بروكسل ـ سمير اليحياوي
كشفت دراسة جديدة، ومثيرة للجدل، أنّ التكنولوجيا قد تتطوّر لتصبح أكثر ذكاء ولكن البشر يصبحون أقل ذكاء مقارنة بالعصر الفيكتوري، ويدّعي البحث أنه حتى 180 سنة مضت، كان الناس يزدادون ذكاء بفضل الانتقاء الطبيعي الذي يدعم "البقاء حاد الذكاء"، وسهّل ظهور الزراعة والمدن والحكومة على الأشخاص الأذكى أن ينعموا بالحياة وأن يكون لديهم المزيد من الأطفال وأن ينقلوا جيناتهم على نطاق أوسع، ولكن هذا الاتجاه قد انعكس الآن، كما يدّعي الباحثون في بروكسل.
وأصبحت الجينات التي تقود الذكاء أقل شيوعا منذ العصر الفيكتوري، لأن التقدّم في الطب وعالم التغذية يعني أن الأشخاص الذين لديهم معدلات ذكاء أقل يمكن أن يكون لديهم المزيد من الأطفال الذين يعيشون على قيد الحياة حتى سن البلوغ، ويترأس البحث مايكل وودلي من الجامعة الحرة في بروكسل.
وبيّن الباحثون، أنّ "الاتجاه التطوّري الذي استمر آلاف السنين، والذي يدعم ارتفاع القدرة المعرفية العامة، لم يتوقف فحسب، بل من المرجح أن يكون قد انعكس بين السكان الذين نشئوا في أوروبا والذين عاشوا في القرن التاسع عشر"، وكتب محاضر علم النفس في كلية لندن الجامعية، الذي لم يشارك في البحث، جيمس طومسون، في مدوّنته بشأن "وجهات النظر المثيرة للجدل المستبعدة إلى حد كبير من وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية"، بأنّ "الانتقاء الطبيعي هو السر، عندما يجب عليك استخدام ذكاءك الخاص من أجل البقاء، وكبح جماح المجادلات الموجودة لصالح المكاسب المستقبلية، من ثم يتضاعف عدد الأذكياء، عندما لا تكون هناك حاجة لفرض الضرائب لا يوجد هناك حاجة خاصة للذكاء أو ضبط النفس، ومن ثم لا يوجد أي قيمة استثنائية لهذه الصفات".
واستخدم الدكتور وودلي وباحثوه الجينومات المستخرجة من 99 شخصًا في أوروبا الوسطى الذين ماتوا بين 2000 قبل الميلاد إلى 600 ميلادية، وقارنت هذه مع الحمض النووي لعدد 503 من الأوروبيين في العصر الحديث، وظهر أن جينات الذكاء أصبحت أكثر شيوعًا مع مرور الوقت، وقد دعُمت هذه النتائج بتحليل منفصل لجينات 66 شخصا عاشوا منذ أكثر من 3200 سنة، هذه الزيادة العامة في الذكاء يقابلها تراجع منذ القرن العشرين - بمعنى أنه على الرغم من أن الناس، في المتوسط، لديهم معدلات ذكاء أعلى فقد انخفضت منذ العصر الفيكتوري عندما كنا في أوج صحتنا.
وأفاد أحد المؤلفين، دافيد بيفر، بأن الأفريقيين لديهم استعداد وراثي بأن يكون لديهم معدل ذكاء أقل من الأوروبيين، وفي عام 2014، ادعى الدكتور وودلي أن ردود فعل الناس أبطأ مما كانت عليه في العصر الفيكتوري، وربطه بانخفاض في إمكاناتنا الوراثية، وأظهرت دراسة الدكتور وودلي أن مرات رد فعل الناس قد تباطأت على مدى القرن - أي ما يعادل نقطة واحدة بمعدل ذكاء في العقد الواحد.