الرئيسية » تحقيقات

لندن ـ سليم كرم

  يرصد المحللون السياسيون "احتجاجات العراقيين السنة الذين ينعمون الآن بدعم من دول الخليج على أمل الإطاحة بالحكومة الشيعية في العراق"، فيما أكدوا أن "العراقيين السنة هذه المرة أصبحوا أكثر تنظيمًا من خلال التعاون مع الدول الحليفة المتمثلة في  قطر والسعودية والأردن، ويقومون بتنظيم وتدريب وتجهيز أنفسهم ، ولكنهم سيبدأون بطريقة سلمية إلى أن تحين اللحظة المناسبة، مع عدم تكرار الأخطاء السابقة نفسها، وسيدمرون بغداد هذه المرة".   ولقد نشرت صحيفة "الغارديان البريطانية" تحقيقًا تناولت فيه أحوال العراقيين السنة وكيف يعيشون ويعانون، إذ لمحت خيمة قريبة من الطريق الذي يربط الحدود السورية الأردنية العراقي، إذ جلس أبو صالح أحد العراقيين السنة، يستدعي ذكريات مسيرة كفاحه ونضاله على مدى عشر سنوات ضد من يعتبرهم أعداء السنة العراقيين. وقبل عشر سنوات كان أبو صالح وهو ضابط سابق في نظام صدام يقود جماعة من المقاتلين السنة، لمقاومة قوات الاحتلال الأميركية، بعد دخولها بلدة  الرمادي بدباباتهم ومدرعاتهم، وكان سلاحه آنذاك العبوات المفخخة عن بعد والتربص للقوات الأميركية في أكمنة. ولكن مسعاهم لم يفلح. ولا تزال أثار تلك المعارك ظاهرة للعيان في المنطقة الصناعية في الرمادي في المحلات المهجورة، وأثار طلقات الرصاص والقذائف على جدران المنازل. ويفسر أبو صالح فشل المقاومة وتفتتها وتحولها إلى جماعات متنافسة بقوله "لقد ارتكبنا أخطاء عندما قمنا بتجنيد الأفراد عشوائيًا، إذ قام البعض بعمليات اختطاف من أجل تمويل المقاومة، وسرعان ما تحولت تلك العملية إلى صناعة، إذ كانت كل جماعة تحتجز مختطفيها في مناطقها، وتقوم بزرع المتفجرات أمام بيوت الناس، مشيرًا بذلك إلى بداية تنازع تلك الجماعات مع بعضها بعضًا ومع تنظيم القاعدة، وكيف تحولت جيرانهم فيما بعد ضدهم. وبحلول العام 2009 استطاعت المليشيات المحلية آنذاك اصطيادهم نيابة عن الأميركان، الأمر الذي اضطر الآلاف من العراقيين السنة، مثلما فعل أبو صالح إلى اللجوء إلى المناطق السورية المجاورة. والآن يعود أبو صالح وهو في منتصف الثلاثينات من عمره إلى منطقة الرمادي، ولكنه عاد هذه المرة محملا بموجة احتجاجية اكتسبها من ثوار ميدان التحرير، وثوار بنغازي وما يحدث في سورية. ويعتقد أبو صالح وغيره من العراقيين السنة أن "هذه الموجة الاحتجاجية، يمكن أن تشق طريقها نحو بغداد للإطاحة بالحكومة الشيعية التي يمقتونها". وخارج خيمة أبو صالح، يصطف الآلاف من الرجال على الطريق في صفوف منتظمة للصلاة على سجاجيد ملونة في مشهد يشد الطريق الرئيسي الذي يربط العراق بكل من الأردن وسورياة. وبعد انتهاء الصلاة يتجمع هؤلاء أمام منصة تمت إقامتها في وسط الطريق، للإعلان عن قائمة طويلة من الشكاوى والمظالم التي تتمثل في فساد ووحشية قوات الأمن التي تعتقلهم وقتما تشاء، وفي وحشية  قوانين مكافحة الإرهاب الوحشية وقوانين حل حزب البعث، وهي قوانين مفصلة لاستهداف المجتمع السني واعتقال أبنائه وآبائه في السجون عدة سنوات. وتتسم عرض المظالم بخطاب معادي للشيعة يتهمهم، بأنهم عملاء لإيران، ويهدد بالزحف في مسيرة إلى بغداد. ويهتف هؤلاء بعبارات تقول إن "بغداد لهم ويحمل البعض أعلام العراق في عهد صدام". ويحدث ذلك في الوقت الذي تصطف فيه قوات الأمن العراقية وقوات مكافحة الشغب بأسلحتهم، ترقبًا للموقف. ويتكرر مثل هذا المشهد في الكثير من المدن السنية في العراق، كل يوم جمعة على مدار الأسابيع الأخيرة، وذلك على هامش ذكرى مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي للعراق ، وهي مظاهرات سلمية يندفع فيها الآلاف إلى شوارع الرمادي والموصل والفلوجة، وهم بذلك يحاكون مظاهرات ثورات الربيع العربي المنتشرة في مناطق أخرى من المنطقة العربية. وتنتشر في الموصل والفلوجة، الخيام الاحتجاجية في الميادين العام، كما قام البعض في مناطق السنة في بغداد بمظاهرات احتجاجية في تحدٍ سافر ضد الإجراءات الأمنية القاسية المفروضة عليهم. ولكن المدهش في هذه المشاهد، هو قيام الفصائل السنية المتنازعة بطرح خلافاتها السابقة جانبًا، لتوحيد جبهة تضم شيوخ القبائل والنشطاء والضحايا، ضد الحكومة في بغداد. وقد قام أبو صالح في أعقاب المظاهرات الأولى التي نشبت في المدن السنية، بتجميع بقايا المقاتلين السابقين الذين شاركوا في جماعات المقاومة السنية، وعقدوا سلسلة من الاجتماعات لصياغة ميثاق يوحدهم، ويستغل الزخم والقوة الدافعة التي تشهدها المدن السنية. ويقول أبو صالح إنه "يفضل أن يطلق عليهم اسم "فصائل وطنية محترمة" نظرًا لأن الناس هناك مازالوا حساسيين تجاه بعض المصطلحات مثل المجاهدين، أو المقاومة". وأضاف أنهم "توصلوا إلى عقد هدنة بين شيوخ القبائل والفصائل الأخرى وحتى مع العناصر المعتدلة من تنظيم القاعدة". وأكد أن "العراقيين السنة لم يحدث أن توحدوا على هذا النحو منذ سقوط بغداد وحتى الآن، وأنهم يمرون الآن بمرحلة جديدة بعد مراحل الاحتلال الأميركي، ثم المقاومة، ثم هيمنة القاعدة، ثم الصراع الداخلي، وأخيرًا مرحلة النهضة واليقظة". وقال إن "رجال السياسة قد انضموا إليهم، وأنهم باتوا يحظون بشرعية في الشارع، ولقد توصلوا إلى قناعة بأنه عندما يكرهك الناس من حولك، فإنك لن تجد الدعم والعون سوى من أخيك". لقد تغيرت نظرة الناس إلى أمثال أبو صالح وزملائه من السنة، بسبب مشاركتهم في الصراع داخل سورية، ضد قوات النظام السوري العلوي الشيعي الذي تدعمه إيران،  والقيادة الشيعية في العراق. وفي ظل استخدام كلا الطرفين للخطاب الإعلامي الطائفي نفسه، فإنه بات من السهل معرفة معالم الصراع بين الطرفين بوضوح. لقد وجد أبو صالح نفسه يستأنف حربه القديمة، ولكن في ساحة قتال جديدة مع المقاومة السورية، ويقود وحدة عسكرية في حلب. ويقول لقد "علمناهم هناك في سورية كيف يصنعون من الفوسفات متفجرات"، وأضاف أن "نضالهم في العراق، هو نفسه نضالهم في سورية، ولو سقط النظام في سورية، فإن ذلك يعني تحررهم وتحرر سورية"، وأوضح  أنهم "يخوضون المعركة نفسها في العراق ضد إيران، وأنهم بانتصارهم يكونوا قد كسروا الهلال الشيعي الذي يربط بين إيران وسورية ولبنان". ويزعم أبو صالح أنه "وبعد عودته هو وزملاؤه إلى الرمادي كونوا ثلاث كتائب، استطاعت أن تعترض قوافل تحمل إمدادات إلى سورية وطائرة مروحية عراقية". وقال "إنه وبقية الزعماء السنة باتوا يحظون الآن بدعم شخصيات من دول الخليج الغنية الذين كانوا يمولونهم في سنوات مقاومتهم الأولى ضد الأميركان". وأضاف أنه "وبعد الهدنة بين الجماعات السنية العراقية، تم عقد اجتماع في العاصمة الأردنية عمان بين الجبهة الموحدة لفصائل السنة العراقيين مع ممثلين لجمعيات خيرية من دون الخليج". ويطالب العراقيون بـ "المال والسلاح بعد أن نفد مخزونهم من الأسلحة تقريبًا على مدى عشر سنوات، وبعد أن أمدوا السوريين بما لم تطاله أيدي الأميركان، أو القوات العراقية". وهم يطالبون بالمال لتدريب وتجنيد المزيد من المقاتلين استعدادًا لجولة جديدة من القتال. وقد طلبت الشخصيات الخليجية المزيد من الوقت. وفي الاجتماع الثاني في عمان حضرت مجموعة من كبار المسؤولين من كلا الجانبين، وقد وعد الخليجيون بتقديم العون طالما ظل العراقيون السنة موحدين، وشريطة استخدام الأسلحة فقط في حالة قيام قوات الحكومة العراقية باستخدام القوة ضدهم. وقد أكد زعيم سني آخر لصحيفة الغارديان بتلك الاجتماعات في عمان. وينسب مراسل "الغارديان البريطانية" إلى قائد سني عراقي قوله إنهم "لديهم هذه المرة خطة كبيرة، ليست ككل الخطط الفردية السابقة، وأنهم هذه المرة أكثر تنظيمًا"، وأضاف "نحن نتعاون مع دول مثل قطر والسعودية والأردن، ونقوم بتنظيم وتدريب وتجهيز أنفسنا، ولكننا سنبدأ بطريقة سلمية إلى أن تحين اللحظة المناسبة". وأكد"لن نكرر الأخطاء السابقة نفسها، فسندمر بغداد هذه المرة".

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

كويتيون يطعنون على الانتخابات البرلمانية بسبب "الكمامات"
الادعاء العام في فرنسا يتهم وكيل عارضات أزياء باعتداءات…
الكشف عن تفاصيل جديدة حول أخطر هجوم سيبراني في…
الشعب ما زال مصرا على إسقاط النظام في الذكرى…
أميركا تفتح "قضية لوكربي" بعد 32 عاما بتوجيه اتهامات…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة