نيويورك - أ ش أ
رأى الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أن أنسب عنوان يناسب الرئيس باراك أوباما إذا ما نوى كتابة مذكراته السياسية هو "لا ترتكب حماقات".
ونوه - في مقال نشرته صحيفة " نيويورك تايمز" مساء اليوم الأحد- عن أن سياسة أوباما لم تضر بالمصالح الأمريكية؛ فبموجب تلك السياسة يمكن عمل كل شيء في معية الحلفاء مع التأكيد على أن استخدام القوة ليس معيار الجدية الوحيد.
وأشار فريدمان إلى تذكير أوباما في خطاب له الأسبوع الماضي بأن الحروب التي كبدت أمريكا خسائر أكثر من غيرها كانت تلك التي افتقرت إلى استعداد مناسب أو حلفاء كافيين والتي لم تشهد مصارحة الشعب الأمريكي بحجم التضحيات المطلوبة.
واستدرك الكاتب بالقول إن وضعا مثل ذلك الموجود بإقليم كردستان على مقربة من أكبر حرب أهلية على ظهر كوكب الأرض بين السنة والشيعة الممتدة من إيران مرورا بالعراق وسوريا ووصولا إلى لبنان- إن وضعا كهذا كفيل بأن يدعو أوباما لاختيار عنوان آخر لمذكراته هو "موجود في زمن التفكك".
وأوضح فريدمان أن زمن أوباما في الرئاسة تواكب مع تفكك العالم على نحو غير مسبوق مؤخرا، وقال إنه إذا كان جورج بوش الأب تعامل بمهارة مع انهيار الاتحاد السوفياتي وبيل كلينتون كان أول رئيس اضطر لإطلاق أول صواريخ عابرة ضد شخص هو أسامة بن لادن في أفغانستان في حرب هي الأولى من نوعها بين قوة عظمى ورجل قوي غاضب، وإذا كان جورج بوش الابن رد على هجوم بن لادن على أمريكا في 11 سبتمبر بشن اجتياحين - فإن أوباما ورث نتائج هذه التصرفات جميعا وأكثر بكثير.
وأشار الكاتب إلى أن أوباما وجد نفسه في مواجهة عدد من الرجال الأقوياء الغاضبين من اليمن إلى باكستان، وفي مواجهة تطلعات روسيا التي لا تزال خطيرة رغم ضعفها، بالإضافة إلى حالة من التفكك والانهيار تعيشها الدول العربية، واتجاه إيران صوب امتلاك سلاح نووي.
ورأى فريدمان أن التعاطي مع كافة تلك المعطيات المتزامنة مع بعضها البعض كان بمثابة تحد لأوباما على الصعيد المنهجي والتكتيكي، لا سيما في ظل حالة من الإجهاد يعانيها الشعب الأمريكي وركود اقتصادي انعكس بدوره على الإنفاق العسكري.
ومضى صاحب المقال قائلا "ربما يفضل أوباما عنونة مذكراته في السياسة الخارجية هكذا باسم "موجود في زمن إعادة التكامل".
وقال فريدمان إنه كان من السهل نسبيا أن يكون الرئيس الأمريكي بطلا على صعيد السياسة الخارجية لو كان المشروع الرئيسي على هذا الصعيد يتمثل في مجرد ردع قوة عظمى أخرى عبر زيادة الإنفاق العسكري، وهو أمر لا يزال ضروريا في مجابهة تطلعات روسيا والصين ، ورأى الكاتب أن أوباما يبلي بلاء حسنا في هذا الصدد... ولكن عندما يتعلق الأمر بدول تنهار أو منطقة كاملة تنغمس في حرب أهلية وليس الردع من بين الحلول وإنما تغيير المجتمعات على صعيد ما حدث في العراق وأفغانستان وأنفقت فيه أمريكا نحو 2 تريليون دولار- عندئذ يمكن الوقوف على ما يبرر حذر أوباما من التدخل في سوريا.
وأكد صاحب المقال أن الأمر في سوريا لم يكن لينتهي بمجرد إرسال المزيد من الأسلحة إلى "مناصري الديمقراطية" في سوريا وهذا ما أكدته الأيام.
واختتم فريدمان مقاله بالتشديد على أنه لا مكان لحل عسكري في الأزمة السورية، وأن على كل من إيران وروسيا المشاركة في وضع حل دبلوماسي.. وأن الاختيارات الباقية أمام أوباما على صعيد السياسة الخارجية هي من هذا النوع غير الرومانسي الذي يستغرق وقتا.. ووجّه فريدمان كلامه لمنتقدي السياسة الخارجية الأمريكية قائلا "قليل من التواضع من فضلكم".