الجزائر ـ سميرة عوام
كشف عملاق أغنية "المالوف" في المغرب العربي، صاحب "الكمان الأبيض"، الجزائري حمدي بناني أنَّ الألوان الغنائية والفنية في الجزائر قد أعطت وزنًا كبيرًا لفن "المالوف" و"الأندلسي" في العالم، لاسيما في الوطن العربي.
واعتبر بناني، في حديث إلى "المغرب اليوم"، أنَّ "ذلك يتجلى في السهرات الفنية التي تقام في المهرجانات الدولية، لاسيما في باريس والصين، المولعة بالغناء الجزائري، والأندلسي، والفقيرات، فضلاً عن الأعراس المحلية في الجزائر والمغرب وتونس".
وأشار بناني إلى أنّه "على الرغم من اختلاف الطباع، إلا أنَّ ذلك كله يدخل في إطار تعزيز الموروث الغنائي الجزائري".
وأكّد الفنان الكبير أنَّ "أهم ألوان الفن، التي لها تواجد قوي في مجتمع المغرب العربي، لاسيما الجزائري، هي المالوف والفقيرات".
وأوضح أنَّ "المالوف عبارة عن موروث غنائي، بنصوصه الأدبية، وأوزانه الإيقاعية، ومقامته الموسيقية المستوحاة من التراث القديم، وتعود أصول هذا النوع من الغناء إلى بلاد الأندلس، حيث ورثها بعض الفنانين، وأعمدة الطرب الأندلسي، وغالبهم كانوا متواجدين في شمال أفريقيا، حيث تمَّ إدخال عناصر جديدة على المالوف، وإعطائه إيقاعًا جديدًا، مع تغيير النوتة، والحفاظ على القالب الداخلي للمالوف".
ولفت الفنان حمدي بناني إلى أنَّ "المالوف يتكون من مادة الشعر المنظم، والموشحات، والزجل، فضلاً عن إيقاعات لحنية تجمع بين النغم الأصيل، والإيقاع المتطور".
وأبرز أنَّ "النوبة تعتبر أهم قالب في المالوف المحلي، ومن بين شيوخ هذا اللون الغنائي هو شيخ المالوف حسان العنابي، والذي عرف بفنه العريق، وصوته الشجي، الذي ميّزه في فترة معينة، سيّما أنه كان يقيم الحفلات في الساحات العامة، وفي الأعراس، وقد ذاع صيته، وعرف بأغنية (رقيقة الحاجب)، والتي أدخل عليها النوبة المالوفية القديمة، والفنان الكبير الحاج محمد الطاهر فرقاني".
وبيّن الفنان حمدي بناني أنّه "أدخل على المالوف الكلاسيكي، في تسعينات القرن الماضي، طابع الفلامينكو، وهو العنصر الدخيل الأول على هذا الفن الفلكلوري، وهذا ساهم في انتشاري عالميًا".
وتطرق الفنان العالمي إلى "طابع أخر يحتل المرتبة الثانية بعد المالوف، وهو لون قديم اسمه الفقيرات"، موضحًا أنّه "عبارة عن جوق نسائي بحت، مستوحى من الفلكلور الجزائري القديم، يستمد كلماته وقصائده من الموروث الشعبي، والحِكم، وكانت الجزائريات في زمن مضى يؤدينه عن طريق أجهزة بسيطة، منها البندير، والدربوكة، والدف".
وأضاف "تشرف على جوق الفقيرات عادة امرأة مسنة، لها معرفة بهذا اللون، وتكون قادرة على تسيير الفرقة، وقد تشارك بعض الفتيات في هذا الجوق، والمهم أن تكون النسوة من ذوات صوت يغلب عليه البحة المالوفية الصافية، والتي تصدر صوتًا حنونًا، قد يبكي الحضور والمتفرجين".
وأردف "يشترك طابع المالوف والفقيرات في أنهما يؤديان بواسطة جماعة من الأشخاص، أي ما نطلق عليه الفرقة، وتدخل هذه الألوان في الأعراس، وحتى الوعدات، التي تقام في مقامات الأولياء الصالحين".
يذكر أنّه إلى جانب الفنان حمدي بناني نجد فنانين آخرين برعوا في تقديم فن "المالوف"، منهم الفنان ذيب العياشي صاحب الحنجرة القوية والبحة العنابية، والفنان ياسين عاشوري.