الدار البيضاءـ جميلة عمر
اختارَّ متطوعون مغاربة الجهاد في سورية إلى جانب المقاتلين في صفوف الجيش "الحر"، أو في كتيبة من كتائب المجموعات السلفية، فيما لوحظ بأن المتطوعين أغلبهم من خريجي السجون، وكانوا قد اعتقلوا بسبب قضايا تطرف، بينما قتل بعضهم والبعض الآخر ظل عالقا بين الحدود التركية السورية راغبين في العودة إلى أرض الوطن إلا أن شبح الاعتقال يخيفهم ليظلوا بين مطرقة نيران المعارك وسندان العودة، كما أن رموز السلفية الجهادية المقاتلة في الشام مثل بنشقرون والحلوي يطرحون تساؤلات عدة هل أُعطي الضوء الأخضر لتصفية المقاتلين المغاربة في سورية لأسباب ما زالت غير معروفة؟ حصل هؤلاء المقاتلون على تزكية دينية تحمل توقيع شيوخ سلفيين مغاربة باركوا "الجهاد المحمود" في سورية، ليقرروا بعد الإفراج أو العفو عنهم من السجن الهجرة إلى بلاد الشام من أجل القتال إلى صفوف الجيش الحر أو في كتيبة من كتائب المجموعات السلفية المقاتلة، معتبرين ما يقومون به هو واجب شرعي. مغاربة وبدون تفكير قاتلوا إلى جانب فصائل "جهادية"، بعد أن قضوا أياماً أو أشهرًا يتجولون في الأرياف المشتعلة بنيران المعارك بحثا عن "الجنة والشهادة"، أو محاصرين في تركيا، بعد أن تبين لهم أن "الجهاد" لم يعد فريضة في أرض دمرتها الأسلحة ومزق أوصالها تناحر الفصائل الإسلامية فيما بينها. كما سيتأكد لهم على أنهم ضحايا "صراع استراتيجي"، تداخلت فيه معطيات استخباراتية وأمنية وسياسية وطائفية، كما تدخلت فيه بعض الدول على خط من أجل تمويل والتنسيق مع بعض الفصائل الجهادية التي لديها قابلية التعاون أو التنسيق الأمني في الكواليس، كما وقع من قبل ببلاد الأفغان إزاء الغزو السوفيتي. وحسب الروايات التي جاء بها بعض العائدين والناجين من رحى الحرب ببلاد الشام ، إن "المغاربة مطلوبين كعناصر جهادية مقاتلة في صفوف المعارضة السورية ، إذ يطلق عليهم بأسود الأطلس لتواجدهم في الصفوف الأمامية للقتال، مع العلم أنهم غير مدبرين في معارك حامية الوطيس، فهم حديثي العهد بالإفراج عنهم من السجون المغربية ، ومع ذلك تمكنوا من حمل السلاح والوقوف في الصفوف الأمامية للدفاع عن حرية أبناء الشام . لكن التحاقهم بصفوف الحركات المناهضة للنظام السوري كان مآسي لعائلاتهم، إذ سقط منهم الكثير، ومنهم من رفع الراية البيضاء، وسلم نفسه للحكومة السورية. و تؤكد الأنباء أن أسماء مغربية كثيرة قضت نحبها في معارك توصف بحامية الوطيس داخل اللاذقية واليعقوبية وإدلب وحلب ودمشق. فقد قتل المعتقل السابق في غوانتنامو بنشقرون في سورية هو من أبناء مدينة الدار البيضاء ولد إبراهيم عام 1979 من عائلة فاسية آل بن شقرون و ﻷم من عائلة آل بن سودة و جدته موريتانية من بني حسان وهي قبيلة معروفة في شنقيط. عرف منذ صغره بتدينه والتزامه واستقامته. في سن مبكرة، هاجر إلى أفغانستان عام 1999 وذلك أيام حكم حركة طالبان بقيادة الملا محمد عمر، بعد ذلك سافر إلى السعودية تم تركيا وإيران وأفغانستان وباكستان قبل الالتحاق بالمغرب، تم عاد إلى أفغانستان فمكث فيها بين الجبهات والمعسكرات إلى أن بدأت هجمة الناتو أواخر عام 2001 م. فقاتل إلى جانب إخوانه إلى أن وقع في الأسر بعد حادثة سير على إحدى الطرق فتم نقله إلى سجن غونتنامو ليمكث فيه مدة أربع سنوات، بعد ذلك تم ترحيله إلى المغرب حيث قضى مدة من الزمن فيها قبل أن يطلق سراحه ثم يعاد اعتقاله من جديد بتهمة محاولة الهجرة للجهاد. وبعد الإفراج عن بنشقرون اتصل بأصدقائه الذين كانوا معه في غوانتنامو مثل محمد مزوز و خالد أزيك و محمد الرحا و 17 آخرين من أجل الجهاد والقتال ضد نظام بشار، وما إن وصل إلى حلب أسس حركة "إسلام الشام" ، بتنسيق مع جماعة "جبهة النصرة لأهل الشام"، المقربة من تنظيم "القاعدة"، والتي تم تشكيلها أواخر 2011، خلال الأزمة السورية، لتتوسع هذه الحركة في غضون أشهر لتصبح، من أبرز القوى المقاتلة في سورية. كما تمكن عن طريق صفحته الاجتماعية و"تويتر" و"يوتوب"، استقطاب مغاربة إلى حركته الجهادية، وأشرف على تأسيس خلية إعلامية تحت اسم "مؤسسة العقاب"، للإشراف على التواصل مع المتعاطفين مع الحركة الجهادية. وخلال الأسبوع الأخير لشهر أذار/ مارس قتل بنشقرون المكنى بــ " المكنى أبو أحمد المغربي" في معركة الساحل على هضبة في اللاذقية ، التي اندلعت قوات الأسد ومجاهدي حركة "شام الإسلام"، التي يعد بنشقرون أميرها. وتشير المعلومات المتوفرة، إلى أنه يوم واحد قتل عددا كبيرا من المغاربة مثل أنس الحلوي وعبد الجليل القدميري. بعد مقتل المغربي إبراهيم بنشقرون، جاء الدور على أنس الحلوي، الناطق الرسمي السابق باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في المغرب، حيث قتل في إحدى المعارك في اللاذقية. أنس الحلوي، الملقب بأبو مصعب القيادي السلفي السابق ضمن اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بالمغرب، أفرج عنه من السجن في ماي 2007، بعد أن قضى 3 سنوات سجنا بمقتضى قانون مكافحة التطرف، فتولدت لديه فكرة الجهاد، فهاجر في بداية هذه السنة إلى بلاد الشام من أجل القتال ضد نظام بشار الأسد، ظهر على عدة صفحات اجتماعية عبر "فيسبوك" و"تويتر"، وهو يحمل السلاح ، لكنه سرعان ما نشر خبر مقتله ببرج 45 الذي يعد أعلى قمة بجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، في معركة وصفها مقاتلون مغاربة في سورية بـ"الحامية" الوطيس، و"الطاحنة" مع الجيش السوري النظامي، وأطلق عليها اسم "معركة الأنفال. كما قتل أسامة الشعرة الذي يكم سن 14 سنة ، انتقل إلى سورية رفقة والده منذ بضعة أشهر عبر تركيا، إذ إن والده انتقل رفقة أسرته إلى هناك ليتطوع في القتال الدائر بين كتائب ذات مرجعية سلفية والجيش النظامي السوري، علما أن مسقط رأسه مكادة ،تعد معقلا للتيار السلفي. واشتهر أسامة في المغرب بكونه "أيقونة" احتجاجات منتسبي التيار السلفي، إذ كان يحضر في كل الأشكال الاحتجاجية تقريبا، واضعا على رأسه عصابة كتب عليها لفظ التوحيد، بعد دخوله إلى سورية احتضنته جبهة النصرة التي عملت على تجنيده في صفوفها لقتال الجيش السوري، ظهر في مواقع عديدة يتجول في إحدى قصور الأسد، و حاملاً رشاشات و أسلحة نارية رفقته أخيه و والده. طفل مغربي بلباس عسكري يحمل رشاش كلاشينكوف..تجنيده كان و بعثه للقتال يعتبر انتهاك لطفولته، فيما تساءل آخرون عن هوية هذا الطفل. كما انضم إلى فرقة المدفعية المضادة للطائرات ذات العيار 32 ملم، هناك حيث أصابه صاروخ من نوع سكود أرداه قتيلا. وتفاجأت أسرة الفتاة المغربية نورة التي لم تكمل عامها الـ15 بعد اختفائها بوجودها في سورية فباتصال هاتفي مع عائلتها التي تقطن بمنطقة أفينيون في الجنوب الفرنسي ، صرحت والدتها أن ابنتها " نورة " كانت عادية وفجأة بدأت تظهر عليها بعض التغيرات كارتدائها للحجاب الأفغاني ، انغلاقها على نفسها، واعتكافها على الانترنت وإنشاءها حساب "فيسبوك" ، وبتاريخ 23 كانون الأول/ يناير الماضي اختفت عن الأنظار، ليتوصلوا بعد دلك بخبر تواجدها في سورية وسط "المجاهدين" تحمل السلاح . و تؤكد الأم خلال تصريحها لـ"المغرب اليوم" أن ابنتها تعرضت لاستقطاب و لغسيل دماغ من قبل جماعات متطرفة، لأم أجهشت في البكاء لما فيه ابنتها، وما ستتعرض له مستقبليا خاصة بعدما أصبح يلاحقها مقاتلون من أجناس مختلفة من أجل النكاح ، تقول الأم وكلماتها متقطعة من كثرة البكاء " ابنتي أصبحت مسخرة لاستغلال جنسي"