الرباط - المغرب اليوم
اشتد الجَدلُ من جديد داخل الأوساط الأوروبية حول إمكانية توفير ملاجئ في بعض بلدان شمال إفريقيا؛ فقد اقترح الأوربيون هذه المرة دفع أموال لفائدة كل من المغرب وتونس من أجل توفير "مساكن" آمنة للمهاجرين المُنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء. وبالرَّغم من أن المغرب سبق له أن عَبّر عن رَفْضِه لمُقترح خلق ملاجئ للمهاجرين داخل ترابه، بعدما كانت المفوضية الأوربية تقدَّمت بإلزام دول شمال إفريقيا بإقامة مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة كبديل للفكرة التي كانت إيطاليا قد اقترحتها، المتمثلة في توزيع المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الأوروبية على بلدان القارة العجوز، فإن "الاتحاد الأوروبي مُتشبث بإقامة هذه الملاجئ داخل المغرب للحدِّ من تدفُّقات المهاجرين".
ونقلت صحيفة "غارديان" البريطانية أن المجلس الأوروبي يدْعم بقوة فكرة تنْصيب ملاجئ خاصة بالمهاجرين الذين يستقرون في شمال إفريقيا، موردةً في قصاصة لها أن "هذا الاجراء من شأنه أن يحدَّ من تحرك المهاجرين الذين باتوا يصلون إلى أوروبا بالآلاف، كما سيوفر لهم الحماية الضرورية، خاصة بالنسبة للأطفال والنساء". وفي تعليقه على "مقترح" الأوروبيين، قال حليم المدكوري، خبير في قضايا المجتمع والهجرة، إن "موافقة المملكة ممكنة في إطار صفقة واسعة يرى فيها المغرب فوائد مباشرة، سواء على المستوى السياسي بمساعدة الرباط على تخطي أزمة الحركات الاجتماعية دون محاسبتها على خرق ممكن لحقوق الإنسان، أو على المستوى الاقتصادي-الاجتماعي بتقديم مساعدات مالية عاجلة لفرض مخرج من الأزمة المشار إليها".
وفيما لم ترد الجهات الرسمية المغربية إلى حد الساعة على هذه المقترحات، أورد المدكوري أن "المغرب قد يطالب بوضعية أفضل في إطار علاقاته مع الاتحاد تقيه التقلبات السياسية التي يشهدها البرلمان الأوروبي والبرلمانات الوطنية لدول الاتحاد كل على حدة. وطبعا سيطرح المغرب مطالب أخرى تهم سياساته تجاه مهاجريه داخل الاتحاد". لقد تحقق هذا الأمر مع تركيا التي تلقَّت ما يُناهز ستة مليارات يورو وامتيازات أخرى مقابل ذلك"، يقول المدكوري، قبل أن يضيف: "بسبب هذا الاتفاق مع تركيا تحوَّلت أمواج العبور نحو أوروبا إلى شمال أفريقيا، وخاصة ليبيا"، مورداً أن "مشكل الهجرة يشكِّل أكثر المشاكل تحدياً للاتحاد الأوروبي وتهديدا حقيقيا لبقائه في شكله الحالي".
وأكمل المدكوري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "دول الاستقبال ستكون مجبرة على توفير الشروط الدنيا من العيش الكريم، كالعناية الصحية والتعليم وربما في المستقبل القريب فرص الشغل كذلك، وهي أمور تعاني شعوب هذه البلدان من نقص قاتل فيها"، معتبرا أن الأخطر من كل هذا "هو مصير أولئك المهاجرين على المدى البعيد. هل سيتحولون إلى مواطنين في بلدان الاستقبال؟".
ورفضَ عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، أن تصبح "دول شمال إفريقيا حديقة خلفية للأوروبيين، فهي دول كاملة السيادة"، وقال: "محاولة تشييد الأوروبيين لمخيمات داخل هذه الدول تطاول غير مقبول عن سيادتها".
وأبرز الخضري، في تصريحات صحافية خاصة أن "دول شمال إفريقيا لم تنجح في إدماج الأفارقة المهاجرين. وكل المحاولات، التي قد يبدو المغرب نموذجا لها، تتخللها معيقات حقيقية، ولها تبعات خطيرة على السلم والأمن الاجتماعيين، خاصة على المديين المتوسط والبعيد، في ظل ضعف القدرة السوسيو-اقتصادية لهذه البلدان على امتصاص ورسملة التدفقات البشرية المتتالية"، بتعبيره.