الرئيسية » عناوين الاخبار
محكمة مغربية

الرباط - المغرب اليوم

في قرار قضائي يُرجح أن يكون سابقة في تاريخ القضاء المغربي، أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة حُكماً قضى بشكل صريح بتجريم الاغتصاب الزوجي، وألغت حكماً ابتدائياً سابقاً كان قد كَيَّف فعل الاغتصاب الزوجي إلى الإيذاء العمدي في حق الزوجة.

ويضع قرار المحكمة هذا حداً لاجتهاد قضائي متواتر يقضي بعدم تجريم الاغتصاب الزوجي من منطلق قراءة تأويلية للنص المُجرِّم للاغتصاب، كانت تستثني العلاقة الزوجية من إمكانية تطبيق هذا النص، استناداً إلى الاعتقاد بكون "عقد الزواج يجعل الزوجة في حالة رضى مفترض بخصوص أي علاقة جنسية مع زوجها".

القرار نشرته الأسبوع الجاري جمعية المفكرة القانونية على موقعها الرقمي، الذي ينشر فيه قضاة مغاربة بعض الاجتهادات، ويتضمن تفسيراً لافتاً لحادثة عنف زوجي أفضى إلى افتضاض بكارة، ويعطي تعريفاً دقيقاً للاغتصاب الزوجي، كما يستشهد أيضاً بقرار لمحكمة النقض الفرنسية يعود لسنة 1990.

لكن المفارقة في هذا القرار الجديد تكمن في أن محكمة الاستئناف، وإن كانت أدانت الزوج الفاعل بالاغتصاب الزوجي بشكل صريح، إلا أنها خففت عقوبته؛ فبعدما كان قد أدين ابتدائياً بالإيذاء العمدي ودخل السجن لقضاء عقوبة سنتين، جرى تحويل هذه العقوبة استئنافياً إلى موقوفة التنفيذ، ما يعني أن الفاعل سيغادر السجن.

وبررت محكمة الاستئناف تخفيف حُكمها على المتهم بالرغبة في استمرار رابطة الزوجية عبر تنازل الزوجة المشتكية عن شكايتها السابقة، وهو ما يجعل هذا القرار يعترف في التعليل بالاغتصاب الزوجي بشكل واضح وصريح، لكن دون تجريم فعلي له.

فصول القضية

تعود حيثيات القضية إلى شهر يونيو من سنة 2018، إذ جرى نقل الزوجة المشتكية على متن سيارة إسعاف إلى المستشفى المحلي بالعرائش وهي تنزف دماً من فرجها، وصرحت للضابطة القضائية بأنها "كانت على خلاف دائم مع زوجها، وأخبرته بأنها ترغب في فسخ الارتباط بينهما الذي يعود إلى حوالي سنة".

وبررت الزوجة المشتكية عزمها فسخ الارتباط مع زوجها بأنها تحس بأنها شخص غير مرغوب فيه من طرف عائلته، وتحكي أنه بتاريخ 29 يونيو من سنة 2018 جاء لزيارتها بمنزل والديها، ولما أخبرته بنيتها فك الارتباط ثارت ثائرته وشرع في الصراخ.

وصرحت الزوجة للشرطة القضائية بأن زوجها "شرع في الصراخ واقترب منها وهددها بكونه سيقتلها ويقتل نفسه إن فكت الارتباط به، وعندما اقترب منها أسقطها أرضاً وقام بمواقعتها رُغماً عنها، وأدخل ذكره بقوة في فرجها رغم توسلها إليه للكف عن ذلك، وقامت بافتضاض بكارتها وتركها تنزف دماً، ونقلت إلى المستشفى وأدلت بشواهد طبية تفيد بتعرضها لعنف جنسي".

وعند استماع الضابطة القضائية إلى المشتكى به صرح بأنه "نظراً لمروره بضائقة مالية تأخر في إقامة حفل الزفاف"، وبأنه "كان يتردد باستمرار على منزل والدي زوجته ويمارس معها الجنس برضاها بشكل سطحي"، وأضاف أنه "دخل معها في خلاف، وفي يوم وقوع الحادث مارس معها الجنس بشكل سطحي، لكنه في لحظة لم يضبط نفسه وقام بإدخال ذكره في فرجها وافتض بكارتها وواصل ممارسة الجنس عليها دون أن ينتبه إلى كونها تنزف دما، ثم غادر المكان بناء على طلبها".

ودفع محامي الزوجة المشتكية بإدانة المتهم بالاغتصاب الناتج عنه افتضاض بكارة عبر متابعته بالفصلين 486 و488 من القانون الجنائي، والتمس الحكم بتعويض موكلته بـ20 مليون سنتيم؛ في حين رافع محامي الزوج بكون المواقعة كانت بشكل رضائي، وطالب خلال مرحلتي المحاكمة بالبراءة لموكله أو منحه ظروف التخفيف، معتبراً أن الفصلين السابقين لا ينطبقان عليه، لوجود رابطة الزوجية.

الحكم الابتدائي

في المرحلة الابتدائية، اعتبرت المحكمة أنه "لا يمكن الحديث عن الاغتصاب، ولا تطبق على النازلة مقتضيات الفصلين 486 و488 من القانون الجنائي، إذ إن المتهم عندما مارس الجنس مع الشاكية كانت زوجته وتربطهما علاقة زوجية".

كما اعتبرت المحكمة أن "معاينة الضابطة القضائية لملابس الضحية ملطخة بالدماء، وعلى رجلها آثار وكدمات، كلها تفيد بكونها تعرضت لاعتداء بالعنف الجسيم والإيذاء العمد حسب مفهوم الفصل 404 من القانون الجنائي".

وأكدت المحكمة الابتدائية في حكمها أنها "اقتنعت بارتكاب المتهم لجنحة الإيذاء العمد في حق الزوجة طبقاً لمقتضيات الفصلين 401 و404 من القانون الجنائي، وبذلك قررت حرمان المتهم المدان من مزية ظروف التخفيف".

منطوق الحكم آخذ المتهم من أجل الإيذاء العمد في حق الزوجة، وأدانه بسنتين حبساً نافذاً وغرامة نافذة قدرها ألف درهم، مع تحميله الصائر مجبراً في الأدنى، إضافة إلى أدائه تعويضاً مدنياً قدرها ثلاثون ألف درهم لفائدة زوجته.

الحكم الاستئنافي

تقدم الطرفان باستئناف للحكم الابتدائي، وبعد المداولة اعتبرت محكمة الاستئناف بطنجة في الملف رقم 2612/2019/203 أن "الاغتصاب الزوجي هو إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها وباستخدام الإكراه. ولا يقصد بالإكراه هنا الإكراه المادي فقط، والمتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، بل أيضاً الإكراه المعنوي المتمثل في الابتزاز والتهديد وممارسة الجنس بطرق وأساليب من شأنها أن تهين المرأة وتحط من كرامتها".

وأضافت المحكمة في قرارها أن "المشرع المغربي عرف الاغتصاب بأنه مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، وهو هنا لم يستثن المرأة المتزوجة، وعليه يفهم أنها يسري عليها تطبيق هذا النص، وهو ما سار عليه القانون الفرنسي باعتباره المصدر التاريخي للتشريع المغربي".

وأشارت المحكمة إلى أن محكمة النقض الفرنسية أصدرت بتاريخ 5 شتنبر 1990 قراراً جاء فيه أن "القانون الجنائي الفرنسي يهدف إلى حماية الحرية الجنسية لكل فرد، وبالتالي فإنه لا يستثني من الاغتصاب المعاشرة بالإكراه التي تقع بين شخصين تجمعهما علاقة زوجية".

نص الحكم أورد أيضاً أنه "إذا كانت الزوجة بحكم رابط الزوجية مدعوة إلى تمكين زوجها من نفسها، فإن الزوج مدعو بدوره لحماية شريكة حياته من الأفعال الفاحشة الماسة بعورتها التي لا يجوز العبث بحرمتها، ولا أن يمارس عليها الفاحشة بدون رضاها؛ فالرابطة الزوجية يجب أن توفر الحماية للزوجة، ولا ينبغي أن تستعمل كذريعة من طرف الزوج لارتكاب الفاحشة في حقها بطريقة هي غير راضية عنها".

من هذا المنطلق، وأمام اعترافات الزوج المتهم خلال مراحل التقاضي وتصريحات الزوجة المشتكية والشهادة الطبية، ومعاينة الضابطة القضائية لملابس الضحية ملطخة بالدم، اقتنعت المحكمة "بكون جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض قائمة في حقه طبقاً للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي".

وذهبت محكمة الاستئناف إلى اعتبار "القرار المستأنف لما أعاد تكييف الأفعال المدان بها المتهم على أنها تشكل الإيذاء العمدي في حق الزوجة طبقاً للفصل 404 من القانون الجنائي لم يصادف الصواب، ما ينبغي إلغاؤه والتصريح بمؤاخذته من أجل الاغتصاب الناتج عنه افتضاض طبقاً للفصلين 486 و488".

في المقابل، رأت المحكمة أن المتهم "يستحق ظروف التخفيف طبقاً للفصلين 146 و147 من القانون الجنائي، لدرجة إجرامه ولتنازل الزوجة عن شكايتها، استمراراً لرابطة الزوجية، مع جعل العقوبة المحكومة بها موقوفة التنفيذ في حقه لعدم سوابقه".

وفي الدعوى العمومية، قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بطنجة ما يلي: "إلغاء القرار المستأنف في ما قضى به من إعادة التكييف، مع جعل العقوبة المحكوم بها على المتهم موقوفة التنفيذ في حقه وتحميله الصائر والإجبار في الأدنى".

وفي المطالب المدنية قضت الهيئة القضائية التي نظرت في هذا الملف بإلغاء القرار المستأنف في ما قضى به من تعويض للمطالب بالحق المدني، والتصريح بالإشهاد على تنازلها عن المطالب المدنية

قد يهمك ايضا
توقيف رجل أمن وموظف بعد فرارهما من منزل معد لأعمال "منافية للآداب"

عشريني يقتل صديقه دهسا بالسيارة بسبب خلاف حول فتاة !

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

ضبط مرتكبي جريمة قتل المواطن المواطن خليفة القذافي في…
"النمروش" أصدرنا التعليمات بعودة كافة الكتائب المسلحة إلى مقراتها
انطلاق انتخابات المجالس البلدية في 4 مدن ليبية
السفير الأمريكي يُؤكد دعم بلاده لمنتدى الحوار السياسي الليبي
اتفاق في اجتماع القاهرة على إنهاء المرحلة الانتقالية في…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة