باريس ـ أ.ف.ب
تنكب الامم المتحدة اعتبارا من الاثنين على اعداد نص اتفاق بشأن حماية التنوع البيئي في اعالي البحار خصوصا لكون هذه المناطق الشاسعة لا تخضع للتشريعات الوطنية كما أن مبدأ الحرية يترجم فيها احيانا بخطوات عشوائية اقرب الى شريعة الغاب.
ففي اعالي البحار "يمكن فعل اي شيء، وهذا ما يجري فعلا"، بحسب ما يقول مصدر دبلوماسي فرنسي.
ويشبه جوليان روشيت الباحث في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية حالة اعالي البحار بالفوضى التي كانت تسود في الغرب الاميركي كما تصورها افلام "ويسترن".
والهدف من هذا النص الذي تعده الامم المتحدة ارساء قوانين تحكم اعالي البحار تحمي التنوع البيئي المهدد بالتلوث والصيد والاحترار المناخي والافراط في استغلال الموارد.
وهذا الهدف ليس سهل المنال، اذ ان المساحات البحرية الدولية تعادل نصف مساحة كوكب الارض.
وتنطوي هذه المناطق على تنوع فريد، اذ تضم اعدادا كبيرة من الانواع البحرية والانظمة البيئية، والموارد المعدنية، وتشكل موارد لانتاج الادوية.
ورغم ان اتفاقية الامم المتحدة حول البحار التي تعود الى العام 1982، تضم 320 مادة وتسعة ملاحق واتفاقين تطبيقيين، الا انها ليست كافية لتنظيم الانشطة البشرية في اعالي البحار، بحسب المصدر الدبلوماسي.
ويقول ريتشارد بايج المسؤول في تجمع يضم 32 منظمة غير حكومية منها "غرينبيس" والصندوق العالمي للطبيعة "هناك ثغرات كبيرة في تنظيم المحيطات".
ويضيف "هناك منظمات مختلفة مسؤولة عن ادارة الانشطة المختلفة (مثل الصيد والملاحة)، وهناك مناطق من المحيطات لا تسري عليها اي قواعد".
من هنا نشأت فكرة هذا الاتفاق الجديد حول "الحفاظ على التنوع البحري في اعالي البحار وادارته المستدامة".
اعتبارا من الاثنين وحتى التاسع من نيسان/ابريل، سيسعى مفاوضون من الامم المتحدة الى وضع اسس لهذا الاتفاق.
ومن النقاط الاكثر حساسية استغلال الموارد الجينية البحرية.
ويقول جوليان روشيت "حاليا ليس هناك اي قاعدة، من يصل اولا يستفيد اولا".
وستتطرق المباحثات ايضا الى انشاء مناطق بحرية محمية، وهي الوسيلة الافضل في الحفاظ على البحار، بحسب ما يرى كالوم روبرتس الباحث في جامعة يورك في بريطانيا.
وبحسب الخبراء، فان اقل من 1 % من مساحات البحار هي مناطق محمية.
ودعا ريتشارد بايج ايضا الى وضع "آلية لتقييم اثار الانشطة البشرية على البيئة".
تشدد الدول النامية على ضرورة انتقال التقنيات من دول الشمال الى دول الجنوب، حتى لا يكون استثمار المحيطات حكرا على شعوب دون غيرها.
ومن الامور التي تجعل التوصل الى اتفاق امرا ملحا هو الخطر البيئي الذي يمكن ان ينجم عن التنقيب عن المعادن في البحار.
ويقول روبرتس "ما زلنا في هذا المجال في طور الاختبار" اذ ان عمليات التنقيب "لم تصبح مربحة بعد من الناحية التجارية" بسبب الارتفاع الكبير في كلفتها.
لكنها قد تصبح مربحة مع تطور وسائل التنقيب في السنوات العشر المقبلة.
وسيحاول المفاوضون ان يتوصلوا اثر سلسلة من الاجتماعات، الى مشروع اتفاق بحلول آخر العام 2017.
بعد ذلك، قد تدعو الجمعية العامة للامم المتحدة في العام 2018 الى مؤتمر دولي للبحث في التوصل الى اتفاق عالمي، على غرار الاتفاق المناخي الموقع في باريس في كانون الاول/ديسمبر الماضي.