القاهرة - أ ش أ
تعيد سلسلة "روايات الهلال" هذا الشهر طبع رائعة صادق هدايت "البومة العمياء" التي ترجمها بإقتدار الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا "1943 ـ 1998".
الرواية إحدى كلاسيكيات الأدب الفارسي والعالمي، وتصلح تمامًا للقراءة الآن، حيث لا يقين في هذا العبث الكوني، ولا يبقى أمام الفرد إلا مواجهة الجنون بجنون آخر يختاره أو يجبر عليه، ولا أدل على هذه الفوضى من رواية هدايت «بتشاؤمه الفلسفي العميق... والذي لم يبلغ كاتب إيراني آخر معاصر ما بلغه من شهرة على المستوى العالمي» كما يقول المترجم.
في الطبعة الجديدة، يستعرض المترجم تاريخ وحاضر الأدب الفارسي، وصولًا إلى هدايت الذي «حول الأدب الفارسي من أدب توقيعات وقصور وصالونات إلى أدب أمة، ونقله من التصوف إلى الاشتراكية، ومن الشخوص الأسطورية إلى شخوص تأكل الطعام وتمشي في الأسواق، وتتصارع من أجل إثبات وجودها، ومن رعابة الأسلوب والتنميق اللفظي والبديع إلى الحديث السهل النابع من ضمير الشعب»، كما يسجل المترجم الذي قدم أيضًا لمحات من حياة هدايت وآثاره وأنشطته الأدبية، واغترابه في بلده وخارجها، في الهند وباريس التي انتحر فيها عام 1951، وكيف استقبلت أعماله وفي مقدمتها «البومة العمياء» بعد ترجمتها إلى لغات أجنبية.
في المقدمة الطويلة يتتبع المترجم فكرة التشاؤم والانتحار كطيف يسيطر على كثير من قصص هدايت، ففي قصته «حي في مقبرة» يصرخ البطل: «الانتحار عند بعض الأشخاص وجود، في أصلهم، في طبيعتهم، إنهم لا يستطيعون الهرب من بين يديه، إنه القدر الذي يحكم». وفي قصة «القلعة الملعونة» يقول البطل: «كلنا فرادى.. لا ينبغي أن نخادع، الحياة سجن، بل سجون مختلفة، ولكن بعضنا يحاول أن ينقش نقوشًا على جدران هذا السجن، وبذا يوجد لنفسه نوعًا من الألفة معه».