الرئيسية » تحقيقات

دمشق - جورج الشامي

برزت رياضة المشي في سورية في الأشهر الأخيرة بشكل جلي ويعود سبب ذلك إلى النقص الحاد في المحروقات، واستحالة تزويد المركبات الخاصة والعامة بالوقود، نتيجة عجز الحكومة السورية على تلبية متطلبات الشارع السوري في ظل الأزمة الحالية. وارتفعت أجور المواصلات في سورية عامة ودمشق وحلب خاصة وبشكل جنوني، اي بما يزيد عن عشرة أضعاف التعريفة الرسمية في دمشق، وربما تصل إلى 30 ضعفاً في حلب، وهذا ما دفع السوريين بكل شرائحهم وانتماءاتهم وخلفياتهم ثقافية ومستوياتهم الاجتماعية للاستغناء عن المواصلات بكل أنواعها الحكومية والخاصة واستخدام القدمين وامتهان رياضة المشي للتنقل في العاصمة السورية دمشق، وفي العاصمة الاقتصادية حلب. ويقول أحد الطلاب الجامعيين لـ"العرب اليوم": "لم أعد أستطيع تحمل التكلفة العالية للمواصلات، وهذا ما دفعني للمشي، من منزلي إلى الجامعة، ذهاباً وإياباً، فأصبحت كلفة الركوب في المواصلات العامة 100 ليرة سورية أي ما يعادل دولارا واحدا في حين كانت في السابق لا تتجاوز الـ"10 ليرات"  وضمن هذه الأرقام أصبحت بحاجة إلى 200 ليرة يومياً فقط للمواصلات، وهذا رقم عالٍ مقارنة مع دخل العائلة، فأصبحت أستخدم المشي في سبيل التوفير". ويحاول آخرون إيجاد وسائل بديلة، فيقول موظف يدعى حسين: "في البداية جاريت التكلفة الزائدة، ولكن مع الارتفاع الجنوني، أصبحت أبحث عن وسائل بديلة، وكان الحل عبر الدراجة الهوائية للوصول إلى مكان عملي، ولكن مع مرور الوقت لم يعد هذا الحل مجدياً بالنسبة للآخرين، فرغم أنني حللت جزء من مشكلتي، ولكن باقي الموظفين لم يستطيعوا ذلك، خاصة أنه حتى الدراجات الهوائية ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ووصل في بعض الأحيان إلى 15 ضعفًا". أما موظفو الدوائر الرسمية فكانت معاناتهم أكبر، خاصة أن الدوام الرسمي يبدأ في الساعة الثامنة صباحاً، وهذا ما أدى إلى خروج هؤلاء من منازلهم في الساعة الخامسة صباحاً للوصول إلى مكان عملهم. وتعبر موظفة تدعى سعاد عن معاناتها قائلة: "أصبحت أستيقظ في الرابعة صباحاً، لأتجهز وأخرج من منزلي في الساعة الخامسة وذلك بحكم سكني في الريف، فأضطر ال المشي لأكثر من ساعة ونصف حتى أصل إلى مكان يوجد فيه مواصلات أستقلها إلى مكان عملي"،  وتضيف: "المشكلة الأكبر أن الحكومة رغم أنها المسببة للمشكلة، ولكنها لا تقدر الأزمة، فأي تأخير يتسبب في عقوبة". ويؤكد مدير في أحد دوائر الدولة يدعى عماد في حديثه مع "العرب اليوم": "للأسف لم تلق القيادة بالاً للمواطنين في ظل هذه الأزمة وصعوبة الوصول إلى مكان العمل، وخاصة للذين يسكنون في الريف، فالتأخر دقائق قليلة يكلف الموظف يوماً كاملاً من أجره، هو في أمس الحاجة له في ظل التضخم الذي تشهده البلاد، ولدي عدد من الموظفين يخرجون من منازلهم الخامسة والسادسة صباحاً للوصول إلى العمل، ومع ذلك بتأخر بعضهم نتيجة الأزمة". وفي السياق ذاته تتحدث  سيدة أعمال قائلة "لم أعد أحرك سيارتي من مكانها، ففي بداية أزمة المحروقات، اضطررت إلى الوقوف على محطة الوقود للتزود بالبنزين أكثر من عشرة ساعات، ولكن مع اشتداد الأزمة وتعذر التزود بالوقود، أصبحت أشتري البنزين من السوق السوداء بكلفة عالية، وصلت إلى 4 أضعاف، فثمن 20 ليتر بالشكل النظامي 1100 ليرة سورية أي "ما يعادل 11 دولارات"، وفي السوق السوداء وصل السعر إلى 4000 ليرة، لذلك لم أعد أحرك سيارتي إلا اضطرارياً، وحتى وسائل المواصلات العامة أصبحت نادرة وغالية جداً، فإذا وجدت سيارة أجرة فإن كلفتها عالية جداً، فأصبح مشوار سيارة الأجرة الذي كان يكلف 50 ليرة أصبح 400 وأحياناً 500 ليرة سورية، لذلك فضّلت البقاء في المنزل، أو قضاء المشاوير القريبة سيراً على الأقدام". وأفاد صاحب محل لبيع المأكولات يدعى أحمد  لـ"العرب اليوم": أصبحت "أتسوق بضائعي سيراً على الأقدام، وأضطر لحمل المواد الأولية لمسافات طويلة، فسيارتي لا يوجد فيها وقود، وشرائه من السوق السوداء بكلفته العالية، سينعكس على الكلفة، وسيضطرني لبيع البضائع بأسعار أعلى، لذلك فضلت التبضع سيراً على الأقدام، على أن أشتري الوقود لسيارتي من السوق السوداء، والاضطرار لبيع المواد للمواطن بأسعار عالية، لا يمكنه دفعه في الأساس". ومن خلال ذلك تتضح الأحوال التي هي عليها العاصمة دمشق، والأمر في حلب أكثر صعوبة وتعقيداً، فهذه الأزمة مترافقة مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وعناصر المعارضة، وهذا ما يزيد الوضع سوءً، وتعقيداً، فمع اشتداد الأزمة في الأيام الأخيرة، دفعت البعض إلى السخرية من الوضع في سبيل تخفيف من وطأة الحدث. ويسخر أحد المواطنين من الأوضاع قائلا  : " إن الحكومة السورية بعدم تزويدها المواطن بالوقود ودفعه إلى رياضة المشي، ساهمت في تنشيط الدورة الدموية لدى مواطنيها، وفي حثهم على الرياضة للحفاظ على صحة أجسامهم"  فيما قال آخر: "إنها فرصة للعودة إلى التراث، لنعيد استخدام "الحنتور، والدواب"، في إشارة لتوقف وسائل المواصلات الحديثة، واضطرار بعض المواطنين لاستخدام وسائل المواصلات القديمة، وأضاف ثالث: "العقل السليم في الجسم السليم"!. واعتبر مراقبون أزمة المحروقات بان لها الكثير من التبعات على مختلف الأصعدة، بداية من غلاء في مختلف متطلبات الحياة، وصولاً لغياب التدفئة، وصعوبة المواصلات وغيرها من المشاكل.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

كويتيون يطعنون على الانتخابات البرلمانية بسبب "الكمامات"
الادعاء العام في فرنسا يتهم وكيل عارضات أزياء باعتداءات…
الكشف عن تفاصيل جديدة حول أخطر هجوم سيبراني في…
الشعب ما زال مصرا على إسقاط النظام في الذكرى…
أميركا تفتح "قضية لوكربي" بعد 32 عاما بتوجيه اتهامات…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة