باريس - وكالات
تقيم صالة عرض أطلس في لندن معرضا تقدم فيه أعمال المصور روبرت كابا، وذلك تزامنا مع الذكرى المئة لميلاده. ويضم المعرض صوراً متنوعة قام بتصويرها كابا، تعود إلى فترة بقائه في إسبانيا أيام الحرب الأهلية، وحتى الحرب العالمية الثانية، وانتهاء بالحرب الصينية الهندية التي لقي فيها مصرعه. تأتي قصص كابا زاخرة بالمآثر التي تجعل منها ضربا من الأساطير، كما تعتبر سيرته التي كتبها بنفسه "قليلا خارج بؤرة العدسة!" كتابا هاما لكل من يهتم بمعرفة شيء عن حياة الرجل أو عن الصحافة الفوتوغرافية في القرن العشرين. وتعرض تلك الصور من مجموعات صوره الخاصة، إضافة إلى أرشيف ماغنوم للصور الموجود في لندن. ومع أن العديد من الصور المعروضة معروف، إلا أن بعضها مطبوع طباعة قديمة، وهو ما يعطي الفرصة للإحساس بكونها وثيقة تاريخية. أما الناظر إلى الصور، فينظر إليها من ناحيتين، كونها تصور واحدة من لحظات الماضي وكونها عمل من صنع الإنسان. كتب كابا سيرته بنفسه إلا أن صور كابا من مناطق النزاع في منتصف القرن العشرين كان يلتقطها للمجلات الإخبارية، وليس لتعليقها على الجدران للعرض. فهل هناك مشكلة في أن يصبح العمل فنا بدلا من كونه وثيقة يسجل بها التاريخ؟ يقول بن بيرديت صاحب أحد المعارض: "لا أعتقد أن ذلك نوع من أنواع الفن، وأعتقد أنه نوع من التصوير الوثائقي، والسجلات التاريخية للأحداث. إن هناك نوعا من النهج الفني لوضع الصورة داخل إطار وتجمع الصور إلى بعضها البعض، إلا أن ذلك لا يعد بالتأكيد نوعا من الفن. وأضاف قائلا: "أنا متأكد من أن كابا سينزعج جدا إذا ما علم أن صوره التي التقطها ينظر إليها على أنها نوع من الفن." وتابع قائلا: "يمكن لكل منا بالتأكيد أن ينظر إلى أي شيء بنظرة فنية، ويمكنك تفسير الصورة بالطريقة التي تعجبك. إلا أنني لا أعتقد أنه كان فنانا، لقد كان مصورا صحفيا يقوم بتسجيل الأحداث. وحرفيته تلك هي التي تجعل منها صورا رائعة." وأضاف: "باستثناء بعض صوره التي التقطها للمشاهير، وهي ليست معروضة هنا، لم يكن لديه وقت للتفكير في الأمور الجمالية، بل كان كل همه هو توجيه الكاميرا في الاتجاه الصحيح دون أن يصاب بطلق ناري." ولم تسلم بعض صوره من جدل دار حولها. حيث اشتعل نقاش كبير حول الصورة التي التقطها لوفاة أحد الجنود. إلا أن الاهتمام لا يتمركز حول صور كابا وحدها، بل إن جزءا منه يعود إلى الهالة التي كان يحيط بها نفسه وأعماله. وقال بيرديت: "هناك شيء خاص في شخصية كابا وقصصه كشخصية لديها شكل مميز من الرومانسية." الصور التي التقطها تصور حقبة تاريخية كاملة وأضاف قائلا: "تكمن الحقيقة في أن كابا قدم من المجر ليعيش في غرب أوروبا، وعمل على تكوين شخصية لنفسه ولمشوار عمله وحياته من خلال تصميمه وقوة شخصيته. وتمكن من أن يكون حاضرا في كل تلك الأحداث ونقاط التحول التي حدثت في القرن العشرين." وتابع قائلا: "من المؤكد أنه مات في أوائل خمسينيات القرن الماضي وذلك في نهاية أكثر الفترات عنفا في التاريخ الحديث. وإذا ما كان قد عاش لثلاثة أو أربعة شهور أخرى، كان من الممكن أن يعيش ليصبح واحدا من جيل المصورين الذين بنوا مشوارهم المهني من خلال عرض صورهم ليس على المستوى التجاري فحسب، بل على مستوى المتاحف العالمية أيضا." وكان من بين تلك الصور التي لفتت نظري في المعرض صورة تروتسكي وهو يلقي أحد خطاباته الشهيرة في الدنمارك عام 1932، وكانت تلك أولى الصور التي نشرت من تصوير كابا. وإلى جانب الصورة، وضعت كاميرا اللايكا 2 التي استخدمها كابا في التقاط تلك الصورة. وكانت تلك الكاميرا قد بيعت في أحد دور المزادات في النمسا العام الماضي إلى جانب عدد من الرسائل التي توضح أن والدة كابا كانت قد أعطتها للمصور ليسل ستاينر في الستينات. ويرى بيرديت أن السنوات الأخيرة قد شهدت حركة ضخمة للمشترين من عالم الفن، وهو أمر كان ينظر إليه منذ عشرين عاما على أنه "نوع من الهواية الأرستقراطية". ويقام ذلك المعرض حتى السادس من يوليو/ تموز عام 2013.