كانبيرا - ريتا مهنا
كان يوم 15 فبراير/شباط 2016، هو اليوم الذي أمسكت فيه الرسامة السودانية "كاغي كوا" فرشاة الرسم للمرة الأولى، لتدخل بعدها عالم الفنون التشكيلية، فطالما أبدت اهتمامًا شديدًا بالفن والرسم منذ نعومة أظافرها، لكنها، فيما تقول، لم تظن ولو لمرة واحدة أنها تمتلك ما يؤهلها بأن تصبح رسامة.ووصلت كاغي، البالغة من العمر 24 عامًا، إلى مدينة سيدني الأسترالية للمرة الأولى، بعد أن قضت معظم طفولتها في مخيمٍ للاجئين في كينيا، لتشارك في ورشة للرسم تحت اسم "هارموني آرت كولكتيف"، ويُشارك فيها أكثر من 300 شاب وشابة أسترالي من 6 ولايات، تتراوح اعمارهم بين 15 و24، ومعظمهم لاجئين من دول متنوعة مثل ميانمار والكونغو والعراق وسورية وتايلند، كانوا قد وصلوا مؤخرًا بهدف المشاركة في ورش عمل مدتها ثمانية أسابيع، وتجري في جميع أنحاء أستراليا.
ويشرف على ورش العمل، 4 فنانين معروفين على مستوى البلاد لمساعدة الشباب في إبداع لوحات وجداريات كبيرة في شوارع سيدني، تعبر عما في داخلهم وعن نظرتهم للحياة وهويتهم، هؤلاء الفنانين هم فنان الشوارع المعاصر الشهير "براد إيستمان"، والمعروف باسم "بيستمان"، و"ريغان تامانوي" و"بين فروست" و"كاف-يين".
وتأتي ورش العمل برعاية الحكومة الأسترالية ومعرضي "إس.بي.إس" و"آمبوش"، فيما يتم عرض اللوحات الفنية في حي دارلينع في مدينة سيدني، وذلك احتفالًت بيوم التناغم الذي يوافق 21 مارس/آذار المقبل.
ومن جهتها، أعربت كاف-يين، التي تدير ورشة عمل في ولونغونغ وبلاكتونواس، عن سعادتها البالغة من الطاقة الإيجابية التي يبثها الطلاب في البرنامج، قائلة: "على الرغم من معاناتهم من التمييز العنصري ودخولهم تحديات أخرى، إلا أنهم يعشقون أستراليا".
وأضافت كاف، أن ورش العمل أتاحت للمشاركين فرصة الالتقاء بغيرهم من الشباب في ظروف مماثلة، وتكوين صداقات جديدة، ولكنها أعطتهم أيضًا مساحة للتعبير عن أنفسهم، والتواصل بطرق تجاوزت الاختلاف اللغوي والثقافي، حيث روى بعضهم قصصًا مروعة عن كيفية وصولهم إلى أستراليا وحياتهم في المخيمات، إلا أنهم كانوا على استعداد لخوض تجارب جديدة.
وكان فن الشوارع، لا سيما اللوحات المحلية في محطات القطار في ولاية كوينزلاند، هو ما ألهم "كاغي" لدخول عالم الفن، حيث ألمحت إلى أنها وجدت تشابه بين تلك اللوحات والفنون التشكيلية الأفريقية، مشيرة إلى أن السفر من أفريقيا إلى أستراليا كان تجربة صعبة، لذا فكان العلاج الوحيد هو الفن، إذ كانت تمضي ساعات طويلة للرسم لدرجة أن شقيقاتها كن تخفن عليها.
وكان أول من اكتشف موهبة "كاغي" الناشئة، مدرسها في معهد "تافي" في سيدني، ومن ثم فتح لها أبواب مجتمع الفن في إبسويتش، وفي عضون ثلاثة أشهر تمكنت "كاغي" من افتتاح أول معرض لها.
وكشفت كاغي، عن تجربة الورشة، أنها تعلمت منها الكثير، فقد فتحت أعينها على ثقافات مختلفة ومنحتها فرصة التفاعل مع تلك الثقافات، ومن جانبها، تعتقد "كاف-يين" أن فن الشوارع لديه إمكانات عديدة لظهور فنانين جدُد، وذلك لأنه "ديموقراطي بطبعته"، فليس هناك حاجة للدراسة الأكاديمية أو أموال عديدة، كما يتيح فرصة الوصول إلى جمهور عريض دون تدشين معرضًا فنيًا تجاريًا، أو استقطاب فريق تسويقي.