تونس - المغرب اليوم
تستدعي رواية (تعويذة العيفة) صورا من الذاكرة وأحداثا من الواقع لتؤلف لوحة من الكلمات تسعى للكشف عن اغتراب المثقف الذي يعاني من لامبالاة المجتمع وتسلط النظم فيلوذ نحو الكتابة لتكون "تعويذة تحميه".
ولا يمنح مؤلف الرواية الكاتب التونسي توفيق العلوي فرصة للقارئ للاسترخاء في أي جزء من الرواية الواقعة في 244 صفحة متوسطة الحجم بل يجعله يتابع متحفزا مسيرة بطله ولاهثا متشوقا لمصيره.
وتتتبع (تعويذة العيفة) مسيرة شاب نزل من الريف إلى العاصمة طالبا ثم مثقفا ثم كاتبا ناجحا نشر أول أعماله الروائية باسم مستعار خجلا من اسمه (العيفة الهويمل) لكن ما إن اشتهرت حتى فتح النظام تحقيقا قضائيا ضد مؤلفها المتخفي.
ويعانى البطل صراعا مع ذاته بسبب اسمه الذي أطلقته عليه عائلته التي يموت أبناءها صغارا حتى يعافه الموت ويبقى على قيد الحياة لكنه عاف حياة الهروب من نفسه ومن نظام متسلط أجبره على أن يكون عدوا له وما قصد ذلك.
ويدخل البطل في لعبة القط والفأر مع نظام يحاول اصطياده ليحبس كلماته ويسكت أصواته لكن العيفة كان فطنا للفخاخ المنصوبة واختار أن يبقى كاتبا مجهولا على أن يصبح روائيا مسجونا ويواصل نجاحه متخطيا الصعاب.
وكلما زاد ضغط السلطة ومحاصرتها يلوذ البطل للكتابة "تعويذة" تحميه وصدر امرأة يحتضنه ويؤويه من اغتراب معنوي وصراع بين كبريائه وضميره خاصة عندما يتابع نجاح روايتيه "حذاء السجان" و"ربطة العنق والسياسي" لكنه يعجز عن الصياح بأعلى صوت بأنه الكاتب.
وتكشف الرواية عذابات البطل عندما يناجي كبرياؤه ضميره "لو كنت مثلك لاخترت السجن على هذه الحياة المهينة أنا مستعد أن أكون معك في زنزانتك أؤنسك وقد أتحدث مع زملائي من ضمائر السجانين".
وواصل الكاتب نجاحه ليصبح عضوا في مجلس النواب لكن قرر التخلص من عقده عندما أعلن تحت قبة البرلمان أنه الروائي مجهول ليزيل عن نفسه نزيفا أبديا.
يقول "نعم أنا الروائي المجهول أنا كاتب روايات (حذاء السجان) و(ربطة العنق والسياسي) وقهوة سيدتي آخر رواياتي عنوانها أنهيتها منذ ثلاثة أيام ولم أنشرها بعد ولن أنشرهاإلا في بلادي".
ويقول العلوي في مقابلة مع رويترز "الرواية ذات بعد سوسيولوجي نفسي إذ كلنا العيفة وإن تغيرت التعاويذ ففي الرواية عمق إنساني وتغلغل في الذات البشرية. في همومها الذاتية وصراعاتها في الحياة مثل صراع العيفة مع ذاته وضد السلطة".
وأضاف العلوي وهو أستاذ لغة بالجامعة التونسية "كتبت الرواية بأسلوب الرواية (كما أنا) وأطلقت العنان للغة واعية بأنها تكتب الرواية وشكلت اللغة تشكيلات مختلفة من سجلات متنوعة إذ للذكريات لغتها. والتراجيديا لغة ولغة رمزية مفهومة وأخرى هزلية تعبر عن عمق الشخصية".
جاءت بنية الرواية دائرية حيث بدأت بمشهد لبطل أولى روايات العيفة (حذاء السجان) داخل الزنزانة وانتهت به في السجن.
وأوضح العلوي أن روايته الأولى "يمكن إدراجها ضمن الأسلوب الواقعي بالمفهوم الأدبي فهي ما يقع وما يمكن أن يقع.. هي ضرب من الواقعي وضرب من المتخيل الواقعي"
وصدرت ( تعويذة العيفة) عن دار زينب للنشر في مطلع العام الحالي.