الرباط_ المغرب اليوم
شاب ألماني اكتشف إمكانية تقوية ذاكرته بالصدفة خلال مشاهدته برنامج تلفزيوني، وبقوة العزيمة وتمارين خاصة تمكن من كسب بطولة العالم في قوة الذاكرة.
يوهانيس مالوف يكشف سر نجاحه بأنه يخترع قصصا شيقة للأشياء حتى يتمكن من حفظها.
نظر الألماني يوهانيس مالوف إلى 52 ورقة “كوتشينة” تستخدم في لعبة البوكر. وبعد 40 ثانية فقط وضع مالوف، البالغ من العمر 32 عاما، هذه الأوراق جانبا ثم يرتب أوراق “كوتشينة” أخرى بنفس ترتيب الأوراق الأولى التي نظر إليها. وقد يقول المتابع لهذه العملية من الخارج إن هذا أمر مستحيل، ولكنه لا يعدو تدريبا عاديا جدا بالنسبة لبطل العالم في قوة الملاحظة والحفظ الذي يجلس على مقعد متحرك.
بدأت قصة يوهانيس مالوف بمشاهدة برنامج تلفزيوني قبل عشر سنوات رأى فيه كيف استطاعت العارضة الألمانية فيرونا بوت حفظ رقم من عشرين عددا، عندها قال مالوف لنفسه: “إذا كانت هذه السيدة تستطيع ذلك فلابد أن أستطيعه أنا أيضا.” وبدأ ينشغل بهذا الموضوع واطلع على صفحة “ميموري اكس ال” التي تهتم بتقنيات تقوية الذاكرة، وعثر هناك على مدرب إلكتروني على قوة الذاكرة.
وهكذا بدأ مالوف في التدرب، وكانت النتيجة مفاجئة لمالوف الذي كان طالبا آنذاك “حيث تمكنت من حفظ ترتيب 52 ورقة كوتشينة خلال 13 دقيقة، لقد كان ذلك غريبا”. في هذه الأثناء، أصبح مالوف بطل العالم الحالي في قوة الذاكرة ويحتفظ بالرقم القياسي في قوة الذاكرة بتصنيفاته الثلاثة. ويستطيع مالوف حفظ 132 يوما تاريخيا خلال خمس دقائق وحصد بالفعل أكثر من 20 كأسا. وهو يتدرب 30 دقيقة يوميا من أجل الحفاظ على قوة ذاكرته. وعن سر نجاح مالوف قال يوهانيس بيرناردينغ من معهد القياسات الحيوية والمعلوماتية الطبية:”الانضباط غير العادي من أهم شروط نجاحه”.
ولكن كيف يستطيع مالوف حفظ مثل هذا الكم في هذا الوقت القصير؟ وعن هذا السؤال يجيب مالوف قائلا:”أخترع قصصا لحفظ كل شيء، لابد أن تكون القصة جديرة بالملاحظة”. ومن الممكن حسب مالوف استخدام أسلوب الطرق أو طريقة السبل في حفظ الأرقام والوجوه والأسماء والتواريخ أو الصور المطلقة. وخلال هذه الطريقة يسير الإنسان في طريق معروف له، كأن يتجول في شقته على سبيل المثال، وخلال سيره في هذه الطريق يربط نقاطا مع الأشياء التي يريد حفظها في ذاكرته.
ولدى مالوف 30 من هذه المسارات في رأسه بالإضافة إلى عدة آلاف نقطة. ويوضح أندريه بريشمان، أستاذ علم الأعصاب في معهد لايبنيتس الألماني:”رياضيو الذاكرة يستخدمون حيلة إستراتيجية تمثل فيها الأشياء أرقاما، أعتقد أن باستطاعة الجميع تعلم هذه الحيلة لأنها تعتمد على استغلال قدرات يتمتع بها المخ بالفعل”.
كما تبين للأستاذ بريشمان في إحدى الدراسات أن الفروق ضئيلة في نشاط المخ لدى الذين يمارسون رياضة حفظ الأرقام والذين لا يمارسونها “ولكن تبين وجود نشاط أعلى في نظام المخ لدى ممارسي هذه الرياضة وهو النظام الضروري أيضا في التجول بين الأرقام وذلك بسبب تقنية الطرق التي يستخدمها هؤلاء الرياضيون”. وهناك دافع آخر وراء اهتمام مالوف برياضة قوة الذاكرة “فأنا لا أحتاج لجسمي في هذه الرياضة، بل أحتاج رأسي فقط”. الجدير بالذكر أن مالوف أصيب منذ عامه الرابع عشر بمرض ضعف العضلات وانكماشها، لذلك فهو يلازم مقعده المتحرك منذ عام 2011، وعندما ساءت حالته الصحية بدأ في تدريب ذاكرته إلى أن أصبح العام الماضي بطل العالم في قوة الذاكرة.
وعن نجاحه يقول مالوف: “أتجاوز دائما وبقوة حدود قدراتي الشخصية، أرتكب الكثير من الأخطاء في البداية، ثم أناضل من أجل تفادي هذه الأخطاء، أنا راض عن حياتي، لولا مرضي لما أصبحت على الأرجح متقدما بهذا الشكل في هذه الرياضة”. ويحتاج مالوف لمخه أيضا على مستوى الوظيفة فهو باحث في كلية الطب بجامعة ماغدبورغ وهو بصدد كتابة رسالة الدكتوراه الخاصة به وهي عن كيفية الوصول بصور أشعة الرنين المغناطيسي إلى أفضل مستوى لها.
ولا يفكر مالوف/32 عاما/ في التوقف عن نشاطه، بحيث يقول: “فأنا أنوي الاحتفاظ ببطولة العالم في قوة الذاكرة واكتشاف ما يمكنني فعله في هذا الاتجاه، لم أعثر بعد على السقف الذي يحد قدراتي”.