الرئيسية » تحقيقات
المآسي عديدة يتعرض لها النازحون في الموصل

بغداد- نجلاء الطائي

أثناء فرارها من حكم تنظيم "داعش" في شمال العراق قبل ثلاثة أشهر، شاهدت ليلى اثنتان من بناتها تموتان أمام عينيها، أقعدها الحزن وصدمة تلك الليلة الأليمة وهي الآن تجد صعوبة كبيرة في السير على قدميها وتكاد لا تأكل شيئا.

وانفجر لغم أرضي في البنتين لدى فرار الأسرة تحت ستار الليل بعد أن قضت أكثر من عامين تحت حكم تنظيم "داعش" في بلدة الشرقاط جنوبي الموصل، وتوفيت الابنة الصغرى على الفور وغطت الدماء جسدها.

وفقدت ابنتها ذات الستة عشر عاما ساقها وغابت عن الوعي، وربطت ليلى ساق ابنتها بغطاء رأسها وحملتها على ظهرها بضعة كيلومترات إلى خط الجبهة للجيش العراقي.
وقالت في وقت سابق هذا الشهر في مخيم قريب للنازحين حيث تعاني الآن الاكتئاب وأعراض الاضطرابات النفسية بعد الصدمة "كدت أسمع صوت روحها وهي تغادر الجسد، كان رأسها على كتفي".

وتدور معركة استعادة الموصل آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها التنظيم في العراق وسط سكان المدينة البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة الذين أمضوا عامين ونصف العام تحت الحكم القمعي لتنظيم "داعش".

سيطر عليها عناصر "داعش" في 2014 فجلدوا المدخن وقطعوا يد السارق ورجموا الزانية وألقوا الرجال المثليين جنسيا من فوق المباني، وقتل بضعة آلاف من المدنيين أو أصيبوا بجروح في حرب الشوارع منذ أن بدأ هجوم تدعمه الولايات المتحدة لاستعادة المدينة في أكتوبر تشرين الأول.

وتقول منظمات الإغاثة إن المخيمات المجاورة مكدسة بالمدنيين النازحين من الموصل والمناطق المحيطة بها والكثيرون منهم يعانون الاكتئاب واضطرابات القلق، وقالت ليلى "أشعر بالضياع وحياتي لم يعد لها معنى، إذا سٌرقت سيارتك يمكنك شراء أخرى، إذا دمر بيتك يمكنك بناء غيره لكن الحياة لا يمكن تعويضها."  وتتلقى ليلى علاجا نفسيا وتحضر جلسات أسبوعية تديرها منظمة أطباء بلا حدود لكنها تقول إنه لا شيء يمكن أن يخفف عنها محنتها.. "العلاج لا يشفي القلب العليل."

في خيمة مجاورة في دباجة تجلس امرأة أخرى أم لثلاثة أطفال من قرية أخرى في جنوب الموصل. وتبدو أكبر بكثير من سنوات عمرها العشرين وتتحدث في ضجر ونادرا ما تنظر في عيني محدثها.

كانت آلام المخاض قد فاجأتها أثناء هروبها في الخريف الماضي فولدت توأمين. ورفض الزوجان الخوض في تفاصيل الولادة لكن حالة الأم شُخصت منذ ذلك الحين بالاكتئاب واضطرابات كرب ما بعد الصدمة.

وقال أحد المعالجين إنها ضربت زوجها وحاولت قتل أحد أطفالها. كما أن لديها ميولا انتحارية وترفض العلاج، وقال زوجها "هي تتحدث معك بشكل طبيعي الآن لكنها في بعض الأحيان تحاول خنق الطفل وتقول لي، لا أريده خذه"، وحجبت رويترز اسميهما حفاظا على سلامتهما.

وكان هروبهما مجرد حلقة في سلسلة أحداث مأساوية عانتها أسرتهما في السنوات القليلة الماضية وكثيرون غيرهما، ولم يكونا قد غادرا القرية بعد عندما اقتحم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية منزلهما واتهموا الزوج بالتحريض على العصيان، والزوج رجل شرطة سابق عمل مع القوات الأميركية بعد الغزو في 2003.

وأطلق المقاتلون رصاصات في الهواء حوله ثم صوبوا فوهة رشاش إلى رأسه وقادوه إلى المسجد حيث ضربوه، وفي مرة أخرى دمرت غارة جوية منزل أحد الجيران، فكان كلبهما ينقب بين الأنقاض ويعود بأشلاء بشرية، وقالت المرأة "كانت أشلاء متروكة هناك يد أو ساق، الكلب كان يحضرها إلى عتبة بابنا ويمضغها أمام أطفالنا". وتفاقمت الأمراض العقلية التي أصابت النازحين داخل البلاد بسبب ضعف القدرة على الوصول إلى العلاج في ظل حكم التنظيم المتشدد فضلا عن صدمة النزوح.

والذين بقوا في الموصل فرصهم أقل في الحصول على علاج مقارنة بالمصابين بأمراض بدنية والجرحى، وقال أحد سكان حي المحاربين لرويترز الأسبوع الماضي إن أمه دخلت في غيبوبة قبل أكثر من شهر عندما اقتحم مقاتلو التنظيم منزلهم.

وقال إنه حاول دون جدوى العثور على سيارة إسعاف لنقلها إلى أربيل عاصمة منطقة كردستان المتمتعة بحكم ذاتي والتي تضم مستشفيات يعالج فيها جرحى الموصل من المدنيين الذين يتمكنون من الوصول إليها. وحتى يوم الجمعة الماضي كانت أمه ما زالت في منزلها في الموصل وما زالت فاقدة الوعي.

وقال أحد السكان المحليين إن ابنته ذات الخمس سنوات التي تعاني تشوها في المخ بعد ولادة مبتسرة لم تتمكن من الحصول على العلاج منذ أكثر من عامين. وهي لا تكاد تنطق.

وقال بلال بودير مدير الصحة العقلية بمنظمة أطباء بلا حدود "معدل الانتكاس مرتفع جدًا، لأن النازحين يتلقون أنباءًا وروايات مؤلمة يوميا". وأضاف قائلا "نحن نعالجهم وندعمهم لكن الأخبار السيئة لها تأثير سلبي وتحدث انتكاسة لدى بعض المرضى ويعودون إلى الصفر.

 

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

كويتيون يطعنون على الانتخابات البرلمانية بسبب "الكمامات"
الادعاء العام في فرنسا يتهم وكيل عارضات أزياء باعتداءات…
الكشف عن تفاصيل جديدة حول أخطر هجوم سيبراني في…
الشعب ما زال مصرا على إسقاط النظام في الذكرى…
أميركا تفتح "قضية لوكربي" بعد 32 عاما بتوجيه اتهامات…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة