الرباط - المغرب اليوم
أيامًا قليلة بعد منع وزارة الداخلية لنشاط حزبي يعود إلى العدالة والتنمية في الرباط، أقدمت السلطات المحلية في الدار البيضاء على منع نشاط مماثل لشبيبة الحزب ذاته في مقاطعة "سيدي مومن"، عبارة عن خيمة تواصلية تندرج في إطار الحملة الوطنية للتسجيل في اللوائح الانتخابية.
وفي كِلتا الحالتين، توصل التنظيم السياسي بترخيص مكتوب، لكن المنع كان شفوياً؛ وهو ما أثار امتعاض قياداته، حيث أعربت الكتابة المحلية لحزب "المصباح" في العاصمة الاقتصادية عن استنكارها لقرار منع النشاط، معتبرة أنه "غير مفهوم وغير مسؤول، خاصة أن من بين غاياته التفاعل مع حملة التسجيل في اللوائح الانتخابية".
وعبّر الكاتب الجهوي لشبيبة العدالة والتنمية في الدار البيضاء-سطات عن القلق عينه، حيث استغرب قرار المنع الذي رأى بأنه "غير مقبول"، مبرزا، في مقطع مصور نشرته الشبيبة في صفحتها المحلية، أن "المنع يعتبر شططا في استعمال السلطة، وهو أمر مرفوض"، مشيرا إلى أن "المنع يعود إلى العهود البائدة".
التوتّر بين الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية وبين وزارة الداخلية يطفو إلى السطح كلما اقترب موعد الانتخابات، حيث سبق أن منعت "أم الوزارات" أنشطة مماثلة للتنظيم السياسي قبيل المحطات الاقتراعية الماضية؛ وهو ما يجعلنا نتساءل: هل قرار منع الأنشطة المحلية للحزب يأتي من المركز أم يبقى مجرد اجتهاد وتقدير محلي لعناصر "الداخلية"؟.
يُحاول محمد شقير، الخبير القانوني الباحث في الشؤون السياسية، تقديم عناصر يُمكنها الإجابة عن السؤال سالف الذكر بالقول: "منع أنشطة العدالة والتنمية لا يرتبط بالانتخابات؛ وإنما تحاول وزارة الداخلية، باعتبارها وزارة سيادية، أن تعتبر الموقف على أنه لا يجسد أي محاباة للحزب الذي يترأس الحكومة على حساب باقي الأحزاب".
وأضاف شقير، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الموقف سبق أن عبّر عنه الملك في الخطاب الأخير، حيث أوضح أن السلطة يجب أن تبقى بعيدة عن الانتخابات، فبدل أن تنشغل بالمزايدات السياسية والحزبية؛ وهنا يقصد بذلك الأغلبية، يجب أن تنكبّ على العمل الحكومي وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية في البرنامج المسطر لها".
وأوضح الباحث عينه أن "وزارة الداخلية تبطّن رسالة معينة إلى الحزب الذي يتصدّر الحكومة، مفادها عدم استغلال الظرفية، حتى لا يمنح الأحزاب الأخرى فرصة بالدخول في الحملة الانتخابية السابقة لأوانها"، ثم زاد: "المنع ليس قرارا مركزيا بالضرورة؛ لأن الداخلية عبارة عن مكونات جهوية ومحلية".
"يمكن أن يكون القرار تقديرا سياسيا معينا للجهة التي قامت بمنع النشاط"، يورد شقير، الذي أشار إلى أن "السلطات المحلية لديها تقدير تقيس به السماح من عدمه لحزب معين، ولو كان يتصدر الحكومة"، مبرزا أن "الحكومة ليست لها السلطة على مكوّنات الأجهزة الرسمية والحقيقية، سواء تعلق الأمر بوزارة الداخلية أم المؤسسة الأمنية".
وختم الباحث في العلوم السياسية تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية قائلا: "يصبح بذلك حزب العدالة والتنمية متساوياً مع بقية الأحزاب السياسية، التي توجد في المعارضة أو الأغلبية على حد السواء، فعلى الرغم من ترؤسه للحكومة فإنه لا يتوفر على إمكانية لفرض أي تحرك إن لم توافق عليه وزارة الداخلية التي تبقى سيادية، وتخضع لاعتبارات أخرى على الصعيدين المركزي أو المحلي".
قد يهمك ايضا
حزب العدالة والتنمية يشتكي “التضييق” على أنشطته
برلمانية مغربية تؤكد أن تعيين محمد السادس للجنة خاصة بنموذج تنموي جاء نتاج أزمة