عمان - بترا
حفرت رواية "بارانويا" للروائي عبدالناصر رزق في جوانية الشخصية الانسانية بمختلف سلوكياتها وارهاصاتها في لغة غير معقدة المفردات عبرت عن تشكيلات من الاحاسيس والمشاعر الشفيفة عكست في ثناياها تجارب انسانية مرهفة.
الرواية التي صدرت اخيرا عن دار دروب الثقافية للنشر والتوزيع في 111 صفحة من القطع المتوسط يذهب الروائي نحو أقصى ما يمكن الذهاب اليه الى العوالم الخلفية والمعتمة داخل الشخصية، حيث ثمة خيط رفيع يفصل بين السلوك العادي، والمتخيل وانتقال شفيف، يكاد لا يرى الا بمجهر يكبر حدوث الفعل وردة الفعل.
عاينت الرواية في شخصية بطلتها الرئيسة قضية اجتماعية جدلية ترصد معاناة الانثى منذ صغرها في مواجهة واقع المجتمع الذكوري الذي يتعامل معها بوصفها دمية ووسيلة لافراغ الرغبات المكبوتة دون الالتفات الى انسانيتها علاوة على ان الرواية في انتقالاتها من مشهد الى اخر على طريقة "الفلاش باك" السينمائية تكشف عن قسوة الكثير من افراد المجتمع الذين يستغلون الظروف الصعبة التي تواجهها وتتعرض لها "الانثى" في مختلف مراحلها العمرية لانتهاك جسدها واستغلالها وفقا لما تمليه عليهم رغباتهم الشبقة، كما سلطت الضوء على رجال من مختلف الصلات والشرائح الاجتماعية منها الشقيق وصاحب الدكان والرجال المسنين الاثرياء، وعاينت سلوكيات لانماط اجتماعية مختلفة.
الرواية التي تنطلق احداثها الزمنية في سبعينيات القرن الماضي جاءت رصدا لحكاية من الحكايات المسكوت عنها في مجتمعاتنا وتتكرر في مراحل زمنية متعددة ومثلت إدانة للرجل بمختلف الانماط التي يمثلها، وتطرح تساؤلا يتخذ من حيثيات وسياق الحكاية بعدا فلسفيا في طرح عميق عن حقيقة الجاني في المجتمع الذي يدفع بامرأة ان تقتل نتيجة تداعيات معاناتها من الانتهاكات التي تتعرض لها من المجتمع الذكوري والمتكئة على الشهوانية الفجة.