الجزائر - المغرب اليوم
تدور أحداث رواية "الألسنة الزرقاء" للجزائري سالمي الناصر، في الفترة ما بين خريف 1996 وربيع 1997، وهي الفترة التي تنتمي إلى ما يُعرف لدى الجزائريين بـ "العشرية السوداء" التي ميّزتها الأحداث الإرهابية المسلّحة التي حصدت أرواح ما يقارب 200 ألف جزائري.
وتتقاطع أحداث الرواية التي فازت مؤخراً بجائزة "كتارا" للرواية العربية (فرع الرواية غير المنشورة)، في مدينة متخيّلة تُدعى"عين آدم"، أهمُّ ميزاتها الصغر والعزلة، وتلتقي شخوصها مُشكّلة نموذجاً مصغّراً عن تناقضات المجتمع الجزائري الذي ولّد موجة من الإرهاب تغذّت كالنار من حطب الكراهية والحقد.
تبدأ الرواية بقدوم مجموعة من المعلّمات للالتحاق بعملهن بمدرسة المدينة، في رحلة يوميّة عبر طريق وعرة، تحفُّها مخاطر الطّبيعة الصّعبة والإرهاب، بينما المدينة ترزح تحت وطأة فرقة تقسمها إلى حيّين بائسين متناحرين، وجفاف مقيت وإرهاب أعمى، وما تلبث هؤلاء المعلّمات أن يلتحقن ببارئهنّ ذبحاً على أيدي مجموعة إرهابية.
وتتصاعد أحداث الرواية بين إشاعات عن ظهور "عبد الرحمن الديب" واختفائه، وعمليات للجيش هنا وضربات للإرهاب هناك، وأخبار أخرى عن زوجة عبد الرحمن التي يضطرها العوز إلى الخروج للعمل.
وبين صلاة للاستسقاء وطقوس غريبة لطلب الغيث، تتوالى الأيام على أبطال الرواية وهم يحملون صلبان عوزهم على ظهورهم، إلى درجة أنّ زوجة أحد أبطال الرواية، تُجنُّ تحت وطأة فقرها وعزلتها، ويتناقل الناس أنّها صارت "درويشة"، فتكسب الكثير من المريدات، لكنّها تختفي بعد زلزال يضرب المدينة.
تُحاول رواية "الألسنة الزرقاء" من خلال مجموعة من الشخوص تقديم مقاربات لظاهرة الإرهاب الذي شهدته الجزائر خلال تسعينات القرن الماضي، حيث ترى أنّ ظاهرة العنف لم تكن وليدة أسباب سياسية وعقائدية وعشائرية وحسب، ولكنّها كانت تقتات أيضاً من الإشاعات التي نفخت في كيرها وحوّلت نارها إلى جحيم مستعر أتى على الأخضر واليابس.
يُذكر أن الناصر يعمل أستاذاً للتعليم الثانوي، وهو حاصل على شهادة ليسانس في الأدب العربي سنة 1991 من جامعة وهران.