الرباط - المغرب اليوم
في وقت ترتفع دعوات الفاعلين الحقوقيين في المغرب إلى اعتماد عقوبات بديلة في حق سجناء الاعتقال الاحتياطي، من أجل تخفيف اكتظاظ السجون، اعترف عبد الواحد جمالي، منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بأنّ العقوبات التقليدية لم تعُد تؤدي الدور المطلوب منها.
جمالي قال في كلمة خلال افتتاح اللقاء الوطني حول "بدائل الإيداع المؤسساتي للأطفال في تماس مع القانون"، المنظم من طرف رئاسة النيابة العامة، ومنظمة "يونسيف"، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إنّ العقوبات التقليدية "لم تعُد رادعة ومخيفة، بل لها انعكاسات سلبية".
منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء خلُص إلى فكرة أنّ العقوبات التقليدية لم تعُد تؤدي دورها في الردع والتهذيب، انطلاقا من السياق التاريخي الكوني، مستشهدا بقول الفيلسوف الإيطالي سيزاري بيكاريا إن "التعذيبات المتبربرة التي ابتدعها أناس يعدون أنفسهم حكماء ونفذوها بأعصاب هادئة.. هذا الإسراف غير النافع في التعذيب لم يؤد أبدا إلى إصلاح البشرية".
واعتبر جمالي أنّ هناك إجماعا، اليوم، على أن العقوبات التقليدية "أعلنت فشلها في الحد من ظاهرة الإجرام، وأن السجون في غالبية بلدان العالم تحولت إلى مصانع لتفريخ الإجرام وتبادل الخبرات الإجرامية وتطويرها"، مردفا بأنّ "هذا دفع إلى ظهور فكرة التأهيل، من خلال النظرة إلى مرتكب الجرم على أنه إنسان مريض، أتى فعْلا غيرَ متفق مع القيم المجتمعية، نتيجة أسباب اجتماعية وثقافية ونفسية يمكن تشخيصها، وتحديد عناصرها، ثم معالجتها، بُغية تضييق بوابة الجريمة".
وبخصوص الأطفال القاصرين، قال منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إنّ الطفل له مجموعة من الحقوق على المجتمع، على رأسها الحرية والأمان الشخصي، وعدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية في التربية، والحصول على مستوى معيشي ملائم، وتلقي العناية الصحية، والوعي بحقوقه وغيرها من الحقوق التي يفرضها القانون وتفرضها الأخلاق.
وشدد المتحدث ذاته على أن صيانة هذه الحقوق تعتبر قضية محورية، تتجاوز النصوص القانونية والمساطر القضائية، والاعتراف بإنسانية الطفل كقيمة وككيان، وما يفرضانه من حقوق وحصانة، معتبرا أنّ "هناك ما هو أفظع من تجاهل القانون، وهو عدم الاعتراف بالطفل كإنسان، وعدم صيانة حقوقه وحرياته الأساسية".
وحذر جمالي من العواقب الوخيمة التي يفرزها عدم الاعتراف بالطفل ككيان، بقوله: "إن إنكار إنسانية الطفل يقضي على إمكانية تصور احتضانه ونمائه وتنشئته اجتماعيا، وتكريس التعامل معه بالعقاب وفي نظام العدالة التقليدية يدفعه إلى مراكمة العنف والقسوة في دواخله، وتوجيه فوّهتهما تجاه القيَم المحمية جنائيا"، وتابع: "الاعتراف بالطفل كإنسان كامل الحقوق أمانة وديْن في عنقنا، فإذا لم نعترف به ولم نؤمّن له ذاته فلن يعترف بمؤسساتنا؛ فمن يتعرّض كيانه للتهديد لا يمكن أن يبني ذاته أو يبني المجتمع".
وقد يهمك أيضاً :