برلين - د.ب.أ
تناولت الأفلام التي تم عرضها في مهرجان برلين للفيلم العربي مواضيع تشغل بال المواطن العربي بشكل عام كالقضايا السياسية والحراك الذي تشهده بعض البلدان العربية، وذلك إلى جانب مواضيع اجتماعية تتعلق بالمرأة والجسد والجنس. فيلم "عمر" أثار إعجاب الجمهور البرليني نظرا لقوته الدرامية وكذا حبكته السينمائية، إذ تقول الكاتبة التشيكية ميلينا أوده لاسكا: "لقد شعرت بعد انتهاء الفيلم بقيمة الحرية، فطيلة الفيلم أحسست بما يشعر به أبطال الفيلم من رهبة وخوف ومرض، لقد كان فيلما جيدا، لكنه قاسٍ في الوقت نفسه". السينما كمرآة للواقع السياسي من المؤكد أن اختيار الأفلام المعروضة خلال هذه الدورة والتي بلغ عددها الثلاثين فيلما، خضع لاعتبارات سينمائية فنية، لكن كان هناك اهتمام أيضا بعرض أفلام تناقش قضايا سياسية واجتماعية، حسب مدير المهرجان الذي أوضح لـDWعربية، أن الدورة الحالية كانت "حريصة على أن تعكس ما يجري في العالم العربي من مخاض عميق وحراك سياسي يطمح للديمقراطية". وفي هذا السياق تم عرض أفلام تتناول الأزمة السورية في قالب درامي مثل فيلم "سلم إلى دمشق" الذي أخرجه محمد ملص، وكذا فيلم "العودة إلى حمص" للمخرج طلال دركي. وهو الفيلم الوثائقي الذي ينقل المُشاهد من صالة عرض الفيلم إلى واقع الصراع الدائر بسوريا من قتال وقصف وخوف. المرأة وجسدها في السينما العربية عرف المهرجان عرض فيلم " صخرة القصبة" للمخرجة المغربية ليلى المراكشي، وهي مخرجة شابة صنعت اسمها السينمائي في المغرب من خلال فيلمها "ماروك" الذي تناول قصة حب بين فتاة مسلمة وشاب يهودي. ليلى المراكشي عادت إلى السينما بعد غياب سنوات من خلال فيلمها الجديد "صخرة القصبة" الذي تناول وضع المرأة في المغرب وفي العالم العربي ككل من خلال قصة امرأة مغربية عاشت خارج بلادها لمدة طويلة، لتعود بعد وفاة والدها إلى المغرب فتصطدم بالعادات والتقاليد وقوانين الإرث. لا تتاح للمشاهد العربي في برلين فرصة مشاهدة أفلام عربية جديدة وقديمة بأعداد وفيرة، كما يحدث أثناء مهرجان الفيلم العربي في برلين الذي يقام برعاية أصدقاء الفيلم العربي في العاصمة الألمانية. ولذلك، لم يكن غريبا أن تشهد هذه الدورة حضور جمهور كثيف سواء من العرب أو الألمان. "إنها نتيجة مفرحة وجميلة لعمل المتطوعين والمتطوعات الذي استمر لخمس سنوات" كما يقول عصام حداد مدير مهرجان الفيلم العربي. الدورة تم افتتاحها بفيلم فلسطيني عالمي رشح لجائزة الأوسكار هذه السنة في فئة أفضل الأفلام الأجنبية، يتعلق الأمر بفيلم "عمر" الذي يتناول تعقيدات الوضع في الشرق الأوسط من خلال قصة ناشط فلسطيني يريد ضابط إسرائيلي تجنيده لصالحه مهددا إياه بكشف أسرار خاصة تخص حبيبته. مخرج الفيلم هاني أبو أسعد لم يتمكن من حضور العرض الافتتاحي غير أنه خص المهرجان برسالة مصورة تم عرضها قبل بداية الفيلم، قال فيها المخرج الفلسطيني: "أتمنى أن يجد هذا الفيلم مكانه لدى الجمهور البرليني، ويهمني على الخصوص أن أعرف رأيكم، لذلك أرجو أن تبلغوا تعليقاتكم وانطباعاتكم للمشرفين على المهرجان". حرصت المخرجة المغربية من خلال الفيلم الناطق بالعربية والفرنسية إلى إشراك ممثلات عربيات كنادين لبكي من لبنان، وهيام عباس من فلسطين ومرجانة علوي من المغرب لتؤكد على أن مشاكل المرأة العربية لها قواسم مشتركة وإن اختلفت الجنسيات العربية. وتميز الفيلم بمشاركة النجم العالمي عمر الشريف الذي أدى دور الأب المتوفى في الفيلم. "صخرة القصبة" لم يكن الفيلم الوحيد الذي تناول واقع المرأة العربية، إذ ركز المهرجان أيضا على موضوع الجسد من خلال عرض الفيلم التونسي "حلفاوين" الذي يحكي قصة مراهق ينفتح على الجنس الآخر من خلال ذهابه مع والدته إلى الحمام الشعبي، حيث سيصطدم هذا الشاب الصغير بالأجساد الأنثوية. وهو الفيلم الذي تم إنتاجه سنة 1990 لمخرجه فريد بوغدير، واعتبر حينها فيلما جريئا. لمهرجان عرف عرض أفلام كانت فارقة في تاريخ السينما العربية كفيلم "باب الحديد" للمخرج المصري يوسف شاهين الذي يعود إلى عام 1958، بالإضافة إلى فيلم "خلي بالك من زوزو" لمخرجه حسن الإمام من عام 1972 والذي قامت فيه بدور البطولة الراحلة سعاد حسني. كما قامت المخرجة المصرية-الألمانية فيولا شفيق بتقديمه للجمهور البرليني. وبعد عرض "خلي بالك من زوزو"، قالت فتاة مصرية "لقد شاهدت الفيلم مرات عديدة في التلفزيون، لكنها المرة الأولى التي أشاهد فيها الفيلم في السينما، وكان لذلك طعم مختلف".