الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
ماجدة الشلحاوي فنانة عصامية تُبدع "بورتريهات" الملوك العلويين

الرباط - المغرب اليوم

جذبت الفنانة التشكيلية المبدعة بالفطرة، ماجدة جمال الشلحاوي، الأنظار إليها، فهي وُلِدت في مدينة سيدي سليمان الصغيرة والمعطاءة، وطاب لها المقام هناك، هي فنانة ليست كباقي الفنانات المغربيات، لأنها تحدت واقعها وإعاقتها وحولتها إلى حافز للبذل والعطاء الفني، ودافعا للتألق والنجاح بدل العزلة والاكتئاب، فرسمت وأبدعت بالريشة والألوان، وبرغم معاناتها من إعاقة حركية، إلا أن ذلك لم يقف يوما حائلا أمامها لمزاولة موهبتها في الرسم والتشكيل، ومواصلة مسيرتها الفنية بكل ثقة بعد أن خبرت أسرارها بشكل عصامي، محققة حلم طفولتها ومترجمة إياه إلى لوحات فنية و"بورتريهات" أبدعتها أنامل ماهرة في فضاء كله ألوان وجمال.

وتحكي أمّ فيحاء عن محطات بارزة كان لها تأثير كبير في حياتها وكانت سببا في انطلاقها نحو عوالم الإبداع والتميز، فكانت البداية بدعم الأسرة وتشجيعها في سن مبكرة، مرورا بشخصية الملك الراحل الحسن الثاني، ووصولا إلى مشاركتها في معارض ومسابقات وطنية ودولية وتتويجها من بين مئات الفنانين التشكيليين الذين توفر لديهم ما لم يتوفر لماجدة، ما جعلها تتشبث بالاستمرار في هذا المجال بالرغم من ضعف الامكانيات، كما كانت زيارة الملك محمد السادس إلى العديد من معارضها الفردية والجماعية ملهمة لها لأن تحكي للجيل الصاعد عن مختلف الحقب التاريخية للمملكة من خلال رسم لوحات الملوك العلويين الذين تعاقبوا على حكم البلاد منذ قرون في تجربة هي الأولى من نوعها في المغرب.

بورتريه الحسن الثاني

"بدأ ارتباطي بالرسم خلال المرحلة الابتدائية؛ إذ كنت دائما أرسم في دفاتري وكتبي المدرسية كل ما يخطر على مخيلتي بالأقلام الملونة وأنجذب للمثير من الألوان والأشكال"، تقول ماجدة لجريدة هسبريس الإلكترونية متحدثة عن هوس الإبداع والرسم الذي سكنها في سن مبكرة، وتضيف: "لاحظت عائلتي أن رسوماتي تنم عن حس فني يفوق سني، فكان أبي رحمه الله يشجعني على ذلك ويوفر لي كل ما أحتاج إليه من أقلام وأوراق، واستمر هذا الشغف إلى حدود المرحلة الثانوية التي كانت فترة فارقة في مسيرتي الفنية؛ إذ نظمت ثانوية علال الفاسي بسيدي سليمان حيث كنت أدرس، أواخر تسعينات القرن الماضي، مسابقة في الرسم عرفت مشاركة مكثفة من طرف تلاميذ وتلميذات جميع المؤسسات التعليمية بالمدينة، وتُرك للمتسابق حرية اختيار موضوع المسابقة، فرسمت بورتريها للملك الراحل الحسن الثاني حصلت به على المرتبة الأولى من بين العشرات من المشاركين والمشاركات، ومن هناك كانت انطلاقتي الفنية مع تعويض قلم الرصاص والأقلام الملونة بالريشة والصباغة المائية والقماش".

جوائز متنوعة

كبرت رغبة ماجدة جمال الشلحاوي في احتضان التجربة التشكيلية، فشقت طريقها نحو التألق والنجاح، واستقرت في محراب هو بيتها جعلته فضاء إبداع وإلهام، وذهبت بعيدا في البحث وأكثرت فيه، فحصلت على العديد من الجوائز الوطنية والدولية، التي كانت بمثابة أمل لها في الاستمرار في هذا المجال في غياب فضاءات للعرض بمدينتها سيدي سليمان ودعم المسؤولين بها. "شاركْتُ في ملتقيات ومهرجانات فنية عدة، وأقمت معارض فردية وجماعية ناجحة داخل أرض الوطن وخارجه، كما تم اختياري من بين 400 شاب وشابة للمشاركة في المؤتمر الدولي للشباب للألفية الثالثة تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء بقاعة المؤتمرات بالدار البيضاء، وفزت أيضا بجائزة تشجيعية من الدرجة الثانية من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالرباط، وغيرها من الجوائز الوطنية والشواهد التقديرية"، تقول ماجدة.

بارقة الأمل

وتبقى جائزة الشارقة للمعاقين المبدعين بدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2001 من بين أهم الجوائز التي حصلت عليها الفنانة ماجدة جمال؛ إذ حازت فيها على الرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي وكانت الممثلة الوحيدة للمملكة المغربية في هذا الحدث الهام، وحظيت بتكريم خاص من الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي سلمها درع التفوق في حفل كان تتويجا للجهود التي بذلتها في إثبات قدراتها وذاتها.

تهنئات ملكية

عرفت مسيرة الفنانة التشكيلية نجاحات عدة داخل أرض الوطن وخارجه، وتفتخر بزيارة صاحب الجلالة إلى العديد من معارضها، فتحكي عن أول لقاء لها بالجالس على عرش المملكة سنة 1999 بالرباط قائلة: "كنت أعرض لوحاتي بفضاء الأوداية بمناسبة الأسبوع الوطني للتضامن ضد الفقر، وكانت بعض صور الملك محمد السادس معروضة هناك، وفي اليوم الثالث تفاجأت بدخوله إلى فضاءات الرواق متحررا من البروتكول الرسمي، فتبادلنا أطراف الحديث وشجعني على الاجتهاد لتحقيق طموحاتي الفنية والسير بعيدا في هذا المجال، كما زارني في معارض فردية عدة بكل من القنيطرة والدار البيضاء، وفي العديد من المعارض الجماعية الأخرى"، لكن تبقى أحسن ذكرى عالقة بذهن ماجدة عن الملك هي المكالمة الهاتفية التي خصها بها جلالته بمناسبة ازدياد مولودتها الأولى سنة 2008.

وبهذا الصدد، تقول: "عودنا صاحب الجلالة دائما على رعايته للفن والفنانين؛ إذ تكفل بجميع مصاريف ولادتي لابنتي البكر فيحاء بمصحة خاصة بالرباط، وفور علمه بوضع مولودتي أرسل إلي باقة ورد وتهنئة إلى المستشفى، وفي صباح اليوم الموالي رن جرس هاتفي وكان المتحدث من الجانب الآخر مدير التشريفات الملكية والأوسمة يخبرني بأن الملك يريد محادثتي، وظلت الجملة التي خاطبني بها محفورة في ذاكرتي: معك القصر الملكي ماتقطعيش ندوز ليك سيدنا، فأحسست بشعور رائع وعاهل البلاد يتصل بي ويقدم لي التهاني مباشرة ويتمنى لي الشفاء العاجل والتألق والنجاح المستمر في مسيرتي الفنية".

التربية على المواطنة

إلى التاريخ المغربي تخطت ماجدة جمال حواجز الزمن بريشتها وأناملها الماهرة لترسم أجمل بورتريهات الملوك العلويين، تسرد لنا من خلالها ماضيا حافلا بملاحم وبطولات شهدها المغرب عبر قرون من أجل تبليغ رسالة هادفة إلى الأجيال القادمة حول التاريخ المشرق للمملكة المغربية. "حبي لبلادي خلاني نقوم بسنوات من البحث المتواصل في تاريخ المملكة المغربية"، تتحدث الشلحاوي عن بداياتها الأولى في خوض تحدي رسم صور جميع الملوك العلويين الذين تعاقبوا على حكم المغرب، من المولى الشريف إلى محمد السادس بن الحسن، تم تضيف: "أخذت البادرة رغم علمي بصعوبة رسم 23 ملكا، فكان علي البحث المكثف للحصول على معلومات أو صور أو وثائق عن تلك الشخصيات ومدة حكم كل واحد منهم، مع التركيز على الزي الرسمي للبيعة الذي كان يميز كل حقبة معينة بداية من القرن السادس عشر الميلادي إلى يومنا هذا".

وأكدت أن رسم ملك لم تره ولم تعش معه كان أمرا صعبا، "لكن التجربة كانت ممتعة ونجحت ونالت صدى كبيرا داخل الوطن وخارجه، فأنتجتُ مجموعة من اللوحات ستكون مدرسة للجيل الجديد الشغوف بتاريخ هذا المغرب الحضاري المعطاء في انتظار تشجيع أكبر". ولم تنس الفنانة التشكيلية مدينتها سيدي سليمان التي كان لها شرف استقبال أول معرض لهذه الصور بعد خروجها إلى العلن، والذي نظم في الهواء الطلق بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال سنة 2018، تلتها بعد ذلك معارض عديدة جابت مختلف مدن المملكة عند كل مناسبة وطنية، لتكون بذلك أول فنانة أبدعت ريشتها في رسم لوحات للملوك العلويين التي تقول عنها ماجدة إن "مكانها ليس على الجدران بل بمتحف للتاريخ".

مدرسة الفنون

"أتأسف لغياب أية التفاتة للفنان بمدينتي، فجميع معارضي وتنقلاتي كانت بتمويل ذاتي مني ومن أسرتي التي لا تبخل في مساعدتي ودعمي باستمرار، وأنا الآن بصدد الانتهاء من آخر اللمسات على مشروع افتتاح مدرسة لتعليم الفنون الجميلة بسيدي سليمان، وهو في مراحله الأخيرة بمجهودات شخصية ودعم من صاحب الجلالة الذي يوليني عناية خاصة أنا وابنتيّ فيحاء ورتيل، ويمدني بشحنات إيجابية للمزيد من العطاء"، تختم الحاجة ماجدة جمال حديثها.

قد يهمك ايضا :

ختام فعاليات الأسبوع الثقافي بمناسبة السنة الأمازيغية في مليلية المغربية

نقل "ملوك وآلهة مصر" إلى المتحف المصري الكبير وسط إجراءات أمنية مشددة

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

عرض منزل نزار قباني للبيع يُثير جدلًا كبيرا بين…
تعرّف على وزير الثقافة التونسي الكفيف الملقّب بـ "طه…
اختفاء مكان أثري في السودان والأمن يُخلي سبيل الجناة
لغز تمثال "مريم العذراء" الغارق في إسبانيا يُثير حيرة…
متحف "الإرميتاج" في روسيا يفتح أبوابه بعد الإغلاق بسبب…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة