برلين - المغرب اليوم
دنا علي الصقلي حسيني من إكمال ثلاثة عقود في المجتمع الألماني، مفتخرا بهذه المرحلة الحياتية التي شحذت مختلف المكتسبات التي جاءت من عقدين أمضاهما في قلب المغرب.
خبر حسيني التكوين اللغوي والمعلومياتي في "بلاد الجرمان"، لكن الخبرة الأكبر يحددها في استفادته من المزاوجة بين ثقافته المغربية ونظيرتها الألمانية، لتقوية شخصيته الملأى بالطموحات.
فاس واللغة الألمانية
ازداد علي الصقلي حسيني في مدينة فاس، أواسط عقد السبعينيات من القرن الماضي، وبهذه الحاضرة التاريخية تدرّج في استجماع الخبرات الحياتية حتى التوجه إلى ألمانيا.
بدأ الصقلي حسيني تعليمه من مدرسة الدوح الابتدائية، ثم عرج لاحقا على ثانوية المولى إدريس، خلال الطور الإعدادي، قبل الحصول على الباكالوريا في ثانوية المولى سليمان.
حرص علي على دراسة الألمانية كلغة أجنبية ثانية في المرحلة الثانوية، عكس الموجة السارية بالإقبال على الإنجليزية، مبررا ذلك بتأثير كرة القدم الألمانية التي عشق تتبع أدائها تلفزيا.
إلى رحاب أوروبا
يقول علي الصقلي حسيني إنه ابتغى البحث عن آفاق مستقبلية أرحب دراسيا بقصد الديار الأوروبية، مركزا على ألمانيا التي عرف الكثير عن ثقافتها جراء ضبط لغتها مسبقا.
ورغم انخراطه في التعليم العالي بـ"ظهر المهراز"، في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، إلاّ أنه لم يصبر غير سنة واحدة، لا غير، ثمّ انخرط في تجربة الهجرة.
ويشدد الصقلي حسيني على أن أساس حسم هذه الخطوة كان دراسيا صرفا، مبتغيا الاستفادة من الإمكانيات المتاحة في ألمانيا، زيادة على معرفة المجتمع الألماني عن قرب.
صعوبات اعتيادية
"لا يمكن الحديث عن وجود صعوبات بعينها تلاقي الراغب في الاستقرار بألمانيا، إنما هي نتيجة عادية لتقلب الظروف الحياتية لا أكثر"، يقول المترعرع في مدينة فاس.
ويضيف علي في الإطار نفسه: "ما عشته في ألمانيا يمكن أن يلاقيه أي شخص انتقل من مجتمع محافظ إلى آخر منفتح، أو حتى المنتقل من فاس إلى مدينة قريبة منها".
ويستدرك المتحدث نفسه: "الطريق لم يكن مفروشا بالورود طبعا، لكنّ الألمان قدموا لي، شخصيا، كل التسهيلات التي تجعلهم يستحقون موفور الشكر وكل التقدير".
تخصص في اللغات
واصل علي الصقلي حسيني تكوينه الأكاديمي في جنوب جمهورية ألمانيا الفدرالية، في "كيميسهايم"، مقبلا على التخصص في الترجمة بجامعة المدينة نفسها.
تحصل المغربي ذاته على ماجستير في التكوين الذي عكف على استيفاء أطواره المتتالية، ثم حصل على تسمية ترجمان محلف من محكمة المنطقة التي استقر بها.
أقبل علي على افتتاح مكتب للترجمة خاص به في "دوسلدورف"، سنة 2002، وبين جدرانه يواصل تقديم خدمات، إلى حد الآن، لقاصديه من المغاربة والجاليات العربية.
عطاءات متعددة
حظي المنتمي إلى صفوف "مغاربة العالم" باعتراف من المحكمة العليا في "دوسلدورف" يجعله مترجما محلفا مقبولا لديها، بينما أداؤه يمتد بين ميداني القانون والاقتصاد.
ويقول علي الصقلي حسيني إن عمله يهتم بتوفير الحاجيات الخاصة بالأفراد، لكنه يمتد أيضا صوب المؤتمرات الاقتصادية والقانونية التي يحتاج مشاركون ضمنها ترجمة عربية ألمانية.
"مكتبي المتخصص في الترجمة يعمل، كذلك، على الاشتغال مع التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية المتعاملة باللغة العربية في ألمانيا، كما يتعاطى مع عرب وافدين من أجل فهم كيفية الاستثمار".
الحاضر والمستقبل
يؤكد "ابن فاس" رضاه التام عما تحقق له إلى غاية الآن، مضيفا أن "من الإجحاف نيل انطباع مغاير عن التجربة المتميزة التي عاشها فوق الأراضي الألمانية".
وبفعل عشقه للمعلوميات، إذ انخرط في دراسة مكنته من دبلوم في البرمجة الرقمية بمدينة "لايبسيتش"، يحلم علي الصقلي حسيني بمشاريع مستقبلية تمزج الترجمة والرقمنة.
ويفسر الترجمان المحلف قائلا: "أريد الانتقال إلى خدمات على السكتين معا؛ فنحن نعيش عولمة استثمارية تكسب الأوروبيين والعرب، وبالإمكان ترجمة الواجهات الإلكترونية الرسمية للطرفين حتى يتعزز التقارب بينهما".
هجر الأنانية
يجاهر علي الصقلي حسيني بتشجيعه الشباب على إغناء تجاربهم الحياتية من خلال الهجرة، ويضيف أنه لا يشجع كل المغاربة على الخروج من المملكة لأن الوطن يحتاج عقوله وسواعده للتقدم.
ويزيد مستجمع ربع قرن من الاستقرار في ألمانيا: "تسارع الإيقاع العالمي لا يتيح التقوقع في بلاد واحدة، بينما منتهى الأنانية هو أن يعتبر الشخص، كيفما كان بلده، أن ما لديه متفرّد دوليا".
علي الصقلي حسيني يعتبر أن التمتع بالانفتاح من الحقوق الأصلية للبشر، مثلما لكل شاب حرية تحديد مساره ومستقبله، ويسترسل: "المغاربة يعيشون وعيا كبيرا قابلا للصقل بتجارب دولية، منها المتاحة في ألمانيا وأخرى ببلدان غيرها".
قد يهمك ايضا
القنصلية المغربية تعقد لقاءً تواصليًا مع رؤساء جمعيات ثقافية ودينية في فرانكفورت
حملات الانتقاد تتسع داخل المجتمع الألماني ضدَّ سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها أنجيلا ميركل