القاهرة - المغرب اليوم
صدر مؤخرًا عن دار نشر "كتاب" الرواية الأولى للكاتب والمترجم أحمد شهاب الدين بعنوان "بنت سليمان" وهو الكتاب الثاني والرواية الأولى للمؤلف، وهي رواية تقارب 300 صفحة من القطع المتوسط يحكي فيها في أجواء شاعرية وصوفية قصة شاب أخلص حياته للسكر والعربدة والبحث عن الروحانيات، يسكن في حي متخيل بالقاهرة القديمة سماه "الموريني"، في شقة بعمارة صغيرة وعتيقة يسمونها "القصر".
البطل مهموم بالعالم الآخر، يختار هذه الشقة بالذات لما يشاع عنها، بوجود جنيه تصيب من يسكنها بالمس، لتبدأ المغامرات منذ الليالي الأولى في سكنه بالقصر، ويختبر تجارب حسية وروحانية شديدة، تلهمه الكتابة في روايته الجديدة "القصر".
تدور تلك الأحداث في الوقت الذي تندلع فيه ثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي لا يأبه بها البطل كثيرًا، يظل محافظ على وضع المستمع والمراقب أكثر من المشارك والحماسي، وللبطل علاقات وطيدة بشخصيات شاركت في الثورة وشخصية أخرى شاركت في قمعها "الضابط"، وهو صديق الطفولة، بينما تمثل أمل الحقوقية والصحفية ومحمد علي المحب للجماعات الإسلامية وعلي المصور الشخصيات التي شاركت في صناعة الثورة المصرية، بينما الضابط لؤي من الحاقنين عليها.
وتسلط الرواية الضوء على أبعاد نفسية وفلسفية فيمن يشكلون مشهد الثورة المصرية في الثلاث سنوات التي تلت الخامس والعشرين من يناير، وساعد وجود البطل غير المشارك والمهتم بشئون "صوفية" و"حسية" غير اجتماعية في التخفيف من حدة الإدانة أو الإشادة بهؤلاء الشخصيات، فنرى في شخصية الضابط وجهين، تلك العقد النفسية والاجتماعية التي تدفعه إلى عشق التحكم والسيطرة وإذلال الآخرين، وكذلك البعد الوجودي والإنساني في كونه نفسه ضحية أحداث قدرية في شبابه مثل وفاة حبيبته في فترة الجامعة، أو إحساسه بالدونية الناجم عن طريقة التربية مما يدفعه لتعويض ذلك بإذلال المتفوقين دراسيًا أثناء دراسته في المرحلة الابتدائية والإعدادية، والبعد الوجودي في كونه يمثل "الضبط" و"الربط"، حيث يحتاج المجتمع في نظره إلى رجال الشرطة لتوفير الحد الأدنى على الأقل من الحماية والأمن، والتي دونها الضياع.
بينما نرى شخصية أمل قريبة من "النموذج الثوري" لفتيات الطبقة الوسطى التي تمردت على التقاليد والعائلة، وأطلقت ثورة يناير العنان لمشاعرها وغرائزها، ولكنها تصاب بإحباط كبير في نهاية الرواية لما آلت إليه أمور الثورة، إلى الدرجة التي تفكر فيها بالتحول إلى أن تكون إسلامية راديكالية.
وتمثل شخصية محمد إبراهيم الشاب المصري المتدين الذي يحاول أن يحول تجربته الدينية إلى مقاومة نفسية واجتماعية وسياسية ضد الفساد والنزعة الاستهلاكية الغربية.
يبحث بطل الرواية يوسف عن حقيقة تلك المرأة الجنيه التي يطارحها الغرام كل ليلة، وينجح في القبض على شيء مما تلبسه، وهو "الآندر" ليسأل عنها المشعوذين والحاخامات والقساوسة والمشايخ، لمعرفة من هي تلك المرأة، وتذكرنا تلك الطريقة بحذاء السيندريلا في قصص الأطفال، وبفيلم "مائة امرأة وامرأة".
السرد مكتوب بلغة متفاوتة ومتأرجحة بين العادية واليومية المعاشة وبين الشاعرية الضبابية، وتنقلك من مناطق روحانية تدفعك للتأمل والتبصر، إلى مغامرات حسية وشهوانية.