الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
وصف مندوب الجامعة العربية في الخرطوم السفير صلاح حليمة، في مقابلة مع "مصر اليوم"، اتفاق السودان الأخير مع دولة الجنوب في أديس أبابا، بأنه "إنجاز تاريخي، سيمهد لفرص أفضل لتطبيع العلاقات بين البلدين، وسيخلق وضعًا أفضل مما كان عليه الوضع في السابق، وبخاصة في الجانب الأمني، وأن الاتفاق سينعكس أيضًا على الأمن في المنطقة، ويتيح فرصًا أفضل للتنمية وبناء القدرات، وسيمهد لإمكان التوصل إلى حلول لباقي القضايا العالقة من خلال المفاوضات، التي ستبدأ بينهما خلال أسابيع". وعن استعداد الجامعة وترتيباتها الخاصة بتنفيذ المبادرة الثلاثية للتعامل مع الوضع الإنساني في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، باعتبارها طرفًا في المبادرة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أوضح حليمة أن "الأجواء العامة مواتية للمضي قدمًا في حل جملة من الصعوبات، وأن المسار السياسي ينعكس على المسار الإنساني والعكس صحيح"، مضيفًا "أعتقد أن ذلك سيفتح الباب أمام وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها في الولايتين، ولاشك أن الاتفاق الذي تم في أديس أبابا بين السودان والجنوب، ونص على فك الارتباط بين الحركة الشعبية الأم وقطاع الشمال، فرصة لابد من توظيفها لصالح العمل الإنساني". وكشف السفير حليمة عن أن "الجامعة العربية أعدت خطة عمل للتنفيذ، وبداية المسح الإنساني في المناطق المتأثرة بالصراع المسلح في الولايتين، وأن الجامعة العربية تنتظر رد قطاع الشمال في الحركة الشعبية على خطة العمل للتقييم والمسح والتوصل إلى تفاهم حتى نتمكن من القيام بخطوات عملية على الأرض لتنفيذ المبادرة"، موضحًا أن "الجامعة أجرت اتصالات قبل أربعة أيام بقطاع الشمال في الحركة الشعبية، وأن أطراف المبادرة (الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة) على استعداد للقاء معهم في أديس أبابا، للتدارس بشأن المبادرة، وننتظر ردهم حتى الآن وربما نستعجلهم في الرد، لأن الأوضاع تتطلب الإسراع في تنفيذ المبادرة بأسرع مايمكن، وأعلن أن الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة أفضل من تلك التي يسطر عليها المتمردين في جنوب كردفان بشكل خاص، وأبدت الحكومة السودانية اهتمامًا بالتدخل السريع لإنقاذ مايمكن إنقاذه في الولايتين، وتستطيع المبادرة الثلاثية حال تنفيذها في تدارك الوضع في كل المناطق في الولايتين وستغطي المناطق الواقعة تحت السيطرة الحكومية والمتمردين". وفى سؤال لـ"مصر اليوم" عن مدى قدرة الجامعة على التحرك لمساعدة السودان في سعيه لإسقاط ديونه الخارجية، أجاب السفير صلاح حليمة أن "الجامعة العربية تنوي التحرك لمساعدة السودان في حل ديونه الخارجية، وأن الجامعة تتحدث عن تحرك جماعي تشارك فيه الدول العربية والأفريقية ذات النفوذ والوزن، لإجراء اتصالات مع الولايات المتحدة واتخاذ خطوات عملية لإعفاء ديون السودان، وأن التحرك يشمل أيضًا كتلة عدم الانحياز، فالتحرك الجماعي سيحدث نتائج سريعة وأكثر فائدة وإيجابية، والهدف الأخير من كل هذا يتمثل في إقناع الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1989م، ومن ضمن أهداف تحرك الجامعة أيضًا الاتجاه لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وستشمل الاتصالات أيضًا إلى جانب الولايات المتحدة الدائنين الآخرين لإسقاط الديون عن السودان،وأتوقع أن يسفر مسعانا عن شئ قريبًا، وبخاصة وقد تلقى السودان وعودًا من هذه الدول بأن يحظى بحوافز حال موافقته على إجراء الاستفتاء وقبوله بنتائجه، وهو أمر تم بشفافية، حيث اعترف السودان بدولة الجنوب، وكان الرئيس السوداني من أوائل من هنأ من الرؤساء والقادة بقيام دولة ذات سيادة في جنوب السودان، ولكن تلك الأطراف لم تف بوعودها تلك"، مؤكدًا أن "السودان يستحق وفاء المجتمع الدولي بوعوده تلك، وبخاصة بعد توقيعه لاتفاق مع دولة الجنوب لحل عدد من القضايا واستعداده للحوار معها مجددًا، لاستكمال اتفاقات أخرى تعالج قضايا المناطق المختلف عليها، بالإضافة إلى حسم تبعية منطقة ابيي". واختتم حليمة حواره بالإشارة إلى أن "الجامعة العربية تتابع تفاصيل العملية السلمية في إقليم دارفور، وأنها في الوقت ذاته حريصة على إتمام المشروعات التي بدأتها هناك، بهدف توافر احتياجات المواطن ومساعدته بتمليكه وسائل إنتاج بسيطة تعينه في استئناف نشاطه مجددًا وتجاوز إفرازات الصراع في الإقليم المضطرب منذ العام 2003"، داعيًا الأطراف إلى "الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات بعد توقيع اتفاق الدوحة للسلام في دارفور، والسعي في الوقت ذاته إلى توسيع دائرة السلام في دارفور". وكان عضو وفد الحكومة السودانية وسفير بلاده في جوبا، الدكتور مطرف صديق، قد قدم تقريرًا لرؤساء البعثات الدبلوماسية في الخرطوم، شرح فيه بنود اتفاق بلاده الأخير مع دولة الجنوب. وحث صديق السفراء على إبلاغ حكومات بلادهم بالاتفاق، مؤكدا التزام بلاده بتنفيذ بنوده حرصًا منها على إقامة علاقات مع دولة جنوب السودان، مطالبًا مساندة السودان لتنفيذ الاتفاق والتحرك معه ضمن سعيه لإعفاء الديون الخارجية التي يقول الخبراء إنها تجاوزت 37 مليار دولار.