الدار البيضاء - جميلة عمر
أثيرت ضجة إعلامية عن إلغاء مجانية التعليم، واستهداف المدرسة العمومية، وغضب الطبقة الفقيرة التي تعتبر نفسها مستهدفة من هذا الإلغاء، خاصة أن أبناء هذه الطبقة الشعبية الفقيرة حققوا نجاحا كبيرًا، وحصلوا على أعلى الشهادات العليا، في جميع التخصصات، فتأسست الجبهة الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي.
وكشفت سعاد شاغل، في حوار خاص لـ"المغرب اليوم"، والتي تعد أحد أعضاء سكرتارية الجبهة، وصحافية مهتمة بقطاع التعليم، أن إلغاء مجانية التعليم تعتبر محاولة للإجهاز على أحد الحقوق الأساسية، وهذه المرة من خلال توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي تحاول نزع المجانية عن المدرسة ويصبح الولوج إليها مؤدى عنه، رغم أن المغرب فشل في القضاء على مظاهر الأمية والهدر المدرسي، والحد من بطالة حاملي الشهادات، بسبب فشل كل مبادرات إصلاح التعليم العمومي، وعدم جعل التعليم أولوية من أولوياته.
وأفادت أحد أعضاء سكرتارية الجبهة، أنه بعد عقود من مجانية التعليم وتيسير سبل ولوج كل الفئات الاجتماعية وخاصة الطبقات الشعبية إلى التعليم والمدرسة العمومية، وبعد نجاح أبناء العائلات الفقيرة في الوصول إلى الحصول على شهادات عليا في مختلف التخصصات، بدأ استهداف باستهداف أحد أسسها وهو المجانية.
وبخصوص وضعية التعليم في المغرب منذ الاستقلال، نوهت إلى أن أن المغرب خطى سياسة محكمة في قضية التعليم، حيث عمل منذ الاستقلال، على حماية المدرسة العمومية، وجعلها قادرة على مسايرة التحولات، التي يعرفها مجال المناهج والمعارف والعلوم، بحيث تم عام 1957 عقد أول اجتماع للجنة الملكية لإصلاح التعليم، التي كونها المغفور له محمد الخامس، والتي أقرت المباديء الأربعة كأساس للإصلاح، وهي التعميم، والتوحيد، والتعريب، ومغربة الأطر، منذ ذلك التاريخ عقدت مناظرات ولقاءات، كان آخرها مناظرة 1994، والتي اعتمدت أغلب خلاصاتها في صياغة الميثاق الوطني للتربية والتكوين عام 1999، التي كانت من أهم مرتكزاته تعزيز أدوار المدرسة العمومية باعتبارها مجالا للتجديد ودعامة للتغيير.
وتوقفت سعاد شاغل لتضيف قائلة: "رغم هذه الإصلاحات المتتالية، تظل النتائج متواضعة بل مخيبة للآمال، واليوم تعيش المنظومة التعليمية أعطابا عدة، في بنياتها ومكوناتها البشرية ومناهجها، ومضامينها نتيجة فشل السياسات العمومية في الإصلاح، وتتعمق الأزمة، التي تعتبر من أكبر تداعيات سوء تدبير الحكومة لشأن التربية والتكوين، الإكتظاظ يحطم الأرقام القياسية، باعتماد 70 تلميذا في القسم، والخصاص مهول يفوق 30 ألف أستاذ وأستاذة، وتراجع في التكوين والمستوى المطلوب".
وأشارت الصحافية، إلى أن الحلول التي اتخذتها الدولة، أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بدل معالجة الأعطاب التي يعرفها الجسم التعلمي ، فوجئ الكل بخروجه بتوصية، تزكي توجها حكوميا، يقطع مع المجانية، في تكريس واضح ودعم ظاهر للمدرسة الخصوصية التي أصبحت قطاعا منافسا غير شريف للتعليم العمومي وأحد مسببات أزمته، كل ذلك في سعي لوبيات للتخلص من المدرسة العمومية وتحويل التربية والتعليم الى مجال الربح ومراكمة الثروات، مما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع، ومنح تعليمي مجاني ذو جودة لكل المتعلمات والمتعلمين، وتزويدهم بالمعارف والكفاءات الضرورية.
وأكدت أن هناق بعض الطرق التي نهجها المجلس لقطع مجانية التعليم، أولا فرض رسوم جديدة على الأسر، ومساهمتها في تحمل العبء المالي للعملية التعليمية في سلك التعليم الثانوي التأهيلي والجامعي بدعوى دعم تمويل المنظومة التربوية، وتنويع مصادرها من خلال شراكة قطاع عام -خاص، التي تمهد لتفويت هذا المرفق العمومي للمستثمرين الخواص كحلقة من حلقات تدمير التعليم العمومي الثانوي والعالي، تم تحميل الحكومة مسؤولية إخفاقات التعليم، بحيث انتقدت كل التقارير سواء دولية ووطنية وبشدة العراقيل التي تقف دون بلوغ المغرب مستوى مرتفع من النمو الاقتصادي ، كما حملتها تبعات التأخر الذي يطال إصلاح المنظومة التربوية، معتبرة التعليم والتكوين هو أساس تحسين الوضع الاقتصادي.
وأضافت شاغل، أنه سبق للأحزاب السياسية، والنقابات الأكثر تمثيلية، والقوى الحية في البلاد أن عبرت عن رفضها القطع مع المجانية والتمهيد لخوصصة التعليم، وتشكيل جبهة وطنية للدفاع عن التعليم العمومي والجامعي، الذي يعتبر النواة الصلبة لهذا التنسيق لمواجهة كل المخططات التي تجهز على المدرسة العمومية من خلال ضرب المجانية.
وبشأن تبعات إلغاء مجانية التعليم أوضحت شاغل، أن الغاءها يعتبر قرارا لا شعبيا يستهدف بالتحديد تعليم أبناء الشعب المغربي، ويعمق الهدر المدرسي، الذي يصل ضحاياه من التعليم كل عام، حوالي 350 ألف ، ترفض بقوة محاولة الإجهاز وضرب الحق في تعليم جيد ومجاني لجميع بنات وأبناء الشعب المغربي، وتحذر من انعكاسات إخضاع التعليم لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، المحكومة بمقاربات محاسباتية ضيقة، تعتبر إلزامية الأداء للتسجيل في الجامعات، سواء في الإجازة الأساسية أو الماستر المتخصص، والترخيص للجامعات الخاصة، تراجعا خطيرا، وتمهيدا لسياسة الحكومة الرامية إلى رفع اليد على القطاعات الاجتماعية، وبداية لخصخصة التعليم