الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
حضارة السند

لندن ـ كاتيا حداد

تعد حضارة السند من الألغاز التي حيرت علماء الآثار لعقود من الزمن، حيث ازدهر نهر السند الذي عرفته الثقافات الحضارية العظيمة منذ عام 2600 إلى 1900 قبل الميلاد ثم اختفى فجأة من السجلات التاريخية، ويُعرف القليل عن الناس الذين غادروا المنطقة دون أن يتركوا دليلا أثريا على الصراع، وكانوا يتواصلون بواحدة من أكثر الكتابات تعقيدا في العالم.

ويعتقد أحد الخبراء حاليا أننا على وشك الاقتراب من فك رموز هذه النصوص القديمة باستخدام التكنولوجيا الرقمية التي يمكنها إيجاد بعض النماذج في رموزها غير العادية، وأوضح مؤلف كتاب "حضارة السند الضائعة" أندرو روبنسون أن "البحوث تقدمت بشكل كبير بشأن الإمبراطورية".
وامتدت إمبراطورية السند لأكثر من مليون ميل مربع عبر سهول نهر السند بداية من بحر العرب حتى نهر الجانج، هو موقع باكستان وشمال غرب الهند وشرق أفغانستان حاليا، وعاش شعب السند الذين يمثلون نحو 10% من سكان العالم بجانب الأنهار  بسبب اعتمادهم على الأراضي الخصبة المروية سنويا، ولكن ما تبقى من مستوطناتهم يقع في منطقة صحراوية شاسعة بعيدا عن أي نهر متدفق.

وظل شعب السند منسيا حتى فترة العشرينات، وكشفت سلسلة من الأبحاث منذ ذلك الحين الثقافة الحضرية المتطورة وطرق التجارة الداخلية بها التي لا تعد ولا تحصى، واكتشفت حتى الآن أكثر من ألف مستوطنة من مستوطنات السند تغطي باكستان وشمال غرب الهند، وتعد أكبر مستوطنتين "موهينجو دارو" و"هارابا" بالقرب من نهر السند.
وذكر روبنسون في تقريره "ابتكر شعب السند المراحيض الأولى المعروفة في العالم والأوزان الحجرية المعقدة والقلائد المصنوعة من الأحجار الكريمة المحفورة بإتقان، وتضم لغتهم ما لا يقل عن 400 حرف، بالإضافة إلى 600 رمز متميز، بما في ذلك ما وصفه العلماء برموز unicorn، وعندما رأيت الأحجار المنقوشة أصبحت مغرما بها في أواخر الثمانينات، عندما كلفت بالبحث في نقوش السند من قبل شركة منتجة للأفلام الوثائقية".
ونشر العالم الأكاديمي بشكل جماعي أكثر من 100 محاولة لفك رموز هذه النصوص القديمة، وربما يقترب الباحثون الآن من اكتشاف معناها أخيرا، وعلى سبيل المثال اكتشف في الأعوام الأخيرة اتجاه الكتابة من اليمين إلى اليسار من خلال دراسة شكل الحرف في النقوش المختلفة.

وبيّن روبنسون أن الجامعة التقنية في برلين أنشأت أول نصوص هندوسية إلكترونية مجمعة وأتاحتها للجمهور العام، واستخدم عالم الكمبيوتر راجيش راو في جامعة "واشنطن" في سياتل، التحليل الرقمي لاكتشاف أنماط هذه الرموز، وحسب الفريق مدى العشوائية في هذه النصوص باستخدام لغة برمجة الحاسب "فورتران"، ووجد الباحثون أن لغة الهندوس متماثلة مع اللغة السومرية، ولم يصبح فك رموز اللغة مجرد لغز فكري، ولكنه أصبح متشابكا بعمق مع التاريخ الثقافي لجنوب آسيا.
وأضاف خبير الهندوس في جامعة "واشنطن" راجيش راو، في حديثه إلى "Ted Talk" أن "هذه النصوص أصبحت ساحة معركة بين ثلاثة أنواع مختلفة من الناس، ويعتقد النوع الأولى أن نصوص الهندوس لا تمثل أي لغة على الإطلاق، ويرى الفريق الثاني أن نصوص الهندوس تمثل اللغة الهندو أوروبية، بينما تظن المجموعة الثالثة أن شعوب الهندوس هم أسلاف الناس الذين يعيشون في جنوب الهند اليوم".

وبالإضافة إلى صعوبة فك رموز هذه اللغة، لا أحد يعرف حتى الآن سبب اختفاء هذه الحضارة العظيمة، وظهر رأي عام 2012 يشير إلى أن تغير المناخ أدى إلى انهيار حضارة السند القديمة منذ أكثر من 4000 عام.
وأثارت إحدى الدراسات نقاشا طويل الأمد على مصدر ومصير نهر "ساراسفاتي" المقدس في الأساطير الهندوسية، وعمل فريق دولي من الباحثين لمدة خمسة أعوام على إنشاء خرائط رقمية للتضاريس التي شيدت بواسطة نهر السند والأنهار المجاورة بالاستعانة بصور من الأقمار الصناعية والبيانات الطبوغرافية، وعنى الفريق بالحفر وفحص الخنادق المحفورة يدويا أيضا.
وذكر المؤلف المشارك  للدراسة "دوريان فولر" وهو عالم آثار في جامعة كلية لندن "عندما تجتمع لدينا المعلومات عن التاريخي الجيولوجي للمكان يمكننا إعادة النظر فيما نعرفه بشأن هذه المستوطنات، وتجلب هذه البيانات رؤية جديدة في عملية تحول السكان شرقا والتحول إلى مجتمعات زراعية صغيرة مع تراجع المدن في الأوقات الأخيرة في مستوطنة Harappan".
وتشير الدراسة إلى تراجع الأمطار الموسمية ما أدى إلى إضعاف النهر ولعب دورا حاسما انهيار ثقافة الهندوس، ولا يزال هناك الكثير ليتم كشفه عن هذه الحضارة العظيمة.
وأشار روبنسون إلى أنه "برغم اكتشاف العديد من النقوش في باكستان والهند إلا أنه لم يزد طول هذه النصوص عن 26 حرفًا، حيث تم حفر أقل من 10% من مواقع السند المعروفة، وتكمن الصعوبة في الطبيعة المضطربة سياسيا لهذه المنطقة بصرف النظر عن تمويل عمليات الحفر"، وفي حالة حفر المواقع المتبقية ربما يستطيع الباحثون فك أسرار نصوص السند.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

عرض منزل نزار قباني للبيع يُثير جدلًا كبيرا بين…
تعرّف على وزير الثقافة التونسي الكفيف الملقّب بـ "طه…
اختفاء مكان أثري في السودان والأمن يُخلي سبيل الجناة
لغز تمثال "مريم العذراء" الغارق في إسبانيا يُثير حيرة…
متحف "الإرميتاج" في روسيا يفتح أبوابه بعد الإغلاق بسبب…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة