القاهرة ـ إيمان المهدي
كشف قائد القوات الجوية المصريّة الفريق يونس حامد المصري أنَّ العمليات المنتقاة في سيناء، التي يقوم بها مقاتلوا هذا السلاح، تتعامل بحذر لعدم إزهاق إرواح الأبرياء، مبيّنًا أنَّ طائرات "الأباتشي"، التي تستخدم في مواجهة "التطرف"، فيها وسائل حماية من مضادات الصواريخ، مؤكّدًا أنهم يعملون على تنويع مصادر التسليح، ويتعاونون مع وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع لإتمام عمليات الصيانة.
وفي شأن سبب اختيار القوّات الجوية ليوم 14 تشرين الأول/أكتوبر ليكون عيدًا لها، أوضح المصري، في تصريح إلى "المغرب اليوم"، أنّه "أثناء حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 سطرت القوات المسلحة المصرية مشاهد بطولية، أقرّ بها العالم، وقام بتدريسها في الجامعات والمعاهد العسكرية، حيث جاءت أعمال قتال القوات الجوية في طليعة الحرب، بعدما قامت بالعديد من البطولات، منها الضربة الجوية، التي أفقدت العدو توزانه في بداية الحرب، واستمر طيارونا في تنفيذ المهام، حتى جاء يوم 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، لتسجّل قوات القتال بالسلاح الجوي مهامها على أكمل وجه".
وأضاف "في هذا اليوم حاول العدو القيام بتنفيذ هجمة جوية ضد قواعدنا الجوية في منطقة الدلتا، بهدف إضعاف التجميع القتالي للقوات الجوية المصرية، وإفقادها قدرة دعم أعمال قتال القوات البرية، فتصدت المقاتلات له، ودرات أكبر معركة جوية في سماء مدينة المنصورة، والتي سمّيت فيما بعد بمعركة المنصورة".
وبيّن أنَّ "الأعداد القتالية المشاركة في هذه المعركة بلغت أكثر من 150 طائرة من الجانبين، أظهر فيها الطيارون المصريون مهام قتالية ومهارات فائقة في القتال أجبرت العدو على الانسحاب من السماء المصرية، بعدما ذاق مرارة الخسارة على مدار 53 دقيقة، حيث تم إسقاط 18 طائرة معادية، رغم تفوقه العددي، مما أجبر باقي طائرات العدو على الفرار من سماء المعركة، ولم يحاول تكرار هجماته جويًا، فمنذ ذلك التاريخ لم يقدم العدو على مهاجمة سماء مصر، ولهذا تمّ إختيار يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر عيدًا للقوات الجوية".
وعن موقع سلاح القوات الجوية من ركب التطور، أشار إلى أنّه "لم تكد تنتهي معركة أكتوبر حتى بدأت القوات الجوية مسيرة التطوير والتحديث وتنويع مصادر السلاح، وقد سارت خطة التطوير على مراحل، وفي إتجاهات عدة، مثل الطائرات، والمعدات، والأفراد، والتدريب، والتأمين الفني، والتصنيع".
وأبرز أنَّ "أصبح لدينا منظومة كاملة من أحدث الطائرات الأميركية، والفرنسية، والإنجليزية، والكندية، والروسية، والتشيكية، والصينية، والألمانية، والأوكرانية، القادرة على تنفيذ المهام المختلفة، بدقة وكفاءة عالية، على جميع الإتجاهات الإستراتيجية للدولة".
وفي شأن أبرز الأسلحة التي تمتلكها مصر، أوضح أنها "طائرات (إف 16)، بأجيالها المتعددة وطائرات (ميراج 5)، و(ميراج 2000) وأحدث طائرات التدريب وطائرات المعاونة الجوية (الفاجيت)، كما اهتمت القوات الجوية بتطوير قدرات وإمكانات الطائرات المتوفرة لديها، وأكبر مثال على ذلك تطوير وتحديث الطائرة (ميغ 12)، التي اشتركت في حرب أكتوبر، مما جعلها تستمر في الخدمة حتى الآن، مع تحديث طائرات الهيلكوبتر الموجودة في القوات الجوية".
وكشف الفريق المصري أنّه "تمّ تحديث طائرات الهيلكوبتر الموجودة في القوات الجوية ودخول هليكوبتر هجومي (الأباتشي) للخدمة، مع تحديث أسطول القوات الجوية في النقل والهليكوبتر وطائرات الإنذار المبكر (E_2C)، وكذلك وجود الطائرة الموجهة بدون طيار، إضافة إلى تطوير إمكانات القوات الجوية في مجال التدريب والمحاكيات والتأمين الفني، ليتناسب مع التطوير والتحديث في القوات الجوية، ونظم الجودة والصيانة العالمية، والتدريب على كل ما هو جديد في عالم الطيران، فضلاً عن تحديث معظم الطائرات بالأنظمة الملاحية المتطورة، التي تمكّنها من استقبال المعلومات من منظومة الأقمار الصناعية العالمية، لتنفيذ المهام بكل دقة".
وفي شأن خطط التدريب لطاقم المقاتلين الجويّين، أبرز أنَّ "هناك خططًا مستمرة للتدريب والإعداد الدائم، داخليًا وخارجيًا، تتم عبر برامج التأهيل العلمي والنظري في معهد دراسات الحرب الجوية، ومراكز التدريب والمعاهد الفنية المتخصصة للقوات الجوية، كذلك يوجد الفرق الخاصة، وطرازات الطائرات المختلفة، وتوفير المحاكيات المتطورة للطائرات الحديثة لزيادة الكفاءة القتالية وتوفير النفقات".
وعن فنون القتال وتطويرها، تابع "لدينا مدرسة للقتال الجوي، تضمّ آخر ما تم التوصل إليه من فنون الحرب والقتال الجوي، كتدريب متقدم، كما نمتلك نظامًا لتقييم نتائج القتال الجوي يعدّ من أحدث النظم في هذا المجال، إضافة إلى برامج الزيارات والبعثات الخارجية، بغية الاستفادة من خبرات الدول المختلفة، كذلك الإشتراك في المناورات والتدريبات المختلفة مع الدول الشقيقة والصديقة، لصقل المهارات والتعرف على أحدث الأسلحة وأساليب القتال".
وأردف "تمّ تنفيذ بيانات عملية، والذي يعتبر أعلى مستويات التدريب القتالي، حيث قامت القوات الجوية ببيان عمل بإشتراك جميع تشكيلات القوات الجوية، تم فيه إستخدام الذخيرة الحية، كما أنهت القوات الجوية عامها التدريبي بتنفيذ البيان العملي لإبرار كتيبة مظلات مدعمة ليلاً، للمرة الأولى في تاريخ القوات المسلحة المصرية، والذي اشتركت فيه معظم تشكيلات القوات الجوية، متعاونة مع قوات المظلات".
ولفت، في شأن طرق الإهتمام بالفرد المقاتل في سلاح القوات الجوية، إلى أنَّ "حرب أكتوبر أبرزت درسًا لا يمكن أن نغفله كطياريين في هذا السلاح، حيث أثبتت أنّ الكفاءة القتالية ومستوى التدريب للفرد أهم من المعدات، وقدرتها القتالية، ومن هنا يأتي الإهتمام المكثف بالطيارين، وبتدريبهم، منذ بداية التحاقهم بالكلية".
وأوضح أنَّ المواد التي يتلقونها أثناء مراحل تدريبهم ودراستهم "تشمل التأهيل العلمي على علوم الطيران بمختلف مراحله المتقدمة، والحواسب الآلية، واللغة الإنجيلزية، مع تحديث أسطوال طائرات التدريب لتواكب التطور"، مبرزًا أنَّ "وجود الطائرة النفاثة طراز (K-8)، والطائرة المروحية طراز (جروب)، فضلاً عن التدريب على المحاكيات المتطورة، التي تحاكي الواقع تمامًا، كما تقوم القوات الجوية بمسايرة أحدث الوسائل التعليمية بعد التخرج، وتوفير الرعاية الطبية والبدنية، لزيادة القدرة على تأدية المهام القتالية بكفاءة عالية".
استطرد "الركيزة الأولى لنجاح القوات الجوية في أداء مهامها هو الفرد المزود بعقيدة عسكرية وروح معنوية مرتفعة، وقدرة الأداء الجيد، والإلمام التام بمهامه في السلم والحرب، ولياقة بدنية عالية، وقدرة على إستخدام أحدث المعدات، وتلك الصفات تمكن الفرد المقاتل من أداء مهامه القتالية بأعلى معدلات أداء، وأقل استهلاك للمعدات والأسلحة والذخيرة".
وعن طريقة اختيار المقاتلين، أشار إلى أنَّ "القوات الجوية تقوم بإختيار العناصر المتميزة للعمل في المجال الفني، ثم تأهيليهم نفسيًا وبدنيًا وعسكريًا وعلميًا، وإلحاقهم بالتشكيلات الجوية، والإنخراط في الدورات وتوفير الرعاية الصحية والإجتماعية لهم ولعائلاتهم وذويهم، والاهتمام بمستوى معيشتهم".
وأكّد الفريق المصري أنَّ "القوات الجوية تقوم بدور هام لصالح أجهزة الدولة والقطاع المدني، لما لها من قدرة على رد الفعل السريع في مواجهة الكوارث الطبيعية، وتكون دائمًا في طليعة الأجهزة التي تبادر بالتدخل السريع في أحداث السيول والزلازل وإستطلاع المناطق المنكوبة والمعزولة، لتحديد حجم الخسائر ونقل الجرحى والمصابين، وأعمال الإخلاء والنقل السريع، والإمداد بمواد الإغاثة للمتضررين، ومكافحة الحرائق عبر الهليكوبتر ومراقبة الشواطئ والسواحل المصرية".
وأضاف "تشارك أيضًا القوات الجوية في مجال الرش الزراعي، والبحث والإنقاذ والإسعاف الطائر، والإخلاء الطبي، ومكافحة الزراعات المخدرة، وهناك تنسيق كامل بين وزارة الداخلية، إدارة مكافحة المخدرات، والقوات الجويّة، بالتعاون مع قوات حرس الحدود، مع التزام القوات الجوية بتنفيذ مشاريع التصوير المساحي لصالح هيئات ووزارة الدولة، اللازمة لأعمال التنمية الزراعية والتخطيط العمراني والنقل والطرق، كما يسند لنا أيضًا أعمال ومهام نقل مواد الإغاثة إلى الدول المتضررة من الكوراث الطبيعية".
وعن أوجه التعاون بين القوات الجوية والدول الأخرى في السلاح نفسه، بيّن أنّه "نظرًا إلى ما تمتلكه القوات الجوية المصرية من خبرات قتالية، وتاريخها الحافل بالبطولات، تسعى الدول، على اختلاف عقائدها، إلى الاستفادة من تلك الخبرات، عبر التدريبات المتشركة، مثل (النجم الساطع) مع الولايات المتحدة الأميركيّة، و(فيصل) مع المملكة العربية السعودية، و(اليرموك) مع الكويت، و(عين جالوت) مع الأردن، إضافة إلى تدريبات مشتركة أخرى لصالح باقي أفرع القوات المسلحة، عبر تنفيذ مجهود جوي لتفعيل مفهوم معركة الأسلحة المشتركة الحديثة، مثل (كليوباترا) و(نفرتيتني) لصالح القوات البحرية المصرية، و(الأفعى الحديدية) لصالح القوات الخاصة المصرية".
وفي شأن أبرز مظاهر احتفال القوات الجوية بعيدها السنوي هذا العام، اعتبر أنَّ "احتفال القوات الجوية هذا العام يتميّز بإجراء مناورة (مجد 2013)، التي تشترك فيها معظم تشكيلات القوات الجوية، ويتم تنفيذها نهارًا وليلاً، عبر تنفيذ جميع المهام الخاصة بالقوات الجوية، في تعاون وثيق بين تشكيلات السلاح، وبإستخدام الذخيرة الحية، مع عدم إغفال الإخلاء الطبي والبحث والإنقاذ".
وكشف قائد القوّات الجويّة المصريّة أنّه "ترتب على قيام ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ظهور متطلبات واحتياجات لتأمين الدولة داخليًا وخارجيًا، ولدعم استقرار الحياة اليومية للمواطنين، حيث فرضت الأحداث مهامًا إضافية للقوات الجوية، اشتملت على طلعات التأمين الخاصة بتأمين حدود البلاد، وإحباط الكثير من عمليات تهريب السلاح والمخدرات، عبر الحدود على الاتجاهات كافة".
وبيّن أنَّ "الوضع الأمني الداخلي في البلاد فرض علينا كقوات جوية القيام بمثل هذه المهام، والتزامنا بتأمين البلاد، وساعدنا في نقل أسئلة الامتحانات إلى المحافظات، لصعوبة تأمينها على الطرق البرية، وقامت طائرات الإسعاف الطائر بنقل المصابين من جميع أنحاء الجهورية إلى المستشفيات لسرعة تلقي العلاج، ولم نغفل وسط هذه المهام المسؤولية الأساسية لتطوير كفاءة الفرد المقاتل، مع عدم إغفال إستعدادهم للمشاركة في المهام المسندة لهم، وبعد ثورة 30 يونيو ظهرت كثافة العمليات الإرهابية، لاسيما في سيناء، وعليه قامت القوات الجوية بدور حاسم في معاونة التشكيلات التعبوية للقضاء على الإرهاب، في ربوع مصر كافة، مع تأمين المظاهرات السلمية أثناء الثورة".
وعن خطة تطوير السلاح المستخدم في القوات الجوية، أكّد "نعمل على تنويع مصادر السلاح من مختلف البلاد، إضافة تحديث منظومة الصيانة، عبر التعاون مع الإنتاج الحربي، وهيئة التصنيع، وبعض الدول الصديقة، بغية الوصول إلى أعلى تقنية في الأسلحة الحديثة".
وفي شأن حماية الحدود، بيّن أنَّ "عناصر الجيشين الثاني والثالث وقوات حرس الحدود والقوات البحرية يقومون بالتنسيق الكامل مع عناصر القوات الجوية، لاستتاب الاستقرار، والقيام بحملات توقيف الخارجين عن القانون".
ووجّه قائد القوّات الجويّة المصريّة رسالة إلى الشعب، في ختام حديثه إلى "المغرب اليوم"، موضحًا أنَّ "مهمة القوات المسلحة المصرية حماية إرادة الشعب، وقادرين كقوات جوية على حماية سماء مصر، عبر منظومة دفاعية تغطي كل الاتجاهات الإستراتيجية"، مبرزًا أنَّ "سيناء كانت لفترة كبيرة بعيدة عن أيادي وحراسة القوات المسلحة، وبعد انتشار الخارجين عن القانون، أصبح تأمينها مستعصيًا على القوات المدنية الداخلية، لأنَّ قدرات المجرمين فاقت قدرات عناصر الأمن الداخلي، ولهذا تدخلت القوات المسلحة لتحمي البلاد، أما العمليات المنتقاة، التي تقوم بها القوات الجوية في سيناء، فتتسم بالحذر لعدم إزهاق أرواح الأبرياء"، مشيرًا إلى أنَّ "مضادات طائرات الأباتشي، التي يقودها المقاتلين أثناء محاربة الإرهاب، فهي لا تمثل خطورة لأن الأنظمة الدفاعية لطائرات الأباتشي تتمتع بقدرات تحميها من هذه الصواريخ".