القاهرة - شيماء مكاوي
أكد عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال، وزميل معهد الطفولة في جامعة عين شمس، الدكتور مجدي بدران أن الحب ينتج عن كيمياء خاصة وأن الأجنّة تستشعر الحب داخل بطون أمهاتها.
وذكر بدران، في حوار خاص مع "المغرب اليوم"، أن كمياء الحب يفرزها المخ نتيجه استقبال معلومات من الطرف الآخر عن طريق الحواس, وجمال الجسد وحده لايكفي بل يلعب جمال السلوك العام وجمال العقل وعلو الثقافة وحتى نبرات الصوت دورًا كبيرًا في بدء الإعجاب، الذي يحدث نتيجة إفراز موصلات عصبية مثل الإدرينالين والنورادرينالين تجعل القلب يزداد طربًا وتزداد عدد ضربات القلب.
وأوضح أن المخ يفرز الدوبامين وهو موصل عصبي له علاقة بالنشوة والسعادة والحب والسهر, وهرمون الفازوبريسين الذي يجعل ذكور الثدييات والإنسان مغرمًا بأنثى واحدة فقط دون غيرها ويجعله غيورًا عليها، ويفرز أيضًل الأوكسيتوسين نتيجه الاستثارة عاطفيًا أو جسديًا وتختلف من فرد إلى آحر، فربما يحدث ذلك لسماع صوت الحبيب أو رؤية صورته أو حتى تذكره من دون رؤيته، أما الأوكسيتوسين فهو هرومون العناق وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب, كما يساعد على إدرار اللبن من ثدي الأم، ولكنه يجعل الجنسين أكثر رقة ووداعة معًا.
وأضاف أن كيمياء الارتباط تنشأ من إفراز المخ مجموعة من المواد شبيهة بالمورفين تسبب الإحساس بالسعادة في الارتباط بشخص ما والإحساس بالدفء والحميمية والطمأنينة، وهذه المشاعر ليست متفجرة مثل كيمياء شرارة الحب بل ثابتة بصورة مزمنة، وهذه المواد هي التي تجعل الزواج يدوم وتحول الزوجين إلى مرحلة إدمان أي يدمن كل منهما الآخر ولا يقدر على فراقه، وإذا حُرِم منه سواءً بالموت أو الانفصال تتعرض حياته للهلاك.
وأشار بدران إلى أن التفسير العلمي لذلك هو أن الزوجين يعتمدان على توفر كيمياء الإدمان المشروعة مثل الأندورفين المطمئن ومسكن الآلام، والذي يتدفق مع اللمسات والابتسامات، وهو أهم هرمونات ديمومة الزواج والإقبال على الحياة والانخراط فيها بالعمل والإنتاج، وعند الحرمان من كيمياء الإدمان لفقدان الشخص الملهم الذي كان يستثير المخ لإفزاز كيمياء السعادة، والبقاء يسقط الإنسان في دوامات الإحباط والاكتئاب والتفكير في الموت، كما أن الشيكولاتة مليئة بالفينيل إيثيل أمين التي تمنح الشعور بالسعادة أيضًا ولهذا يرتبط المحبون بالشيكولاتة.
وأضاف أن البرولاكتين هرمون الأمومة والرضاعة والحب الجياش نحو الأبناء، وفى دراسة أجريت على 5000 رجل وامرأة من مختلف الثقافات والجنسيات تبين أن الحب الأبدي عمره الافتراضي يتراوح ما بين 18-30 شهرًا ولا يزيد عمره عن 30 شهرًا، وللمساعدة في استمرار الحب يجب الاستمرار في التعبير عن الحب بالقول والفعل ونسيان الذكريات المؤلمة والتركيز على الذكريات الإيجابية، أما الأمفيتامنات فهي موصلات عصبية تسرع انتقال الأوامر بين الأعصاب تجعل الإنسان متيقظًا ونشطًا، ويعد السيروتونين أكثر هرمونات الحب وجودًا وهو هرمون اللذة والمتعة، والذي ينخفض بعد أول 6 أشهر من الحب بنسبة 40%، ويزيد هرمون النورادرينالين الحب الرومانسي.
وأشار بدران إلى أن الحب يرفع المناعة و مناعة السعداء أفضل من التعساء, ومناعة المتزوجين السعداء أفضل من غير المتزوجين، وأن الحب الذي يقدمه شريك أو شريكة الحياة ضروري لمقاومة الأمراض خاصة الأمراض المزمنة, والمتزوجون فرصهم أفضل في تجاوز فترة الأعوام الخمسة الحرِجة بعد الإصابة بالسرطان بنسبة 63% مقارنة بنسبة 45% للمطلقين، وأن غياب الحب يجلب التوتر ويولد كيمياء الغضب التي ترفع ضغط الدم وتسرع ضربات القلب وتسد الشهية وترفع مستوى السُكر في الدم وتخفض المناعة.
وأكد عضو الجمعية المصرية للحساسية أن الجنين يستشعر الحب داخل رحم الأم مضيفًا: حتى الجنين يشعر بالحب فينمو ويكبر أما الجنين المحروم من الحب تغمره كيمياء الغضب من الأم مثل جنين السفاح فيقل نموه وربما يموت في المهد، وأن الرضاعة الطبيعية أسمى أنواع الحب الذي يوهب الحياة، فالحب يلعب دورًا عظيمًا في تغذيه نفس ووجدان الإنسان ويجب إشباع الحاجة للحب في مرحلة الطفولة لينشأ الأطفال أسوياء، وتوتر الأم يزيد من ربو الأبناء في المستقبل والإهمال العاطفي ينقص العمر.
وأوضح أن خبرات الطفولة تربط بين الإهمال العاطفي للطفل وعدم تلبية حاجاته النفسية وبين تعرضه لحدوث تآكل شديد في الجزء المسؤول عن عمر الخلايا في الحامض النووي، وأن هذا التآكل في ذلك الجزء الذي يطلق عليه علميًا "التيلومير" يؤدي إلى نقص عمر الإنسان بسبب عدم قدرته على مقاومة الأمراض لتناقص عمر الخلايا وتلفها، والتيلومير يتأثر سلبًا ويتآكل أيضًا عند اتباع نمط حياة غير صحي يؤدي إلى السمنة أو بسبب التوتر والتدخين والسكر الزائد والكسل أو الشيخوخة المبكرة.