دمشق - وكالات
يبدو أن قدر الأدب العراقي لا يزال مرتبطًا بآثار الاحتلال، وهذا ما تؤكده رواية نهار حسب الله "ذبابة من بلد إلكتروني" حيث يستقبل الكاتب قارئه عند المشارف بإهداء إلي الجراح والبلاد المسروقة والى الغائبين. ثم يطوف به على جناحي ذبابة يقودها حظها العاتر من إحدى المختبرات العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية إلي بغداد، لتكتشف الوجه البائس لبلد محتل. لا تتوقف أحداث الرواية كثيرا عند ما يعرفه الجميع من محطات وأحداث عامة بقدر ما تطوف داخل بيت أبي علي الذي يعتبر نموذجا لأغلب البيوت العراقية، حيث الحزن والألم المقيمان. من بيت أبي علي أختطف أبنه الجندي الذي كان في الصفوف الأمامية، لتتأكد وفاته و تنصب خيمة العزاء الطويل، و تتمدد الطفلة "أمل" على فراش الموت في أيام أحتضارها الأخيرة بعد إصابتها بسرطان الدم وتساقط شعرها الذهبي. في العراق كل البيوت مسكونة بحرج ما، حتى الجارة التي تحاول تقديم الدعم النفسي للأسرة المنكوبة، تيتكين على كرسي متحرك بعد إصابتها بشبب نتيجة لجلطة دماغية.. قبل أن تكمل الذبابة الطالبة للحرية يومها في العراق حتى تتلاشى بهجتها بالحرية، كما تلاشت فرحة العراقيين الذين كانوا يستعجلون سقوط النظام، ليكتشفوا أن وجه الأحتلال أبشع بكثير. حتى الذباب في العراق مختلف يثير الأشمئزاز ويعيش على لعق جراح المصابين. فيما تحاول الذبابة العودة الى موطنها تقف على فضاعات الجنود الأمريكيين، في حق الأبرياء، وتكون شاهدة على أنتحار جندي أنهار بسبب الجرائم التي أرتكبها زملاؤه في حق الأبرياء. في نهاية الرواية تعبر الذبابة عن ندمها من طلبها للجرية في ظل الاحتلال، وربما هي تعبر عن ما وصفه الكاتب في مقدمته ب"التعبير عن مفهوم الحرية في زمن الاحتلال". وتنتهي رحلة الذبابة دون أن تتمكن من العودة الى السلام الذي كانت تنعم به قبل الساعة 3 من فجر يوم 20 من شهر آذار 2003. و يبقى الجندي الأمريكي الذي يفاخر بقتل طفل في العاشرة من عمره باحتلال المشهد الأخير، وليبقى الجرح العراقي مفتوحا ما بقيت آثار الجراح، وآلام الغياب، وليبقى الأمل محتضرا لا أمل في شفائه ولا نهاية لآلامه. والرواية هي من إصدارات دار الينابيع بدمشق عام 2012.