برلين - د.ب.أ
لجنة تحكيم مسابقة البوبز – أفضل النشاطات الالكترونية اختارت الفائزين من بين المشتركين. بعد يومين من الاجتماعات في برلين العاصمة ، وقع الاختيار على صفحة مصعب الشامي الناشط والمصور من مصر لمنحها جائزة أفضل مدونة.
يجازف بحياته متسلحاً بكاميرته لالتقاط صور من قلب الحدث. يريد توثيق الأحداث سواء في المواجهات في شوارع القاهرة أو التظاهرات في الميادين، أو حتى كذلك لالتقاط صورة عابرة، المدون المصري مصعب الشامي حاضر دائماً في قلب الحدث. في مقتبل العمر حيث لم يتجاوز ثلاثة وعشرين ربيعاً ، ويعاش فترة الإطاحة بالرئيس حسني مبارك وهو طالب في كلية الصيدلة، حينها كان التصوير مجرد هواية بالنسبة له.
مع الثورة المصرية تغير الحال ، إذ اكتشف الشامي الرسالة التي يمكن أن توصلها الصور القادمة من قلب الأحداث. "كان علي أن أخرج" جملة قالها خلال مقابلته عبر سكايب مع DWمضيفاً "رأيت أن من واجبي التقاط هذه الصور ولاحظت بعدها أن عدد الراغبين في مشاهدتها بازدياد.“
توقف عن الدراسة وبدأ العمل كمصور صحفي. وسرعان ما كان النجاح حليفه. فقد انتشرت صوره على صفحات وسائل الإعلام العالمية مثل مجلة تايم وباريس ماتش ونيويورك تايمز، أو حتى كذلك مجلة الموسيقى رولينغ ستون. عمل لوكالات الأنباء العالمية واحتلت صوره صفحات أغلفة المجلات العالمية، فنال العديد من الجوائز ، ويحسب اليوم في عداد الآن كبار الصحفيين في العالم. حقق مصعب نجاحا باهرا رغم صغر سنه.
صور دون رقابة صحفية
ينشر صوره على تويتر وفيسبوك وفليكر وكذلك على صفحته الخاصة، والتي لا يمكن اعتبارها مدونة عادية، بل هي عبارة عن موقع يسرد مصعب فيه قصصه. قصص مصورة عن الحرب والاضطهاد والظلم وكذلك الحزن. وفي كل هذا يوثّق بكاميرته الحياة اليومية البسيطة، مقتنصا ضحكات الأطفال خلال استمتاعهم بأكل البوظة ، أو ملابس منشورة على أسطح المنازل، صور تظهر الحياة الطبيعية في الأوقات العصيبة.
قربه من الناس واضح في كثير من صوره، فهو يقدم المشاعر بعيداً عن التنقيح الصحفي، فالوجوه تعبّر عن اللحظة التي التقطت بها الصور، دون أن يكترث الناس بالكاميرا الموجهة إليهم، والشامي يعلم أن التقاط مثل هذه الصور ليس سهلا بالمرة : "آخر ما يريد الناس مشاهدته في هذه اللحظات هي الكاميرا، لذا عليّ أن أتعلم الاقتراب من الأشخاص الذين أريد تصويرهم بحذر شديد."
وسط الأحداث والمواجهات اضطر مصعب الشامي الى التصوير بسرية، عالما بالمخاطر التي تحيط به ، إلا أن كاميرته كانت جاهزة دائما، وكذلك عينه.
بعض صوره تعتمد على الصدفة، فقد صور رجلاً بين الجموع بعدة لقطات، وسرعان ما أصيب هذا الرجل بعيار ناري في الرأس. فقد عاش الشامي مثل هذه اللحظات، وقام بتوثيقها، صور تظهر آباء يحضنون أبناءهم القتلى، ونساء يبكين أزواجهن في لحظات تعم فيها الفوضى العارمة. هذه القصص الصغيرة وسط أحداث كبيرة، ألهمت الشامي ومنحت صوره تميزاً فريدا.
الصور تحكي الكثير
كثافة الصور أقنعت عضو لجنة التحكيم عن اللغة العربية، طارق عمرو قبل ترشيح موقع مصعب الشامي. "هذه المدونة تنقل لنا أحداثاً لا نجدها في وسائل الإعلام العادية،" يقول عمرو. "فهو يظهر جوانب مختفلة للحياة في مصر، لا تصل للمواطن العادي بشكل عام، خاصة وأن الكثير منها يأتي من مناطق لا يصلها إلا بعض المواطنين." ولذا يذهب المصور إلى هذه الأماكن لتنطلق منها قصصه المصورة، كما يصفها الشامي.
ترشيحه لمسابقة البوبز لم يكن عاديا، خاصة وأن موقعه ليس مدونة عادية. إلا أن لطارق عمرو نظرة مختلفة: "تتنافس في مسابقة البوبز 14 لغة. ولكن مصعب لا يحتاج إلى لغة. فهو ينشر صوراً - ولا حاجة لفهم لغته الأم لفهم ما الذي يريد قوله."
وهذا ما أقنع أعضاء لجنة التحكيم الخمسة عشر،فاختاروا موقع مصعب الشامي لجائزة "أفضل مدونة" ليُتوج بذلك فائزا بالجائزة الرئيسية للعدد العاشر من مسابقة بوبز. الأمر الذي اعتبره المصور الشاب شرفا عظيما: "تُبرز مسابقة البوبز منذ عدة سنوات ما يقوم به الناس خلف الكواليس، ولذا فأنا سعيد بشكل خاص لأن هذه الجائزة ستزيد من الاهتمام بي وبعملي." وهكذا ستكون جائزة البوبز بالنسبة له حافزا جديد لأجل المواصلة، وهو يأمل أنّ مزيدا من القصص يمكن أن تُحدث تغييراً ولو بسيطاً في بلده مصر.