الرئيسية » معارض
مقهى في دمشق يعرض اعمالا فنية هجر اصحابها بسبب الحرب

دمشق ـ أ.ف.ب

 في مقهى شعبي وسط دمشق القديمة، يوزع برنار جمعة على الجدران الحجرية عشرين عملا فنيا لخمسة عشر فنانا سوريا هجروا البلاد خلال سنوات الحرب.

 وغادر هؤلاء الفنانون بلادههم الغارقة في نزاع طاحن، ولم يبق من اثرهم فيها سوى اعمالهم الفنية، من منحوتات ورسومات وصور فوتوغرافية، يطمئنون عنها بين الحين والآخر، متصلين بالمشرف على المعرض الذي يحمل اسم "ورحلوا".

ويقول برنار (39 عاما) لوكالة فرانس برس "أقمت معارض عدة في السابق في المقهى، وبعد نهاية كل معرض، تبقى لوحات على الجدران دون أن يأتي أصحابها ليأخذوها، وتراكمت عندي الأعمال الفنية لفنانين سافروا دون أن يأخذوا منتجاتهم، فقررت أن أجمع كل الأعمال الفنية المنسية عندي، وأجعل منها معرضا للراحلين".

يتواصل برنار مع الفنانين الراحلين عبر الهاتف، ويرسل لهم الصور، ويريهم أماكن لوحاتهم، وينقل لهم ردود أفعال الحاضرين.

- "تركت شيئا مني في دمشق" -

تبكي الفنانة سارة خطاب البالغة من العمر 29 سنة والمقيمة حاليا في الدنمارك، حين ترى عبر "سكايب" عملها الفني موضوعا على إحدى طاولات مقهى زرياب في دمشق.

وتقول لمراسل وكالة فرانس برس "تأثرت جدا بفكرة المعرض، ولم أتمالك دموعي حين رأيت عملي بجانب حائط دمشقي"، وهو يمثل جسد امرأة محفور أمام مرآة، بالإضافة لمنحوتة أخرى لأنثى تعانق نفسها.

وتضيف "لم أتمكن من نقل أعمالي إلى الدنمارك حيث أنا الآن، ولم أرد ذلك أصلا، أردت أن أبقي شيئا مني في دمشق".

هاجرت سارة من سوريا أواخر عام 2012 وأهدت معظم أعمالها ومنحوتاتها لأصدقائها "كي يذكروها دائما"، وتركت أيضا بعضا من أعمالها الفنية بأحد المعارض دون أن تعود لتأخذها.

 وتقول "أشعر أن أعمالي مثل أبنائي، ينتظرونني لأعود يوما وأنا متعلقة بهم جدا، سأعود يوما ما وأراهم كيف كبروا، وكيف أصبحوا، وأنا مسرورة الآن بعد أن أزيل الغبار عنهم".

في زاوية المقهى، لوحة كبيرة لأنثى حزينة وضعت يدها على رأسها، وأسندته إلى خشبة وأغمضت عينيها، وكتب في أسفلها اسم صاحب اللوحة رامي سكيف الذي غاب هو الآخر عن حضور المعرض.

وهاجر رامي (40 سنة) إلى السويد قبل حوالى عامين.

ويقول لوكالة فرانس برس في رسالة الكترونية "هاجرت من سوريا عام 2015 عبر البحر إلى أوروبا متجها نحو السويد، وكان علينا ركوب القارب في جزء من الرحلة، ولم يمكن مسموحا أن نأخذ إلا الأغراض الضرورية، لم يكن بوسعي أخذ لوحاتي في رحلة مليئة بالمتاعب والمخاطر بين البحر والبر، لذلك قررت إبقاءها في سوريا عند صديقي برنار".

يتحدث رامي عن لوحته بحرقة، ويقول "الصورة هي لفتاة حزينة جدا تعبر عن المأساة في بلدي، أعددت هذه اللوحة سنة 2014 وتركتها مع لوحات أخرى في دمشق قبل أن أهاجر مع زوجتي وطفلتي الصغيرة، وأتمنى أن أعود يوما لأشارك في معرض تكون فيه الصورة لأنثى سعيدة وتعكس الفرح المرجو لبلدي".

وجمع برنار المنحوتات المعدنية في زاوية، بينما وزع الرسومات في زاوية أخرى، ووضع الصور الفوتوغرافية في زاوية ثالثة.

ينظر يزن كلش، احد رواد المقهى، إلى صورة تجمع ثمانية أطفال تبدو عليهم ملامح التعب لكنهم يبتسمون جميعا. ويقول الشاب البالغ 23 عاما "أحضر إلى المقهى بشكل دوري مع أصدقائي، لكنني تفاجأت بوجود معرض ولوحات من دون وجود أصحابها".

ويضيف "يتواجد الفنانون عادة ليشرحوا لنا أكثر عن أعمالهم، لكن غيابهم اليوم كان كافيا ليحكي حجم المعاناة وحجم الألم بسبب هجرة الكثير من الشباب والكثير من الفنانين".

قرب يزن، تجلس ميس (31 عاما) التي تنقل نظرها بين الأعمال الفنية وتعيد الكرة أكثر من مرة بين صورة قديمة "لساحة باب توما قبل أن تمتلئ بالحواجز"، ورسومات لوجوه غير مكتملة الملامح، ولوحات تشكيلية تغلب عليها ألوان الأحمر والأسود والرمادي.

 وتقول "معظم الأعمال الفنية تحمل حزنا، سواء بالألوان، أو بطريقة التقديم أو التصوير أو النحت".

وتضيف "أعتقد أن كل فنان أراد أن يترك شيئا من أعماله في سوريا، لتكون جزءا من تواصله مع أصدقائه، ولتكون سببا للعودة يوما ما".

- لوحات وقذائف وغلاء اسعار -

فيما يبدي البعض من رواد المقهى اهتماما كبيرا بالاعمال الفنية، لا يكترث البعض الآخر بها، بل ينهمكون في أحاديثهم اليومية عن قذائف الهاون وغلاء الأسعار والخدمة الإلزامية في الجيش.

ويدخل أحد الرسامين الى المقهى، ويتفقد كل اللوحات، ويطيل النظر إليها جميعا، ويقول لمراسل فرانس برس مفضلا عدم الكشف عن اسمه "في هذا المعرض، لوحات لفنانين رحلوا. أما أنا، فما زلت موجودا، لكن لوحاتي كلها رحلت، لا أدري أين هي، تركتها في منزلي في بلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، وبعدها سرقت جميعا"، قبل ان يختنق صوته ويبكي.

ويضيف "أزور كل معارض الرسم، وأتفقد اللوحات، وأبحث عن لوحاتي كما تبحث الأم عن أبنائها، لقد أخذت مني وقتا طويلا في الرسم، لقد ربيتها لأراها يوما ما في المعارض العالمية".

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

افتتاح معرض "النيل أنشودة مكان" في دار الأوبرا
مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب
هيثم الحاج علي يفتتح معرض الفنون التشكيلية في "القاهرة…
كريمة الديب تشارك في "ديارنا" للحرف اليدوية
"ملامح مصرية" معرض تشكيلي بثقافة الإسماعيلية

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة