الرئيسية » سياحة وسفر
الاقتصاد التركي يمرُّ بأزمة حقيقية نتيجة ركود القطاع السياحي

أنقرة ـ جلال فواز

مع اقتراب الموسم السياحي الحالي من نهايته، يبدو أن قطاع السياحة التركي يعاني من خسائر العام الماضي المدمرة، حيث أبعدت الهجمات بالقنابل والاضطرابات في الجنوب الشرقي من تركيا، ومحاولة الانقلاب العنيفة، السياح عنها، خصوصًا أنه تلت محاولة الانقلاب اعتقالات جماعية وإعلان حالة الطوارئ في البلاد. ووفقا لتقديرات رابطة وكالات السفر التركية (Türsab)، فإن تركيا قد تفقد بين 2 مليار و2.5 مليار جنيه استرليني في إيرادات السياحة بحلول نهاية هذا العام.

فقد أثرت هجمات القنابل في اسطنبول والعاصمة أنقرة ومدن أخرى بشدة على صناعة السياحة في البلاد. في يونيو/حزيران، قتل مسلحون ينتمون الى "داعش" 45 شخصًا وأصابوا آخرين في هجوم على "مطار أتاتورك" الرئيسي في اسطنبول. ووفقا لأولئك الذين يعملون في الصناعة السياحية، كان الأثر مباشرا عليها. ففي اسطنبول وحدها، انخفض عدد الزوار الأجانب الى أكثر من الربع. كما تدهور الوضع أكثر فأكثر عندما تعرضت تركيا لمحاولة انقلاب فاشلة في 15 يوليو/تموز، حيث ما لا يقل عن 240 شخصا لقوا مصرعهم.

وقال عاكف (41 عاما) الذي عمل في قطاع السياحة لأكثر من 20 عاما، ويدير الآن فندقه الخاص في منطقة "السلطان أحمد" التاريخية في اسطنبول، إن الأعمال قد عانت منذ العام الماضي، ولكن هذا الهجوم الانتحاري في يناير/كانون الثاني الذي قتل فيه 12 ألمانيا وزائر واحد من بيرو، على بعد أمتار فقط من فندقه، أدى إلى سلسلة من الإلغاءات.

وأضاف: "لم تصل نسبة الإشغال أبدا أكثر من 30٪ فقط في هذا الموسم بالنسبة لنا. نحن الآن نأجر الغرف مقابل 25 يورو التي تستأجر عادة مقابل 80 يورو، وهذا لا يغطي التكاليف لدينا، حتى لو كانت الغرف محجوزة بالكامل".

وتابع يقول: بعد كل هجوم بقنبلة في البلاد، تلغى المزيد من الحجوزات. وقد شهدت تركيا تراجعا كبيرا في معدلات الإشغال الفندقي، سواء في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، وهما عادة أكثر شهرين ازدحاما في الموسم، مع انخفاض إلى نحو 50٪ عن كل شهر، وفقا لجمعية أصحاب الفنادق التركية (Türob).

والبعض الآخر في القطاع تلقى ضربات حادة جراء الركود. وقال بيرك إرين (28 عاما) الذي يعمل كمرشد سياحي في جميع أنحاء تركيا لمدة ست سنوات، أن السياحة انخفضت بشكل مستمر بعد تفجير السلطان أحمد في يناير/كانون الثاني الماضي.  وأضاف: "لكن الأسوأ كان الهجوم على مطار أتاتورك في يونيو/حزيران، لأنه ليس فقط قتل ما تبقى من صناعة السياحة هنا، ولكن أيضا من الناحية النفسية. المطار هو المكان الذي أتردد عليه يوميا تقريبا بسبب عملائي". وقال أن قرار عدة شركات سفن سياحية كبرى بألا تدعو عملاءها الى تركيا هذا العام، كان له أثر مدمر على ساعات عمله كمرشد لحسابهم.

وقال: "هذه السفن تحمل ما يصل الى 4000 سائح وهم بحاجة إلى مرشد. كنت أعمل بين 16 و 20 يوما كل شهر، وأحيانا 25 يوما. ولمدة ثلاثة أشهر من الآن،  بالكاد عملت على الإطلاق". وقال إنه وزوجته، التي تعمل أيضا كمرشدة سياحية، يتطلعان إلى تغيير وظائفهما.

وقبل التفجيرات، كان قطاع السياحة، يسهم بحوالي 4.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي في تركيا، سبق أن تضرر بشدة من الاحتكاك مع موسكو حول إسقاط طائرة مقاتلة روسية، مما أدى إلى مقاطعة السياح الروس لتركيا. أنطاليا، التي تسمى أحيانا "عاصمة السياحة في تركيا"، حيث تعتمد 60٪ من جميع الأعمال على هذا القطاع، شهدت انخفاضا هائلا في الإيرادات حيث شهد عدد الوافدين بشكل عام انخفض بنسبة أكثر من 50٪ في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام. وانخفض عدد الزائرين الروس بنسبة 95٪. ومنذ ذلك الحين تم ترميم العلاقات مع موسكو، ولكن لا يزال التعافي بطيئا.

إن أنطاليا ليست المدينة الساحلية الوحيدة المتضررة من الركود في مجال الأعمال التجارية، فقد عانت شعبية المنتجعات، مثل فتحية، كمر أو بيليك، أيضا من خسائر فادحة. واضطرت العديد من الفنادق والمطاعم لفصل الموظفين الزائدين عن الحاجة، وبعضهم لم يفتح أبوابه على الإطلاق. وظلت أكثر من 30٪ من الفنادق في ألانيا مغلقة هذا الموسم. وقال كومالي بورا، وهو بائع صابون مصنوع يدويا الذي يقول إن الأعمال قد انخفضت إلى النصف هذا الموسم. وفي يونيو/حزيران، تصدرت بودروم عناوين الصحف عندما بدأ اثنان من أصحاب المحلات معركة بالأيدي التي توسعت لتشمل 50 شخصًا في محاولة لجذب سائحين إلى محلاتهم.

وفي جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية، وصلت صناعة السياحة الوليدة إلى طريق مسدود بعد انهيار عملية السلام لمدة عامين بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني المحظور (PKK). مع استئناف الصراع المسلح في المنطقة، وحذرت وزارة الخارجية البريطانية ضد التوجه دون ضرورة ملحة إلى جنوب شرق تركيا. ماردين، وهي مدينة التلال القديمة الشعبية لدى منظمي الرحلات السياحية الثقافية، شهدت معدلات إشغال الفنادق بنسبة 100٪ في عام 2014، بينما هي تكافح الآن لجذب أي سائح.

وقال أحد صائغي الفضة في شارع ماردين التاريخي إن "الشركات الصغيرة والتجار يائسون"، وإن "ماردين لا تذكر في الأخبار إلا في ما يتعلق بالاشتباكات المسلحة، ولكن المدينة نفسها آمنة تماما".

البازار الكبير في منطقة السلطان أحمد، وهو عامل الجذب السياحي الرئيسي في اسطنبول، يضم أكثر من 3000 متجر وكان يجتذب ما يصل الى نصف مليون زائر كل يوم. الآن، شوارع التسوق المزدحمة في السوق البالغ من العمر 550 عامًا، هي فارغة تقريبا.

وقال ألبير (42 عاما) وهو تاجر سجاد لما يقرب من 20 عاما، أن تيارات السياح الذين اعتادوا على زيارة السوق كل يوم بدأت في التوقف. ويضيف: "نحن الآن نبيع الكليم [السجاد] الذي كان يباع مقابل 700 ليرة بأقل من نصف السعر. نحن نبيعها الآن بسعر الشراء، لمجرد أن نكون قادرين على تغطية الحد الأدنى من بعض التكاليف لدينا". وتابع: "لقد اعتدنا على بيع منتجات تبلغ قيمتها 2000 ليرة في اليوم. الآن نحن لا نكسب نصفها كل شهر".

إن عدم وجود أعمال أجبره على الاستغناء عن أحد موظفيه في يوليو/تموز، ويخشى أنه سوف يضطر إلى إغلاق متجره تماما بحلول نهاية العام. ويضيف ألبير أن متجر السجاد الذي يعود لعائلته في البلدة الساحلية الخلابة "داتكا"، في الماضي كان مقصدا لسياح السفن السياحية من أوروبا، هو لآن لا يتلقى أي عمل على الإطلاق.

زميله البائع عمر، 50 عاما، والذي عمل في البازار الكبير منذ سن التاسعة، يقول إنه لا يستطيع أن يتذكر وقتًا أسوأ من ذلك في هذا القطاع. وقال: "واجهت تركيا العديد من الأزمات، ولكن التجار هنا لم يعانوا أبدا بقدر ما يعانون الآن. كل واحد منا لديه ديون. نحن بحاجة إلى توفير المال لعائلاتنا. إننا لسنا قادرين على تسديد أموال الناس الذين يبيعون لنا بضاعتهم، وحتى هذه المشكلة تتعلق بهم أيضا".

وأعلنت الحكومة التركية مؤخرا أنها سوف تأتي بتدابير لمساعدة قطاع السياحة المضطرب للوقوف على قدميه. فقد قال وزير السياحة في البلاد نابي أفشي في حدث متعلق بالسياحة في ألمانيا في أغسطس/آب: "إن صناعة السياحة، على وجه الخصوص، تعتمد على الدعم. وستتم مناقشة تدابير ملموسة في الحوار مع الصنَّاع وسوف نعلنها في الأيام المقبلة".

وتم تقديم الدعم للرحلات الجوية إلى خمس وجهات للعطلات على شاطئ البحر، مثل أنطاليا وأزمير، أو دالامان، حيث تم مؤخرا تمديدها حتى نهاية العام. ومع ذلك، وعد بالإعلان عن المزيد من التدابير. وقد وعد أحمد كوكلر، رئيس مجلس إدارة البازار الكبير منذ يناير/كانون الثاني، عن إطلاق حملة ترويجية تهدف إلى زيادة الوعي بالسوق المغطى في جميع أنحاء العالم.

ولكن تجار الأسواق، مثل ألبير، يأملون بفارغ الصبر لمزيد من الدعم الحكومي لسد الركود الأخير في مجال السياحة، دون الحاجة إلى إغلاق المحال، وذلك عن طريق تخفيف عبء الديون، ومنح قروض بدون فوائد أو ضرائب.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

جزيرة دلما الإماراتية أصل اللؤلؤ للوجهات السياحية الساحرة
"الباهية" في أبوظبي ضمن أفضل 10 حدائق في العالم
وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام
"منتزه سلام" وجهة ساحرة وأنشطة ترفيهية في العاصمة السعودية
تعرف على أفضل المغامرات والوجهات السياحية للعائلات في 2021

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة