بيونغ يانغ - المغرب اليوم
رفعت كوريا الشمالية مستوى تحدّيها الولايات المتحدة وحلفائها، بإطلاقها طرازاً جديداً من الصواريخ العابرة للقارات، اعتُبر الأقوى الذي تنتجه، ورأت فيه “استكمالاً لقوتها النووية”، مؤكدة أنه يطاول كل الأراضي الأميركية، ورأت حكومات وخبراء أن الصاروخ يشكّل قفزة في قدرات بيونغيانغ، كما يُعتبر رسالة موجّهة إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد أسبوع على إدراجه مجدداً كوريا الشمالية على اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وتشديده عقوبات عليها، وترويجه لضرورة كبحها، علماً أنه كان أكد أنه سيمنعها من تطوير قدرات مشابهة. وتوعد ترامب بتشديد عقوبات على النظام الشيوعي، وحضّ الرئيس الصيني شي جينبينغ على “استخدام كل أوراق الضغط المتوافرة” لإقناعه بـ “العودة إلى طريق نزع السلاح النووي”.
ويأتي هذا الاختبار في إطار مسار تصاعدي في التجارب الكورية الشمالية، إذ كانت أطلقت صاروخاً متوسط المدى فوق اليابان، في 15 أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد تنفيذها تجربة نووية سادسة، اعتُبرت الأقوى، في الثالث من الشهر ذاته، وأعلنت بيونغيانغ أن الصاروخ هو من طراز “هواسونغ - 15”، مشيرة إلى أنه بلغ ارتفاع 4475 كيلومتراً، وحلّق مسافة 950 كيلومتراً خلال 53 دقيقة، قبل سقوطه في المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لطوكيو في بحر اليابان، وذكرت ري تشون - هي، أشهر مذيعة تلفزيونية في كوريا الشمالية، أن زعيم الدولة كيم جونغ أون يشعر بـ “فخر لتمكّننا في نهاية المطاف من تحقيق هدفنا التاريخي الكبير، وهو استكمال القوة النووية للدولة”. وبثّ التلفزيون صورة له وهو يوقّع أمراً بإطلاق الصاروخ بـ “شجاعة في سبيل الحزب (الشيوعي الحاكم) والبلاد”.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن كيم قوله إن مركبة الإطلاق الجديدة “خالية من العيوب”، واعتبرها “تقدماً كبيراً”. وأضافت أن إطلاق الصاروخ يؤكد “سلامة الرأس الحربي في بيئة العودة إلى الغلاف الجوي”. لكن مراقبين ومحللين يشككون في قدرة بيونغيانغ على إتقان التكنولوجيا المطلوبة لتصميم رأس حربي قادر على تحمل الضغط الهائل الناتج من العودة إلى الغلاف الجوي للأرض، معتبرين أن الدولة الستالينية لا تزال تحتاج إلى سنوات قبل تطوير وسيلة توصيل يمكن الاعتماد عليها لإطلاق سلاح نووي.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية بأن الصاروخ “هواسونغ”، ويعني المريخ، “مزود برأس حربي ضخم جداً، قادر على ضرب القارة الأميركية برمّتها”. وشددت على أن تطويره سيحمي كوريا الشمالية من “سياسة الابتزاز والتهديد النووي للإمبرياليين الأميركيين”. وأكدت الدولة الستالينية أنها “قوة نووية مسؤولة”، وذكّرت بعقيدتها بـ “ألا تكون أول من يستخدم” السلاح الذري. وأوردت وسائل إعلام رسمية أن الأسلحة الكورية الشمالية “لن تشكل أي تهديد لأي دولة أو منطقة، طالما لا تُهدد مصالح كوريا الشمالية”، متحدثة عن “إعلان رسمي”.
وأشار “اتحاد العلماء المعنيين” (مقرّه الولايات المتحدة) إلى أن مسار الصاروخ والمسافة التي قطعها يفيدان بأن مداه سيكون أكثر من 13 ألف كيلومتر، وهذا أكثر من كاف لبلوغ واشنطن وكل أراضي الولايات المتحدة، وأقرّ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بأن الصاروخ “بلغ ارتفاعاً أعلى من أي إطلاق سابق” أجراه الكوريون الشماليون، ووضع الأمر في إطار “جهود البحث والتطوير لمواصلة صنع صواريخ باليستية قادرة على تهديد أي مكان في العالم”. ورأى في ذلك “خطراً على العالم أجمع”. وأعلن ترامب أنه ناقش هاتفياً مع شي جينبينغ “التصرفات الاستفزازية لكوريا الشمالية”، مشيراً إلى أن واشنطن “ستتعامل مع هذا الوضع” و “ستفرض عقوبات شديدة إضافية” على بيونغيانغ.
وأعلن البيت الأبيض أن ترامب دعا خلال الاتصال الهاتفي بكين إلى “استخدام كل الوسائل المتاحة لإقناع كوريا الشمالية بوقف استفزازاتها وبالعودة إلى مسار نزع السلاح النووي”. وأضاف أن ترامب “شدّد على تصميم الولايات المتحدة على الدفاع عن نفسها والدفاع عن حلفائها، في مواجهة التهديد المتزايد الذي يشكله النظام الكوري الشمالي”، أما وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) فأفادت بأن شي جينبينغ أعلن أن بلاده ترغب في مواصلة الاتصالات مع الولايات المتحدة وجميع الأطراف الآخرين، و “دفع الملف النووي نحو تسوية سلمية عبر حوار ومفاوضات”.