المغرب اليوم- الرباط
صدر حديثا للباحث عبد الرحمان المالكي، كتاب بعنوان "الثقافة والمجال"، عبارة عن دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب، وهو الصادر ضمن منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز بفاس، ويجمع بين الأبعاد النظرية والمنهجية والتطبيقية في مقاربة ظاهرة التحضر والتحولات التي طرأت على المدينة المغربية، نتيجة حركات الهجرة الداخلية، وكذا على الإنسان في مجاله الحضري.
وينطلق الكتاب، الذي يقع في 309 صفحة، من أهمية المشهد الحضري في واقع وتاريخ المملكة، بدءا من المدن العتيقة الأصيلة مرورا بالمدن الأوروبية التي أفرزتها المرحلة الاستعمارية، وصولا الى مدن ما بعد الاستقلال، حيث يرصد تغيرات التركيبة السوسيو- اقتصادية للمجتمع وتسارع النمو الحضري للمدن التقليدية والجديدة معا، وتأثيرات حركات الهجرة الداخلية الكثيفة، التي جاءت نتيجة للحركية الاجتماعية والاقتصادية والتحولات الديموغرافية الهائلة التي طرأت على المجتمع المغربي.
وتناول الكاتب في القسم الأول من الدراسة مسألة الموضوع والنظرية في السوسيولوجيا الحضرية، التي تخلص إلى أن العلاقة بين الثقافة والمجال تعد الإشكالية المركزية بالنسبة لكل علماء الاجتماع، الذين اهتموا بدراسة التحضر. فسواء تعلق الأمر بالذوق أو المواقف أو السلوك، يرى الكاتب في مقدمة كتابه أن لها جميعها علاقة بالمجال السكني الذي تم اختيار الإقامة فيه أو الاضطرار للإقامة فيه، ذلك أن الأحياء المختلفة في المدينة تعكس الثقافات والطبقات التي تتوزع إليها هذه المدينة. ويسجل الباحث أن التفاعل قائم بين المجال الحضري المستقبل والمهاجر القروي الوافد، فالمدينة التي ينتقل إليها المهاجر تؤثر فيه وهو يؤثر فيها أيضا. فالمدينة "تتأثر بأفواج المهاجرين الذين يغيرونها مجاليا وديموغرافيا واجتماعيا وثقافيا، كما أن نفس هذه المدينة تؤثر في الوافدين عليها من خلال التنشئة الحضرية التي تجعلهم ينخرطون فيها".