلحات التي أضافها التطور العلمي الجارف الذي بلغ شواطئنا في مطلع القرن الماضي. ويؤكد المحاسني إن التصدي لهذه المشكلات اللغوية العلمية فرض على مجمع اللغة العربية الاتصاف بما يتجاوز مهامه الأصلية في الحفاظ على اللغة العربية وتسهيل اكتسابها فقد غلبت عليه نشاطات هي لغوية صميمية إلا أنها منصبة على ما تحتاجه المجالات المدرسية لتلقين العلوم العامة والتخصصية باللغة العربية وما تحتاجه الأمة للانفتاح على التيارات الفكرية العالمية. يذكر أن الكتاب من منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق يقع في 196 صفحة من القطع الكبير. 

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

مناقشة وتوقيع كتاب " انا اسمي ماما" للكاتبة "دينا…
الأحلام الشرقية للكاتب اللبناني عيسى مخلوف في طبعته الثانية
حكايات الرحالة البرتغالي "إيسا دي كيروش" عن افتتاح قناة…
صدور رواية "نساء البساتين" في نسختها الإيطالية
"سنوات التيه الأربعون" على مائدة مكتبة القاهرة الكبرى

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة