واشنطن ـ المغرب اليوم
توصل المختبر الكيميائي في جامعة رايس الأميركية إلى طريقة يمكنها تحويل الكميات الكبيرة من أي مصدر حاوٍ للكربون، مثل بقايا الطعام كقشور الموز، إلى رقائق غرافين قيمة، يمكن استخدامها في صناعة الإسمنت، وذلك عبر عملية سريعة ورخيصة، تم الإعلان عن تفاصيلها في دراسة نشرت في دورية «نيتشر» نهاية يناير (كانون الثاني) 2020.ووفق تقرير نشره موقع جامعة رايس، بالتزامن مع نشر الدراسة، فإن هذه التقنية يمكنها تحويل طن من بقايا الطعام، أو البلاستيك، إلى غرافين، ولا تحتاج الطريقة المستخدمة لتحقيق ذلك إلى تكلفة عالية، بل إن تكاليفها بسيطة جداً، مقارنة بطرق إنتاج الغرافين الأخرى.
والغرافين مادة مشتقة من الكربون، لها بنية بلورية سداسية الشكل تشبه قرص العسل، وتجمع بين كونها خفيفة وصلبة، حيث يعادل سمكها ذرة كربون واحدة، وهي في الوقت نفسه تعتبر من أكثر المواد المعروفة متانة، وتدخل في كثير من التطبيقات مثل صناعة الإلكترونيات وتحلية المياه وصناعة فلاتر (راشحات) التنقية من الملوثات.
وتستغرق عملية تحويل النفايات التي تحتوي على الكربون إلى تلك المادة السحرية في الطريقة الجديدة المبتكرة نحو 10 مللي ثانية عن طريق تسخينها إلى 3 آلاف درجة حرارة بمقياس كلفن (2726.85 درجة مئوية)، داخل مفاعل مصمم خصيصاً لتسخين المواد بسرعة. وتؤدي هذه العملية إلى أن جميع العناصر غير الكربونية تصدر كغاز، مثل الأكسجين والنيتروجين، بحيث يمكن محاصرتها جميعاً كجزيئات صغيرة يتم توجيهها في تطبيقات أخرى.وتنتج عملية التصنيع القليل من الحرارة الزائدة، لأن طاقة الحرارة توجه جميعها تقريباً إلى الهدف، والمفاعل المستخدم يكون أكثر سخونة بثلاثة أضعاف من أفران ترسيب البخار الكيميائي التي استخدمت سابقاً في صناعة الغرافين، وتخرج كل الطاقة الزائدة كضوء، ولأنه لا يوجد أي مذيبات، فهي عملية نظيفة للغاية.ويقول جيمس تور، مدير المختبر الكيميائي في جامعة رايس والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير الجامعة «هذه الطريقة غير مكلفة بالمقارنة مع تكلفة الغرافين المصنع بالطرق التقليدية، والذي يتراوح سعر الطن منه بين 67 ألف و200 ألف دولار، والمواد المرشحة للاستخدام هي نفايات الطعام والنفايات البلاستيكية وفحم الكوك والفحم ومشابك الخشب والفحم النباتي».
واستخدم الفريق البحثي الغرافين المصنع في تحضيره إسمنت البناء، حيث وجد أن تركيزاً أقل من 0.1 في المائة من الغرافين في الإسمنت المستخدم لربط الخرسانة يمكن أن يقلل من تأثيره البيئي الهائل بمقدار الثلث، ومن المعروف أن إنتاج الإسمنت ينبعث منه نحو 8 في المائة من ثاني أكسيد الكربون الصناعي كل عام».ويوضح تور «من خلال تعزيز الإسمنت باستخدام الغرافين، يمكننا استخدام قدر أقل للبناء، كما أننا باستخدام النفايات في إنتاج الغرافين نكون حبسنا غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان التي قد تنبعث من مدافن النفايات، فنحن أمام سيناريو بيئي رابح باستخدام الغرافين».ويضيف: «إلى جانب الربح البيئي، فإن هناك ربحاً مادياً، حيث يؤدي استخدام الغرافين إلى تكلفة تصنيع أقل للإسمنت ومن ثم تكلفة أقل في البناء».
واستخدام الغرافين في مواد البناء هو الاستخدام الأسهل الذي استهدفه الفريق البحثي، لكن هناك استخدامات أخرى أكثر تعقيداً، لكنها مربحة بشكل أكبر وهي استخدامه في صناعة الإلكترونيات، كما يقول الدكتور محمد السيسي، المدرس بكلية العلوم جامعة بنها في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط».ولا يحتاج الاستخدام في صناعة الإسمنت إلى صفة التجانس في الأقطار والصفات الخاصة بمادة الغرافين، لكن استخدامها في صناعة الإلكترونيات يحتاج إلى جهد آخر، إذ يتعين حينها العمل على تطوير صفات الغرافين المنتج، وتحسين كفاءته في التوصيل الكهربائي.ويقول السيسي: «الميزة الأساسية للبحث كانت في إنتاج الغرافين بطريقة رخيصة من بقايا الطعام مثل قشور الموز وخلافه، لكن تطبيق المنتج في صناعة الإسمنت، فهو الاختيار الأسهل».
وقد يهمك أيضا" :
باحثة-مغربية-تتوّج-بجائزة-أفضل-عرض-شفوي-تلوث-المياه-بالشوائب-المعدنية
-تعميم-حاويات-تساعد-على-فرز-النفايات-في-بادرة-هي-الأولى-في-مدينة