الرئيسية » تقارير
التصحر في السودان

الخرطوم - شينخوا

في أقصى شمال السودان ، يخشى سكان عشرات القرى أن تختفي قراهم أمام الزحف الصحراوي الذي تسعى الدولة لمواجهته بـ"حزام أخضر" شرعت بتنفيذه لولاية الخرطوم على ان تعمم التجربة على بقية الولايات لاحقا.

وتعد قرية "الباجا" بالولاية الشمالية نموذجا للمشكلة بعد أن أزال المد الصحراوي ثلث مساحتها وعشرات من منازلها ، بحسب ما يقول سكانها.

ويقول عبد الله اسماعيل ، وهو من مواطني قرية الباجا لفريق من وكالة أنباء ((شينخوا)) زار المنطقة "هذه القرية أضحت صغيرة جدا الآن ، بعد أن أزال الزحف الصحراوي ثلثها بالكامل".

ويضيف "فقدانا عشرات المنازل بأمر الزحف ، ولا تزال المشكلة مستمرة .. نحن مواطنون بسطاء لا نستطيع مغالبة الطبيعة ، ولم تفلح معالجاتنا المتمثلة في زراعة بعض الأشجار كحزام زراعي حول القرى".

ويتابع "في كل مرة نعمد الى ازالة الرمال من حول المساكن ، ولكن النتيجة فشل مستمر ، سرعة تحرك الرمال وتكون الكثبان الرملية أسرع من هذه المعالجات البدائية ، لابد من عمل حكومي لمكافحة الزحف الصحراوى".

فيما دعا فضل المولى عكود صباحى ، وهو مسؤول اللجنة الشعبية لمواطنى قرية الباجا السلطات الحكومية للتدخل العاجل لانقاذ مجموعة قرى يهددها الزحف الصحراوى بالزوال.

وقال صباحي لـ ((شينخوا)) ان "الزحف الصحراوى يهدد قرانا بالازالة ، هذا خطر حقيقى ولابد من تدخل السلطات الحكومية بصورة عاجلة".

ويمثل الزحف الصحراوى واحدا من المهددات التى تواجه السودان بعد ان تمدد فى 14 ولاية سودانية واجتاح نحو 3 بالمائة من جملة الاراضى ، فى حين تقول دراسات محلية ان نحو 64 بالمائة من الاراضى السودانية معرضة للتصحر نتيجة عوامل طبيعية او بشرية.

ويعرف الخبراء الزحف الصحراوي بانه زحف الصحراء وانتقال حدودها الى الإقليم المناخي الذي يليها نتيجة لتعاقب فترات جفاف طويلة المدى تؤدي الى انحسار الغطاء النباتي وزحف الرمال عبر حدود الصحراء الى الداخل.

ولم يعرف السودان فى تاريخه المعاصر خطرا يهدد تركيبته السكانية ويضعف من موارده المحلية كخطر الزحف الصحراوى وموجات الجفاف والتصحر ، وهى مشكلة تؤرق مضاجع صناع القرار وعامة الشعب على حد سواء.

وبفعل هذه الظاهرة تحولت ملايين الأفدنة من أراضي صالحة للزراعة، إلى صحارى جرداء ، وأدى الزحف الصحراوى الى تنامى ظاهرة الهجرة من الريف الى المدن ، كما اسهم فى زيادة الصراعات فى المجتمعات على الاراضى الخصبة.

وليس أمرا مستغربا ان برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة اصدر تقريرا فى العام 2007 يبرز أن العوامل البيئية تعد من الأسباب الرئيسية التي أسهمت في اندلاع الأزمة في إقليم دارفور بغربى السودان.

وعانى الاقليم من العديد من الآثار المترتبة عن التغير المناخي، كما تأثر بالعديد من الأضرار البيئية الناجمة عن انتشار التصحر والجفاف مما دفع سكان دارفور من مزارعين ورعاة إلى التقاتل من أجل الموارد المائية القليلة والمساحات الخضراء.

وطوال عقود من الزمن لم تنقطع المحاولات الرسمية والشعبية فى السودان لإيجاد معالجات تحفظ توازن البيئة وتمنع تمدد الصحراء وتقلل من تأثيرات موجات الجفاف.

وفي هذا الاطار ، يمثل مشروع "الحزام الأخضر" الذى أطلقته سلطات ولاية الخرطوم بارقة أمل فى إمكانية مغالبة سطوة الطبيعة.

وحاز المشروع على محور اهتمام المؤتمر البيئي الأول المنعقد في الخرطوم، واتفق المشاركون فيه على اسهامه في ترقية البيئة فى السودان وكل دول المنطقة.

وأعلن اللواء عمر نمر وزير المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية بولاية الخرطوم شروع المجلس فى تنفيذ مشروع الحزام الشجري لولاية الخرطوم بطول 285 كيلو مترا وعرض مائتي كيلو متر خلال الأربع سنوات القادمة ، على ان تعمم التجربة على ولايات السودان المختلفة لاحقا.

وأوضح نمر، لوكالة انباء ((شينخوا)) ، ان المشروع ، الذى يكلف نحو 50 مليون دولار امريكى ، يهدف الى تحقيق جملة أهداف على رأسها إيقاف الزحف الصحراوي،وتثبيت التربة الرملية ، وتلطيف المناخ داخل المدن وخارجها.

وقال " هناك هدفان رئيسيان نسعى لتحقيقهما من خلال المشروع ، اولا نريد ان نساهم مع العالم فى تخفيف الانبعاثات السامة ، وثانيا تحقيق التوازن البيئى وخلق استقرار للقرى وتقديم الخدمات للمواطنين".

وذكر نمر ان المشروع سيتم تنفيذه على اربع مراحل خلال اربعة اعوام ، مشيرا الى ان كل مرحلة تبلغ نحو 70 كيلومترا ، موضحا ان حكومة السودان ملتزمة بنحو 25 بالمائة من جملة التكلفة المالية للمشروع والتى تبلغ 50 مليون دولار ، فيما سيلتزم المجتمع الدولى وصناديق المناخ العالمية بنحو 75 بالمائة .

من جانبه نوه حسن عبد القادر هلال وزير البيئة والموارد الطبيعية والتنمية العمرانية بالسودان باهمية انعقاد المؤتمر البيئي الأول لتنفيذ الحزام الشجري بولاية الخرطوم.

وأكد هلال فى تصريحات صحفية اهتمام الحكومة السودانية بايجاد معالجات لمشكلات التصحر والجفاف وتدهور البيئة.

وقال " لقد عانى السودان كغيره من الدول الافريقية من مشاكل التصحر وتدهور الاراضى الزراعية وقلة الامطار الناتجة عن التغيرات المناخية".

واضاف " اننا نحتفل بالحزام الشجري بولاية الخرطوم ، والذى يجئ ضمن منظومة السياج الاخضر الافريقى العظيم ، لاسيما وأن السودان هو اكبر دولة يمر بها مشروع السياج الافريقى بنحو 1250 كيلو مترا".

ومعلوم أن مشروع السياج الاخضر الكبير لأفريقيا، اقرته قمة تجمع الساحل والصحراء (س.ص) عام 2005 ، كما اعتمده الاتحاد الافريقي عام 2007 ، كمشروع افريقي استراتيجي لمساعدة البلدان الافريقية للحد من خطورة الزحف الصحراوي الذي يهدد مجموعة الدول الواقعة علي الساحل والصحراء.

ويقوم المشروع على دمج تشكيلات نباتية محلية ومصطنعة ووحدات رعوية وحظائر حيوانات، فيما يسهم كثيرا في إيجاد التنوع الإحيائي ومكافحة الفقر ومحاربة البطالة وخلق مشاريع صغيرة تستوعب أيدي عاملة.

ويعتبر السياج الاول من نوعه لعدد 11 دولة افريقية هي السودان، موريتانيا، السنغال، مالي، النيجر، نيجيريا، جيبوتي، اثيوبيا، بوركينافاسو، اريتريا وتشاد.

وتأتي اهمية السياج في انشاء حاجز من الغطاء النباتي يساعد في وقف تقدم زحف الرمال والتصحر عبر دول جنوب الصحراء وذلك من خلال تشجير وزراعة احزمة خضراء متعددة الانواع تمتد من موريتانيا الي جيبوتي بطول 7 الاف كم متر بعرض 15 كلم في المناطق التي يبلغ معدل هطول الأمطار فيها 100 -400 ملم في السنة والواقعة ضمن المنطقة الصحراوية الساحلية.

ويحتاج السودان دون غيره من البلدان الافريقية الى غطاء نباتى ، اذ تشير دراسة حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) الى ان السودان قد خسر ما يتراوح بين 250 ألفا إلى مليون و250 ألف هكتار من مساحة غاباته الكلية منذ العام 2005 ، وكان ذلك سببا رئيسيا فى تمدد ظاهرة الزحف الصحراوى.

ويقول البروفسور تاج السر بشير عبد الله خبير البيئة وعضو هيئة المستشارين في قطاع البيئة بمجلس الوزراء السودانى ، لـ ((شينخوا)) "تشير دراساتنا الى ان الكثبان الرملية النشطة تزحف بشمال السودان بمتوسط 15 مترا فى العام تجاه النيل الرئيسى".

واضاف "كما تتحرك الرمال من غرب السودان باتجاه الاراضى الخصبة بمشروع الجزيرة بوسط السودان ، وفى ذلك خطورة كبرى تهدد الاراضى الزراعية مما يؤثر على الاقتصاد الكلى".

وحذر عبد الله من خطر تمدد الزحف الصحراوى ، وقال " يواجه السودان كغيره من البلدان العربية مخاطر ظاهرة الزحف الصحراوي وموجات الجفاف والتصحر، وبفعل هذه الظاهرة تحولت ملايين الأفدنة من أراضي صالحة للزراعة، إلى صحارى جرداء".

ويساهم الزحف الصحراوى ، ضمن جملة اسباب اخرى ، فى تنامى ظاهرة الهجرة من الريف الى المدن ، كما يساهم ايضا فى اضعاف الموارد المحلية الشحيحة وزيادة الصراعات فى المجتمعات على الاراضى الخصبة.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

العلماء يؤكدون أن البشر والحشرات مصائرهم متشابكة
سقوط شجرة ضخمة كاد يتسبب في كارثة بتطوان
مدينة تسجل أعلى التساقطات المطرية خلال الـ24 ساعة الماضية
وفاة 50 شخصًا بسبب البرد القارس في بنغلاديش
إعصار "بلبل" يقتل شخصين ويشرد الآلاف في بنغلادش

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة